السعوديّة والإمارات تتصارعان على الدور الأول عند الوالي الأميركيّ
د. وفيق إبراهيم
ضحايا هذا الصراع هم عشرات الدول العربية تغزوها الدراهم والريالات ومنظمات إرهابيّة من أنحاء الأرض، ليست لديها إلا مهمة الذبح والقتل والسحل وتعميم نماذج الدول في القرون الوسطى.
اليمن نموذج مباشر لهذا الصراع العنيف على الدور بين دولتين هما السعودية والإمارات يفترض أنهما حليفتان وتعملان على غزو اليمن في إطار تحالف كبير منذ خمس سنوات تقريباً.
هذا الحلف بتغطيات أميركية وبريطانية جوية اجتاح اليمن، لكنه لم يكتفِ بصدّه بل انتصر عليه وانتقل الى هجوم يهدّد حالياً حتى الداخل السعودي.
هذا ما كشف الأهداف الحقيقية للتحالف السعودي – الاماراتي الذي تحول صراعاً بينهما للاستحواذ على اليمن الجنوبي، وذلك في محاولة مكشوفة من الطرفين بشكل منفصل للاستئثار بالاهتمام الأميركي وتعيينه وكيلاً له وعنه من اليمن حتى سورية، ومن القرن الأفريقي حتى عمق القارة السوداء.
إنه صراع سعودي – إماراتي مكشوف يرتدي شكل قتال عنيف في مناطق عدة بشكل عسكري وبالمال في بقية المناطق، فكيف يصدق المتابعون أن اتفاقاً إماراتياً – سعودياً أفضى منذ أسبوع الى تشكيل حكومة يمنيّة من ثلاثين وزيراً للسعودية فيها عشرون وزيراً مقابل عشرة للإمارات، فكيف يصدقون ان هذا الأمر أدى أمس الى تفجير مطار عدن مع هجمات متقطعة على مواقع حكومية وتوتير عسكري يشبه مرحلة ما قبل اندلاع الحرب في معظم مناطق جنوب اليمن المحتل.
لقد بات اليمن مهدّداً بالتفتيت الى اكثر من يمنين في لعبة الصراع على النفوذ بين الإمارات والسعودية ولولا الصمود الشمالي وتحوله قوة هجوم لكان اليمن اليوم في مرحلة تعدّدية تناقض حقائق تاريخ، وبالتالي هي دولة موجودة قبل الإسلام عمرها الحقيقي يزيد عن اعمار دول الخليج بأكثر من ألفي عام على الاقل.
كل هذه العراقة لا تمنع السعودية والإمارات من تهشيم اليمن لمصلحة الأميركيين وحيازة تأييدهم لممالكهم.
الوضع نفسه يجري في العراق حيث زجّت السعودية بآلاف الانتحاريين في مشروع وحيد لتفتيت العراق، وجعله عاجزاً حتى عن تركيب ثلاث دول كما يريد الأميركيون، كما ان الإماراتيين نثروا دراهمهم على كل انواع الإرهاب وصولاً الى كردستان التي مولوا جيشاً لها والوسط، حيث لعبت أموالهم دور المحرّض المذهبي، لكن اللعبة هنا ذهبت نحو انهاك العراق وتجزئته، من جهة ونحو صراع سعودي إماراتي للاستئثار بالأهمية الأميركية من ناحية ثانية.
كذلك سورية التي أدار الطرفان السعودي والإماراتي أكبر عملية دعم للإرهاب فيها، انما بشكل غير تنسيقي فيما بينهما، كان يصل في معظم الأحيان الى مرحلة الصراع العنيف.
ففيما واصلت السعودية الى حدود دعم تنظيمات الاخوان المسلمين في سورية بعد فشل داعش والنصرة وغيرهما، رفضت الإمارات هذا الدعم وظلت على موقفها الرافض لأي تعاون مع الاخوان.
إن هذا الصراع انتقل الى ليبيا، حيث تحاول الإمارات الإمساك بدولة حفتر من طريق الدعم المالي والإسناد المصري على حساب الدور السعودي، علماً ان الطرفين معاً مكلفان من قبل الأميركيين بمحاولة تحجيم الدور الروسي الداعم بدوره لدولة حفتر في مواجهة دولة السراج المسنودة من تركيا.
وينسحب هذا الصراع السعودي – الإماراتي على حركتيهما في تونس والسودان والجزائر. وفيما أوقفت الإمارات مساعداتها لوكالة الأونروا لا تزال السعودية تؤدي المتوجب عليها، علماً أن الأطراف السعودية والإماراتية والإسرائيلية تسدد رواتب نحو مئتين وتسعين الف موظف فلسطيني من الضفة الغربية خصوصاً العاملين في إطار سلطة محمود عباس والسبب الأساسي للصمت الذي تلتزم به الضفة الغربية في أصعب مرحلة تمر بها القضية الفلسطينية.
وفيما لا تخجل الإمارات من الزعم بأن المناورة الفلسطينية الأخيرة التي نظمها ابطال قطاع غزة بأنها مناورات إيرانية يقول الإعلام السعودي بأنها مناورات مدعومة من إيران.
بذلك يمكن الاستنتاج بأن حركة فوضى وتفجير وتفتيت تجتاح عالم العرب بقرار أميركي تنفذه السعودية والإمارات إنما في محاولة من كل منهما للاستئثار بالدور الأول عند الولي الأميركي.
وما القرن الأفريقي إلا الدليل الإضافي على هذا الصراع حيث تتزايد العروض الإماراتية والسعودية على دوله بإعانات مالية مقابل الولاء والدور وصولاً الى السماح للإمارات ببناء قواعد.
فهل يصل هذا الصراع الى عداء بين البلدين كما حدث بين السعودية وكل من الكويت وقطر في مراحل سابقة؟
لا مكان لأي دولة خليجية الى جانب السعودية في لعبة الصراع على الدور الأول، والبلدان يتجهان الى صراع كبير يستفيد منه الوالي الأميركي الأكبر كالعادة.