كيري يدشن التحالف العربي الإسرائيلي
سمير الحجاوي
يتوالى ظهور اللعبة الجديدة في العالم العربي، أو ما يصطلح الغرب على تسميته "الشرق الأوسط”، إلى العلن بسرعة، ولا شك أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وضع التحالفات الجديدة على مرأى ومسمع من الجميع، ثم جاء الغزل الأمريكي الإيراني الذي تحول إلى "تحالف بالتراضي” ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
الجديد في القصة إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن "هناك دولاً عربية مستعدة لصنع السلام مع "إسرائيل” والتحالف معها ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس” وتنظيم الدولة الإسلامية. وهو بذلك يدشن تحالفاً عربياً إسرائيلياً” بشكل علني للمرة الأولى منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي عام 1948، خلافاً للتحالفات القديمة التي كانت سرية ويتم التبرؤ منها، وهذا هو التغيير الأهم في قواعد اللعبة "الشرق أوسطية”، التي تنقل بها الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجيتها من "الشرق الأوسط الجديد” إلى "التحالفات الجديدة في الشرق” لأنها أقل كلفة وأكثر عملية من محاولة إحداث تغييرات جذرية على الأرض.
هذه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة أعلنها وزير الخارجية الأمريكي أمام منتدى أمام منتدى سابان التابع لمعهد بروكينغز في واشنطن- بقوله: إن "العنف الحالي في الشرق الأوسط أظهر وجود فرصة لتشكيل تحالف إقليمي جديد يضم إسرائيل ودولا عربية”، وأنه في خضم ما وصفها بالأعمال الإرهابية التي تشهدها المنطقة "نرى احتمال نشوء اصطفاف توافقي إقليمي جديد بين دول يجمعها القليل لكنها تتشارك في رفضها للتطرف”. وبشر بان الدول العربية التي لم يسمها "أكدت له أنها جاهزة لصنع سلام مع إسرائيل، ولديها القدرة على إيجاد تحالف إقليمي ضد حماس وتنظيم الدولة وحركة أحرار الشام السورية وجماعة بوكو حرام الإسلامية النيجيرية. ودعا إلى اغتنام الفرصة قائلاً: "إن الولايات المتحدة ستكون مقصرة ومهملة إذا لم تستغل ذلك”.
هذه التصريحات التي أدلى بها كيري تؤكد أن بناء هذا "التحالف العربي الإسرائيلي” قائم على قدم وساق، وأنه دخل في مرحلة عملانية فعلاً فقد قال "أكدت لي هذه الدول العربية أنها جاهزة للتحالف مع إسرائيل” أي أن هناك مباحثات ومفاوضات وبحث وتأكيدات، وليست مجرد أمنيات أو أحلام يتم الترويج لها فهو يتحدث عن "تحالف واصطفاف إقليمي جديد” عربي إسرائيلي ضد التنظيمات الجهادية الإسلامية بما فيها حماس وبوكو حرام في نيجيريا، كما حدث في "مالي وأفغانستان وباكستان”، وهو بذلك يدخل الحالة الإسرائيلية لتتحول إلى مكون أساس ورئيس في "الحرب ضد الإرهاب الإسلامي”.
وبالطبع فإن هذا الحلف يضم إيران أيضاً رغم وجود "إسرائيل”، فهناك تقاطع مصالح بين إيران و”إسرائيل” يتمثل في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية”، وقد أبدع جون كيري في وصف المشهد حين قال عن هذه الدول، إيران و”إسرائيل” والدول العربية أنه "يجمعها القليل لكنها تتشارك في رفضها للتطرف”، لكن المشكلة تبقى في كيفية إخراج المشهد بطريقة مقبولة، وبكيفية يمكن تسويقها إعلامياً، وهذا يتطلب "تدجين” عقل المواطن العربي للقبول بالتحالف مع "إسرائيل” رغم أنها تحتل فلسطين وتقتل الفلسطينيين عبر إبرام "شكل ما من أشكال التسوية” على غرار "أوسلو” التي أدخلت "إسرائيل” إلى الحالة العربية، وهذا يعني أن عقدة المنشار "إسرائيلية بامتياز”، وهي تعرقل الراعي الأمريكي من "بناء التحالف العربي الإسرائيلي”، ولا بد أن الأمريكيين سيجهدون أنفسهم لحلها لإيجاد بيئة مناسبة ومناخ ملائم وأرضية خصبة لبناء التحالف "العربي الإسرائيلي الإيراني” الذي سيحارب العدو المشترك للجميع "التكفيريين”، أي الجماعات الجهادية العربية.
وهنا أسوق ما قالته وزير العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة انه "من المهم تشكيل جبهة واسعة تهدف إلى خلق نظام جديد في غزة يضعف حركة حماس ويمنعها من تحقيق إنجازات” وأعلنت خلال لقاء في معهد بحوث الأمن القومي في تل أبيب: أنه "بعد المحادثات التي أدرتها مع زعماء العالم منهم في دول إقليمية في الأسبوعين الأخيرين، توصلت إلى أن هناك فرصة حقيقة نشأت لتجنيد العالم ضد حركة حماس”، وتابعت "هذا هام لأمن "إسرائيل” للمدى الفوري وللمدى البعيد، وهذه فرصة خسارة تفويتها”.، وتحدث عن تعاون "حيوي” مع دول عربية ضد حماس، ومنع إقامة "شرق أوسط داعشي” وطالبت بإنشاء محور عربي إسرائيلي ضد "تنظيم الدولة وحماس” لأنهما عدو مشترك. وهو المحور الذي أعلن كيري تدشينه بالفعل.