أي دور للجبهة الشعبية في السباق إلى قصر قرطاج؟
يتفق معظم الخبراء والمحللين المهتمين بالشأن التونسي على أن موقف الجبهة الشعبية هو الذي سيحدد كفة مرشحي الرئاسة في الدور الثاني، محمد الباجي قائد السبسي ومحمد المنصف المرزوقي. فالجبهة التي هي تحالف أحزاب يسارية وقومية، ما زالت إلى الآن لم تحسم موقفها بعد بشأن دعم هذا المرشح أو ذاك.
وتكمن أهمية الجبهة في أن مرشحها للرئاسة في الدور الأول الهمامي، حصل على المرتبة الثالثة بعد السبسي والمرزوقي، كما أنها في الانتخابات النيابية حصلت على المرتبة الرابعة. كما أن للجبهة امتدادات في الاتحاد العام التونسي للشغل، أعرق النقابات العمالية العربية، وفي الاتحاد العام لطلبة تونس وفي الإعلام والنخبة.
الحياد الإيجابي
لقد زار الباجي قائد السبسي مقر الجبهة الشعبية منذ أيام وصرح على إثر الزيارة بأنه حريص على عدم تقسيم الجبة الشعبية. وقد رأى أكثر من طرف في هذه التصريحات رسالة من قائد السبسي مفادها أنه لا يمانع إذا التزمت الجبهة الحياد ولم تساند أيا من المرشحين.
فحياد الجبهة مع ضمان ولاء حزبي الاتحاد الوطني الحر وحزب آفاق تونس اللبرالييْن يعني منطقيا فوز قائد السبسي بالرئاسة. أما إذا اختارت الجبهة التخندق في صف المنصف المرزوقي وحركة النهضة وهذا مستبعد فإن المرزوقي بإمكانه أن يخلف نفسه على عرش قرطاج لولاية تمتد لخمس سنوات.
انقسامات
وتشهد الجبهة انقسامات في الوقت الراهن بين من هو راغب في الإعلان صراحة عن مساندة قائد السبسي وبين من يرغب في الحياد، في حين لا يبدو أن هناك تيارا أو حزبا داخل الجبهة سيدعم المنصف المرزوقي. فحزب الوطنيين الديمقراطيين (حزب الشهيد شكري بلعيد) يبدو أنه سائر باتجاه دعم رئيس الحكومة الأسبق وقد عبر قياديوه عن ذلك صراحة على غرار النائب المنجي الرحوي، كما عبرت أرملة شكري بلعيد المحامية بسمة الخلفاوي صراحة عن دعمها لقائد السبسي.
أما حزب العمال الشيوعي فلم يحسم موقفه بعد، وهو ما أكده قياديون في الحزب على رأسهم ناطقه الرسمي الجيلاني الهمامي. لكن وسائل إعلام مصرية تحدثت عن معلومات أكيدة تفيد بأن حزب العمال سيدعم قائد السبسي في الدور الثاني خاصة وأن ضغوطا تمارس على هذا الحزب من قبل بعض الشركاء في الجبهة الشعبية للسير قدما بهذا الاتجاه.
رئاسة المجلس
فتردد الجبهة جعلها تخسر منصب رئاسة مجلس النواب الذي عرض بداية على زياد الأخضر خليفة شكري بلعيد على رأس حزب الوطنيين الديمقراطيين، لكن عدم انخراط الجبهة في دعم مرشح حركة نداء تونس للانتخابات الرئاسية جعل المنصب يؤول بالنهاية إلى السيد محمد الناصر نائب الباجي قائد السبسي في حركة نداء تونس.
كما خسرت الجبهة منصب النائب الأول لرئيس المجلس الذي آل في النهاية إلى الشيخ عبد الفتاح مورو من حركة النهضة. فحركة نداء تونس لم تدعم مرشحة الجبهة مباركة البراهمي أرملة الشهيد محمد البراهمي التي تنافست مع الشيخ مورو باعتبار أن الجبهة لم تعبر صراحة عن دعمها لقائد السبسي في الرئاسية.
الحكومة
لذلك فإن تيارا قويا داخل الجبهة الشعبية يلح على أن تساند الجبهة مرشح النداء في الانتخابات الرئاسية حتى تضمن لنفسها مواقع في الحكومة ولكي لا تبقى خارج اللعبة وتترك القرار بيد اليمين الليبرالي (حركة نداء تونس) واليمين المحافظ (حركة النهضة) على حد تعبير بعض قادتها. فالجبهة اليسارية بإمكانها، بحسب قياداتها وأنصارها أن تلعب دور المعدل للسياسات الليبرالية التي قد تنتهجها الحكومة القادمة على غرار رفع الدعم عن المواد الغذائية وخصخصة المؤسسات العمومية.
ويشار إلى أن الدور الثاني في السباق إلى قصر قرطاج سيكون يوم الحادي والعشرين من هذا الشهر بعد أن رفضت المحكمة الإدارية الطعون التي تقدم بها المنصف المرزوقي حول خروقات ادعى حصولها في الدور الأول.
العهد