نصر الله الإقليمي: انتقال الردع إلى محور المقاومة
ناصر قنديل
– الجديد في خطاب السيد حسن نصرالله في خطاب النصر والكرامة ، بعد تزخيم معادلته الأصلية عن معادلات الردع الراسخة التي فرضتها المقاومة على الحسابات الإسرائيلية تجاه فرضيّات شنّ حرب على المقاومة ولبنان، رسمه لمعادلة الردع الإقليمي الذي جعل الحرب على إيران وبالتالي إشعال المنطقة مستحيلاً، فالذي قالته فصائل المقاومة عن فرضية شنّ الحرب على إيران وفي طليعتها وأهمها ما قاله حزب الله، وما قاله السيد نصرالله شخصياً، من أن تلك الحرب ستشعل المنطقة وأنها ستكون حرباً على محور المقاومة الذي لن يكون بعيداً عن خوضها، هو الذي أوقف التفكير بالحرب، وجعل وقوعها مستحيلاً، وبالتالي إشعال المنطقة الذي كان نتيجة طبيعية ستقع إذا شنّت هذه الحرب، فشكل استحضاره كتهديد واقعي لدعاة الحرب سبباً لردعهم.
– عملياً الذي قاله السيد نصرالله إن الردع الذي بدأته المقاومة على جبهتها اللبنانية، فصار إجماعاً إسرائيلياً على اعتبار الحرب على لبنان ومقاومته مستحيلاً، ثم عمّمته على جبهتها الفلسطينية وصارت الحرب على غزة كالحرب على لبنان مستحيلة، ثم عمّمته على جبهتها السورية ووضعت للاشتباك قواعد يشكل تخطيها مخاطرة بوقوع حرب لن تبقى تحت السيطرة ولن تحكمها حدود الجغرافيا والأطراف المشاركة، فجعل الحرب مستحيلة، هي المقاومة التي عمّمت هذه المعادلة الرادعة على جبهات الخليج الفارسي مع الحشود الأميركية وقرع طبول الحرب، فصارت الحرب مستحيلة، والمقاومة التي يشكّل حزب الله قوتها الرئيسية ليست المقاومة اللبنانية، بل محور المقاومة بقواه ودوله، الذي توافق قادته على معادلة الواحد بالكل والكل بالواحد، حيث لا معارك متفرقة على طرف دون مواجهة المحور بكل قواه، فكل من أطراف المحور يسند المحور بقوته ويستقوي به، حتى صار الردع الذي كان لبنانياً، فلسطينياً وسورياً وإيرانياً، فصار هو صانع معادلة الإقليم.
– قدرات المحور مقارنة بالعام 2006، واضحة وبائنة، فإيران طوّرت ترسانتها الصاروخية ومفاجآتها العسكرية كما أظهر إسقاط طائرة التجسس الأميركية العملاقة بما يزيد مئات الأضعاف عما كان عليه الحال عام 2006، والمقاومة في فلسطين التي كانت تتفادى مواجهة خطر حرب إسرائيلية تملك اليوم معادلة الردع بقصف تل أبيب وما بعد تل أبيب، وسورية باتت بجيشها الذي لا يُقهر أقوى دول المنطقة، وقد تزوّدت بكل صنوف السلاح وصولاً لشبكات الدفاع الجوي الحديثة التي حُرمت منها منذ زمن طويل، والعراق واليمن لم يكونا بعد على جدول حسابات القوة في محور المقاومة وهما اليوم أرقاماً صعبة يصعب كسرها، والمقاومة في لبنان تفوّقت على ذاتها وضاعفت إمكاناتها وجهوزيتها مئات المرات، وبقياس ما تحقّق عام 2006 عندما كانت أميركا بجبروتها صاحبة قرار الحرب، وكانت المقاومة طرية العود، فإن أي حرب مقبلة ستحمل نتائج حرب تموز مضاعفة مئات المرات.
-السيد نصرالله تكلّم لمرات عديدة عن محور المقاومة وصاغ رسائل إقليمية ودولية بلسان محور المقاومة تجاه ما يجري في جبهات سورية وفلسطين واليمن، لكنه في خطاب الأمس تحدّث بما لا يحتمل التأويل بصفته الأمين العام لمحور المقاومة، بتفويض الإجماع والتزكية.