kayhan.ir

رمز الخبر: 10848
تأريخ النشر : 2014November26 - 20:03

ايران القوى الكبرى في المنطقة

أحمد الحباسى

العنوان يحتمل أكثر من قراءة سياسية ، هذا العنوان أو الموضوع لا يريد البعض الحديث فيه ، لكن من المفيد أحيانا أن نتطاول لنستفيد من الأحداث الراهنة لمحاولة فهم القادم من الأحداث ، والأحداث والأدلة والقرائن الموضوعية المتضافرة تؤكد اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن إيران قد أصبحت قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية في منطقة تشكل منظومة دويلات الخليج الفارسي الكرتونية وبعض الدول الهامشية الأخرى مثل مصر والأردن واليمن والسودان أغلبية سكانها ومساحتها ، بهذا المعنى فإن إيران قد أصبحت تشكل ” خطرا ” على كل هذه الدول مجتمعة على اعتبار أن انضمام هذه الدول الكرتونية إلى النادي الصهيوني الدولي قد جعلها تشكل خط الصد الأول ضد ما يسمى نفاقا وبهتانا بالنوايا التوسعية الإيرانية أو بالتمدد الشيعي داخل هذه المنظومة العربية المتعفنة .

هل تشكل إيران خطرا على الخليج الفارسي ؟ … حاول البعض دائما اختيار زوايا نقاش معينة للجواب على هذا السؤال الذي يؤرق الكثيرين على الساحة العربية والخليج الفارسيية بالأساس ، وحتى القيادة الإيرانية بجميع عناوينها الدينية والسياسية والعسكرية قد حاولت نفي هذا الخطر دون أن تتوصل إلى إقناع نظرائها في المحميات الخليج الفارسيية الآيلة للسقوط ، لكن من الأكيد والواضح أن إيران تشكل خطرا على كل المنظومة العربية دون استثناء ، والدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتسبب في صداع مزمن للقيادة الأمريكية والصهيونية منذ بداية الثورة وتشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية الدولية لا يمكن القبول جدليا على الأقل بأنها لا تشكل خطرا على توابع منظومة الفساد الدولية المتمثلة في الامبريالية والصهيونية العالمية .

في عالم اليوم ، وبالمنطق الأمريكي القائل إذا لم تكن معي فأنت ضدي ، فوجود الدول الخليج الفارسيية في الخانة الصهيونية يسقطها من معادلة مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي على الشعوب العربية ويدفع إيران إلى اعتبارها أنظمة عدوة لهذه المعادلة ينطبق عليها هذا المثل أو هذا الخيار الأمريكي الذي تعتمده الولايات المتحدة نفسها لمعاداة إيران وسوريا وحزب الله ، لذلك يمكن القول أن الأنظمة الخليج الفارسيية قد اختارت بمحض إرادتها موقعها وإيران قد اختارت موقعها وبات من المستحيل طبعا على هذان الخطان المتوازيان المتعاديان أن يلتقيا حتى في الحلم .

كيف يمكن أن تتحول المحميات الخليج الفارسيية إلى عدو لإيران ؟ … أولا علينا قبل الرد أن نفهم ونتفهم الموقع الجيو – سياسي والموقع جيو – استراتيجي للجمهورية الإيرانية ، ذلك أن الموقع الجيو – استراتيجي الإيراني هو الذي فرض عليها حماية ثورتها الناشئة بقوة اقتصادية وعسكرية من شانها درء كل الأخطار والمطامح والطموحات التي بإمكانها أن تشكل خطرا على الشعب وعلى اختيارات الشعب الإيراني ، فدولة مثل تركيا يمكن أن تشكل خطرا على الثورة الإيرانية بحكم علاقتها الإستراتيجية مع الكيان الصهيوني ، من هنا ، يمكن القول أن دخول دول الخليج الفارسي في نادي القمار الدولي الصهيوني ضد المصالح الإيرانية هو الذي يجعلها تتصرف كعدو ضد إيران ويسقط عليها توصيف العدو وبالتالي فإن بحث الجانب الإيراني على استنهاض عوامل التقدم العلمي لإنشاء منظومة عسكرية واقتصادية قادرة على التصدي لإرهاصات زواج المتعة بين المصالح الصهيونية وعبثية السياسة الخليج الفارسيية هو عامل موضوعي ومنطقي خلفته حالة العداء الخليج الفارسيية للجانب الإيراني وليس العكس .

