kayhan.ir

رمز الخبر: 136164
تأريخ النشر : 2021August22 - 19:58

لماذا إصرار الكتل السياسية على حقائب وزارية معينة؟

 

د. وفيق ابراهيم

هذا الأمر ليس بريئاً لأنّ الحقائب الوزارية تحمل في مضمونها مالاً عاماً للإنفاق على مشاريع كما هو مفترض، وتسمح بحركة تعيينات قد تشمل آلاف الوظائف في بعض الأحيان.

فالحقيقة انّ الجزء الأكبر من الوظائف أدى الى الإفلاس الحالي الذي يضرب لبنان.

لأنه تحوّل الى حركة نهب منظم لأموال المشاريع التي بدأت تقفز الى جيوب السياسيين من الوزراء الممسكين بها هذا بالإضافة الى تحويل الوظائف العامة الى ميدان لتعيينات استولدت زبائنية عريضة ملأت الإدارات بموظفين يعملون بالولاء السياسي في خدمة السياسيين الذين عيّنوهم وأصبحوا يتشاركون في سرقة الأموال العامة مع الوزراء، وهكذا تحوّلت الإدارة العامة الى مفسدة يسيطر عليها الوزراء والموظفون ويؤسّسون للانهيار الذي يشهده القطاع العام.

الأمر نفسه بالوتيرة نفسها تجري عمليات تشكيل الحكومات الحالية استناداً الى قاعدة الاهمية الوظيفية للحقائب. فنرى ان سعد الحريري عجز عن تشكيل حكومة جديدة لخلاف على الحقائب، وهذا ما حدث مع المكلف نجيب الميقاتي الذي ينتقل بين القصر الجمهوري ورئاسة الحكومة ومنازل السياسيين للعثور على تشكيلة حكومية ترضي اللاهثين خلف الحقائب والمال العام.

بذلك يتضح انّ تشكيل الحكومات في لبنان ليس مسألة البحث عن أفضل وسيلة للازدهار العام بل أحسن طريقة للإمساك بالقطاع العام.

هذا المشهد اللبناني لا مثيل له في العالم، حتى في الدول العربية الحديثة التكوين، قد يكون موجوداً نسبياً في بعض دول العالم الثالث، لكن النموذج اللبناني بقساوته لا مثل له، ولعله السبب الأساسي في الانهيار الكبير الذي تشهده بلاد الأرز.

لكن هذا الوضع أصبح استمراره صعباً وذلك للإفلاس الكبير الذي أطاح بلبنان، يكفي انّ هذا البلد يحتاج لصناديق ومساعدات دولية وعربية للنهوض وإلا فإنّ مستقبل كيانه السياسي دخل دائرة الغموض، فهل تفكر الدول الكبرى الراعية للبنان بحلول مأساوية للكيان السياسي اللبناني يضمّ الفلسطينيين والسوريين وقسماً آخر من أقصى الأرض!

لكن القوى السياسية الداخلية في لبنان قادرة حتى الآن على منع الانهيار التاريخي الكبير، فهناك حزب الله رأس القادرين على منع ايّ انهيار لبناني على مستوى الكيان.

كما انّ التجمعات اللبنانية الأخرى ليس بمقدورها تشكيل زوايا قادرة على الانفصال، هذا بالإضافة الى انّ القوى الأميركية والفرنسية من جهة وسورية وايران من جهة ثانية لن يسمحوا بأيّ حركات انفصالية، فهناك طرف لبناني وحيد بوسعه تشكيل بيئة انفصالية وهو حزب الله الذي يرفض ايّ اتجاه للتخلي عن بلاد الأرز لأسباب تتعلق بإصراره على مجابهة «إسرائيل» والتحالف مع سورية والفلسطينيين وإيران، فلبنان بالنسبة للحزب مركز توازنات لردع الهيمنة الأميركية ومجابهة «إسرائيل» والتصدي للدورين الفرنسي والانجليزي.

كيف يمكن إذن بناء لبنان لا يقبل بنهب الدولة على الطريقة التقليدية ويجابه العدوان «الإسرائيلي» المستمرّ ويسعى في الوقت نفسه الى تحقيق داخلي يضرب الفساد الداخلي الكبير.

هذه المطالب مستحيلة التحقيق لدى الطبقة السياسية اللبنانية، ويبدو انّ حزب الله منفرداً بوسعه أداء هذا الدور التاريخي الكبير، لكن مشاكله تصبح قابلة للازدياد، فإلى جانب صراعه المستمر مع العدو «الإسرائيلي» والإصرار الأميركي ـ الفرنسي على لبنان الموالي للغرب الى جانب الدور السياسي المتدحرج الذي أصبح حزب الله وحلفاؤه يؤدّونه في الداخل، فإنّ ايّ هيمنة داخلية للحزب وحلفائه لن تبقى يتيمة ولن تؤدي إلا الى تركيب الحلف الغربي مع القوى اللبنانية الداخلية بالتحالف مع الخليج و»إسرائيل» الى تحويل ميدان لبنان الى ساحة حرب. يبدو انّ لدى حزب الله ما يفعله إزاء هذه الخطط لكنه يترقب اللحظات المناسبة…