kayhan.ir

رمز الخبر: 99169
تأريخ النشر : 2019August10 - 21:02
مستعرضاً ما يجب أن تنهل الامة الاسلامية من الحج وما تواجهها من تحديات سيما القضية الفلسطينية، خلال ندائه لحجاج بيت الله الحرام..

القائد: خدعة "صفقة القرن"محكومة بالفشل والهزيمة أمام عزيمة جبهة المقاومة وإيمانها

طهران - كيهان العربي:- وجه قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، نداء الى حجاج بيت الله الحرام استعرض فيه ما يجب أن تنهل منه الامة الاسلامية من حكم وتعاليم الحج وما تواجهه من تحديات لاسيما على صعيد الغاء القضية الفلسطينية وكيفية التعاطي معها مشددا على ان صفقة القرن محكوم عليها بالفشل بفضل عزم وايمان جبهة المقاومة.

وفيما يلي نص النداء..

بسم ‌اللّه‌ الرّحمن ‌الرّحيم

والحمد للّه ربّ العالمين و صلّى اللّه على رسوله الكريم الامين، محمّد خاتم النّبيين، و على آله المطهّرين سيما بقية اللّه في الارضين، و على اصحابه المنتجبين و من تبعهم باحسان الى يوم الدّين.

إن موسم الحج في كل عام، ميعاد الرحمة الإلهية على أمتنا الإسلامية. فإن الدعوة القرآنية "وأذّن في الناس بالحج" هي دعوة للناس كافة على مرّ التأريخ الى مائدة الرحمة هذه، ليتمتعوا من بركاتها بقلوبهم وأرواحهم التواقة الى الرب تعالي كما برؤاهم وأفكارهم المتعقلة، ولتبلغ في كل عام دروس الحج وتعاليمه بواسطة جموع من الناس الى كل أرجاء العالم الإسلامي.

إن إكسير الذكر والعبودية الذي يشكل العنصر الرئيس في تربية الفرد والمجتمع وإعلاء شأنهما، يأتي في الحج الى جانب عنصر الاجتماع والاتحاد الذي يمثل رمز الأمة الواحدة، مقترناً بالالتفاف حول مركز واحد وباتجاه هدف مشترك ـ ما يمثل رمز حركة الأمة ومسعاها على ركيزة مبدأ التوحيد ـ وذلك الى جانب المساواة بين آحاد الحجيج دون أي تمايز بينهم ـ ما يدل على إزالة أنواع التمييز وتعميم الفرص ـ كل ذلك يعرض مجموعة من الركائز الأساسية للمجتمع الاسلامي معروضة في لقطات سريعة. وكل عمل من أعمال الحج ـ من إحرام وطواف وسعي ووقوف ورمي وحركة وسكون ـ يمثل إشارة رمزية الى جزء من هيكل الصورة التي قدمها الإسلام عن مجتمعه المثالي المنشود.

كما أن تبادل المعلومات والمعطيات بين الشعوب التي تنتمي الى دول ومناطق متباعدة جغرافياً، ونشر الوعي والتجارب والاطلاع على ظروف بعضهم البعض وأحوالهم، وإزالة حالات سوء الفهم، وتقريب القلوب، واختزان القدرات المتاحة لمواجهة الأعداء المشتركين، كله يشكل إنجازاً حيوياً هائلاً جداً تحققه فريضة الحج، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه عبر مئات من المؤتمرات المعتادة الرائجة.

إن إحدي البركات العظيمة للحج والتي توفر فرصة مؤاتية للشعوب المسلمة المظلومة، هي مراسم البراءة التي تعني التبري من كل ما يتصف به طواغيت كل عصر من قساوة وظلم وجور وبشاعة وفساد، كما تعني الوقوف بوجه ما يمارسه مستكبرو العصور من قهر وابتزاز. إن البراءة من جبهة الشرك والكفر التي يمثلها المستكبرون وعلي رأسهم أميركا؛ تعني اليوم البراءة من قتل المظلومين ومن تأجيج الحروب، كما تعني إدانة بؤر الإرهاب من قبيل "داعش " وبلاك ووتر الأميركية؛ تعني صرخة الأمة الاسلامية بوجه الكيان الصهيوني قاتل الأطفال ومن يقفون وراءه ويدعمونه، تعني إدانة ما تقوم به أميركا وأعوانها من تأجيج حروب في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا الحساسة، حروب أوصلت الشعوب الى أقصي حدود معاناتها ومحنتها وأخذت تكبدّها كل يوم بمصائب كبري؛ تعني البراءة من التمييز العنصري على أساس الجغرافيا والعرق و لون البشرة؛ تعني البراءة من السلوك الاستكباري الخبيث الذي تنتهجه القوي المعتدية والمثيرة للفتن إزاء السلوك الشريف النبيل العادل الذي يدعو إليه الاسلام كل الناس.

هذا غيض من فيض بركات الحج الإبراهيمي الذي دعانا إليه الإسلام الأصيل. وهو رمز متجسد لجزء مهمّ من تطلعات المجتمع الإسلامي، حيث يجري عرض سنوي عظيم مفعم بالمضامين من إخراج الحج، ويشارك فيه أبناء الأمة الإسلامية ليدعوَ الجميع ـ بلغة معبرة ـ الى بذل الجهد لتحقيق مجتمع كهذا.

إن نخب العالم الإسلامي ـ الذين توافد بعضهم حاليا من مختلف البلدان لأداء مناسك الحج ـ يتحملون رسالة كبيرة وخطيرة. وبفضل همم هؤلاء ومبادراتهم الفاعلة ينبغي أن تُنْقَل هذه الدروس الى جميع الشعوب وإلى الرأي العام، لتتحقق على أيديهم عملية التبادل المعنوي للأفكار والدوافع والتجارب والمعلومات.

تُعَدُّ قضية فلسطين اليوم من أهم قضايا العالم الإسلامي وهي تأتي في مقدمة كل القضايا السياسية المتعلقة بالمسلمين من أي مذهب أو عرق أو لغة كانوا. فقد وقع في فلسطين أكبر ظلم شهدته القرون الأخيرة. حيث صودِر في هذا الحدث المؤلم كل ما يملكه شعب، بما فيه أرضه وداره ومزرعته وأمواله وحرمته وهويته. وبتوفيق من الله تعالى لم يرضخ هذا الشعب للهزيمة ولم ينثنِ عن الجهد، فهو متواجد اليوم في الساحة باندفاع وشجاعة أكثر مما كان عليه بالأمس. إلا أن تحقيق النتيجة بحاجة الى دعم كل المسلمين. إن الخدعة المتمثلة في "صفقة القرن"، والتي يجري التمهيد لها من قبل أميركا الظالمة وأعوانها الخونة، تشكل جريمة ليس بحق الشعب الفلسطيني فحسب وإنما بحق المجتمع البشري قاطبة. إننا ندعو الجميع الى مشاركة فعالة لإفشال هذا الكيد والمكر المدبَّر من قبل العدو، ونرى بحول الله وقوته أن هذه المؤامرة وغيرها من أحابيل جبهة الاستكبار كلها محكومة ب الفشل والهزيمة أمام عزيمة جبهة المقاومة وإيمانها.

قال الله العزيز: "أم يريدون كيدا، فالذين كفروا هم المكيدون، صدق الله العلي العظيم". أسأل الباري تعالى لجميع الحجيج الكرام التوفيق والرحمة والعافية وقبول الطاعة.

السيد على الخامنئي