تثبت الوقائع أن إيران قد حاولت أن تدفع الأنظمة الخليج الفارسيية وكل الأنظمة المتعاقبة في مصر والأردن إلى خيار جماعي معين وهو التوحد ضد العدو الصهيوني بعنوانه العريض المتمثل في المصالح الأمريكية وبعض مصالح دول غربية مثل فرنسا وألمانيا تساند حالة التوسع الصهيونية الاستعمارية إضافة إلى واجب البحث عن طريقة معينة لتحييد الدور التركي الصهيوني في المنطقة العربية والذي نرى آثاره المدمرة اليوم في سوريا والعراق ومصر وتونس وليبيا واليمن ولاحقا في الجزائر كما تنقل عديد التسريبات الإعلامية الجادة ، وتشهد الوقائع أيضا أن الدول الخليج الفارسيية قد تآمرت ضد إيران وصنعت ما يسمى ب”الخطر الشيعي ” ودخلت في "حلف” مع أعداء إيران في الملف النووي بل أخذت الساحة السياسية والإعلامية الخليج الفارسيية خط سير عنيف وغير موضوعي ومثير للشكوك ضد كل محاولات التقارب الإيرانية لإيجاد صيغة تفاهم مشتركة بين الدول الخليج الفارسيية والجمهورية الإسلامية ، بل لنقل بمنتهى الصراحة أن السعودية قد أجهضت بتأليب من إسرائيل كل محاولات التقارب السياسي التي بذلها الجانب الإيراني وباتت تشكل أداة سياسية واقتصادية لضرب الاستقرار في إيران إضافة إلى محاولات مشبوهة لاستهداف الكوادر العلمية الإيرانية في عديد المجالات بما يشكل حالة إعلان حرب غير مخفية على كثير من المتابعين.

تساءل البعض في حينه لماذا أعلن سماحة السيد حسن نصر الله على وقوفه إلى جانب سوريا وبالذات لماذا كشف تواجد حزب الله في مدينة القصير وفي بعض المدن السورية الأخرى في مواجهة "الغزو” الإرهابي السعودي ، بطبيعة الحال ، كان جواب سماحته واضحا وشافيا ومنطقيا من الناحية الإستراتيجية على الأقل ، يتساءل مراقبون لماذا لا تكشف إيران للشعوب العربية عن كل الحقائق والأسرار التي تبين إلى أي حد وصلت خيانة حكام الخليج الفارسي ورداءة القيادة المصرية التي أصبحت تابعة للنظام السعودي ولم تكتف بتبعيتها القذرة للنظام الصهيوني العالمي ، يتساءل مراقبون لماذا "تتبرأ” إيران من "تهمة” شرطي الخليج الفارسي بعد أن كشفت الوقائع منذ الثورة أن إيران قد تحولت إلى قوة معادية للوجود الصهيوني الأمريكي في المنطقة وأن الإدارة الصهيونية الأمريكية لم يعد بإمكانها أن تمر أو تتجول بحريتها في المنطقة دون أن تقرأ ألف حساب لوجود هذه القوة الإيرانية التي تحدد قانون السير وتضبط إيقاع خفقان قلب المنطقة بما يخدم مصلحة المقاومة ، لذلك نقول أن إيران من حقها نظرا لكل التضحيات التي قدمتها أن تصبح الساعة السويسرية التي يضبط عليها العالم وقته ومجال تحركاته في المنطقة