اوروبا وعجزها عن أنقاذ الأتفاق النووي
طهران اعلنت يوم امس السبت رسميا تنفيذ المرحلة الثالثة من سلسلة تخفيض التزاماتها في الاتفاق النووي على أمل أن تعود الدول الاوروبية الى رشدها وتنفذ ما وعدت به من التزامات في هذه الاتفاقية اضافة الى تعويض الانسحاب الاميركي لكنها حتى الساعة لم تقم بالعمل المطلوب اما لعجزها عن ممارسة الضغط على الجانب الاميركي أو أن دورها يأتي في سياق لعبة تقسيم الادوار المرسوم لها لكن على أية حال هناك شكوك كثيرة في طهران على عدم مقدرة اوروبا لتلبية مطالبها.
ايران صبرت كثيرا حتى تخطى العام الاول من الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي على امل ان تفلح اوروبا باقناع الجانب الاميركي في العودة عن قراره لكنها ليس لن تفعل شيئا في هذا المجال بل هي الاخرى لم تنفذ أيا من التزاماتها تجاه الاتفاق النووي، سوى الوعود الكلامية التي لم تترجم على الارض وهنا نفد "الصبر الاستراتيجي" الايراني حيث نفذت المرحلة الاولى من تخفيض التزاماتها في هذا الاتفاق لكن الجانب الاوروبي لم يأخذ ذلك على محمل الجد وكأنه يراهن على الوقت و الضغوط الاميركية في حربها الارهابية الاقتصادية ضد ايران، الا ان طهران قامت وقبل شهرين بالمرحلة الثانية لتخفيض التزاماتها عسى ان يقوم الجانب الاوروبي بخطوة ملموسة وعملية لتنفيذ التزاماته في الاتفاق النووي لكنه بقي يراوح في مكانه واتصالات الرئيس ماكرون بالرئيس روحاني تكاد لا تنقطع بهدف تطبيق الآلية المالية "اينستكس" وحمل طهران على ان توقف تخفيض التزاماتها في هذا الاتفاق، لكن طهران اصرت على ان تتلمس خطوات عملية للوعود التي يقطعها الجانب الاوروبي في التزاماته تجاه الاتفاقية النووية وللاسف حتى الخميس الماضي لم ينفذ الجانب الاوروبي أي من وعوده لذلك اضطرت طهران تنفيذ المرحلة الثالثة من سلسلة تخفيض التزاماتها النووية لان الدول الاوروبية لم تحسم موقفها بعد وربما لازالت تراهن على مماطلتها وتسويفها عسى أن تجد مخرجا لمناورتها.
طهران لم يغب عن ذهنها ما لعبته فرنسا من ادوار غريبة وسيئة في محادثات (5+1) لتأتي اليوم وتكون همزة الوصل بينها وبين الاتحاد الاوروبي وهي أضعف دولة في هذا الاتحاد حيث لم يصدر منها سوى الكلام المعسول الذي يخفي وراءه امورا غامضة وقد سبق لقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي ان حذر مسؤولي البلاد من الدور النفاقي لاوروبا ومن انها هي الاخرى كاميركا لايمكن الوثوق بها وبوعودها وهذا ما نلمسه اليوم على ارض الواقع.
طهران التي وضعت نهاية لـ"استراتيجة الصبر" قد أعدت كل المراحل على ان تنفذها مرحلة بمرحلة عسى ان تقف الاطراف الاخرى عند مسؤولياتها وتراجع مواقفها لتنفذ مالتزمت به من تعهدات لتعود مياه الى مجاريها لكي لا تضطر طهران في نهاية المطاف الى التهديد بالانسحاب من معاهدة "حظر لانتشار النووي" كأحد الخيارات المطروحة امهامها.