من يصرخ اولاً
عشية تطبيق طهران لقرارها الصارم بوقف العمل بالبروتوكول الاضافي الذي يبدأ من صباح اليوم الثلاثاء 23 فبراير، لعب الغرب المنافق والمراوغ يتقدمها اميركا اخر اوراقه الخاسرة للالتفاف على طهران ثانية عبر ايفاد رافائيل غروسي رئيس وكالة الدولية للطاقة الذرية لفتح ثغرة في جدار ايران الصلد وتلين موقفها بهدف الدخول في حلقة مفرغة وهو التفاوض من اجل التفاوض الا انهم تناسوا ان اصحاب القرار في طهران هم من نمط "لا يلدغ المرء من جحر مرتين" وهم يمتلكون من الخبرة والتجارب بأن يعروا ساسة الغرب على حقيقتهم امام شعوبهم وشعوب العالم ويرموهم جانبا لتخنقهم العبرة وهم نادمين على فعلتهم الشنيعة اللامسؤولة واللاانسانية تجاه الشعب الايراني الذي يعاني من الحصار الظالم منذ عقود وكذلك في ظل تفشي مرضى كورونا لدرجة منعوه حتى من الدواء.
فوقف العمل بالبروتوكول الاضافي الذي هو حق طبيعي لايران ومدرج في بنود الاتفاق النووي ستليه خطوات اخرى ما لم تلتزم الاطراف الاخرى بتنفيذ الاتفاق النووي عمليا ودفعة واحدة وليس هناك اي مجال للتسويف والتدرج في هذا الموضوع.
فبعد قرار طهران الحازم والصريح والموحد لوضع حد للتلاعب الغربي بمصالحها الوطنية لم يعد هناك اي مجال للمماطلة والمناورة والمساومة على البروتوكول الاضافي الذي هو المدخل لوضع الاتفاق النووي على السكة الصحيحة وقطع الطريق نهائيا امام الاطراف الخبيثة التي تقفز على مصالح الشعوب وتحاول مصادرة تقدمها التقني والعلمي.
ان المحاولات البائسة لوسائل الاعلام الغربية في قلب الصورة وتحريف نتائج زيارة غروسي لطهران لم تدم الا لساعات قليلة حيث اتضحت الحقيقة، بأن طهران لم تتراجع عن قرارها حول البروتوكول الاضافي قيد انملة فقط بل اكدت على ان عمليات التفتيش ستعود الى ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي اي انها ستتقلص زيارة المفتشين الدوليين الى 30 بالمائة اضافة الى انها ستحتفظ بتسجيلات الكاميرات المنصوبة في المنشات النووية ولم تزود بها الوكالة الدولية حتى تتضح الصورة الكاملة وتنجلي الحقائق للعالم من الذي يلتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية ومن الذي يخل بها ؟ !
الاستراتيجية المبدئية والصريحة التي اتخذتها طهران لحفظ مصالحها وحقوقها في الحقل النووي ستأتي أُكلها بالتاكيد لانها ستحاصر المراوغين والمنتهكين للقوانين في واشنطن وبعض العواصم الغربية وتسقط مناوراتهم وهم صاغرون استعدادا لدفع الاثمان الباهضة خاصة الخسائر الهائلة التي تحملها الشعب الايراني جراء عدم التزامهم بتنفيذ الاتفاق النووي الذي هو اتفاق دولي صادقت عليه الغالبية الكبرى في مجلس الامن الدولي.
ان ايران بقرارها الاستراتيجي الموحد حول وقف العمل بالبروتوكول الاضافي الذي تليه خطوات اخرى بالتاكيد ما لم تعود الاطراف المنتهكة للاتفاق الى جادة الصواب والعقلانية، قد حسمت موقفها الحازم والصريح والنهائي لاحقاق حقوقها المشروعة في امتلاك برنامج نووي سلمي.
لكن ما هو مؤكد ومتيقن ويعرفه القاصي قبل الداني ان الغرب يتخذ من الملف النووي الايراني السلمي كعنوان وذريعة للوصول الى مآربه الخبيثة لسلب ايران اقتدارها وقدراتها الذاتية خاصة الصاروخية وكذلك سد الطريق امام نفوذها الاقليمي الذي هو حق طبيعي لها لانها جزء اساسي من المنطقة، الا ان القضية الاولى والأهم التي تؤرقه هو مصير ومستقبل الكيان الصهيوني الذي اصبح في مهب الريح باعتراف حتى قادة هذا الكيان من سياسيين وعسكريين وهذه هي الحقيقة بعينها لأن الملف النووي الايراني مجرد شماعة وعلى الغرب وخاصة اميركا ان يدرك ان ايران بموقفها الاستراتيجي وقدراتها البشرية والمادية الهائلة قوة اقليمية عظمى لا تضاهيها قوة وعليه ان يذعن لهذه الحقيقة ويدرك مع من يتعامل قبل فوات الاوان.