kayhan.ir

رمز الخبر: 9902
تأريخ النشر : 2014November10 - 20:56

الاحتلال يفتح معركة القدس

يونس السيد

لم يجد الاحتلال "الإسرائيلي" أكثر ملاءمة من هذه الظروف التي تعيشها المنطقة لفتح معركة القدس وإخراج خططه القديمة الجديدة، التي ظلت حبيسة الأدراج المغلقة سنوات طويلة، لوضعها موضع التنفيذ الفعلي من دون أي اعتبار لإمكانية إشعال حرب دينية قد تتجاوز حدود المنطقة على نحو لا يمكن لأحد أن يتكهن بنتائجها.

على مدار العقود الماضية، وحتى في ظل الاحتلال البريطاني لفلسطين، ومنذ بدء الهجرات الصهيونية المتعاقبة، ظلت القدس، ولا تزال، في مرمى نيران التهويد، ومحاولات طمس وتغيير هويتها ومعالمها العربية والإسلامية، واقتلاع سكانها الأصليين وتهجيرهم، والاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، لكن وفي كل مرة، كانت مقاومة الفلسطينيين، والمقدسيين بالذات، أكبر من كل إرهاب الاحتلال ومخططاته، وهي مقاومة لم تتوقف لحظة واحدة، بدءاً من هبة البراق عام 1929، مروراً بانتفاضة الأقصى عام 2000، وحتى هبة القدس الحالية التي جاءت بعدما طفح الكيل من سياسات الاحتلال وإجراءاته العنصرية والقهرية وجرائمه الوحشية بحق المقدسيين، والتي باتت تستدعي ما هو أكبر بكثير من المواقف التضامنية لفلسطينيي الضفة وغزة والشتات والأراضي المحتلة عام 1948، إلى الانخراط الفعلي في مقاومة فلسطينية شاملة، وعلى كل المستويات، لمواجهة هذا الإرهاب الصهيوني الزاحف لابتلاع المدينة المقدسة ومقدساتها.

يسعى الاحتلال بالتأكيد لاستغلال الارتباك الفلسطيني والعربي، والإنشغال الدولي، بقضايا المنطقة والحرب على الإرهاب، إلى إيجاد ثغرة للاستفراد بالقدس وأهلها والفلسطينيين عموماً لفرض أمر واقع جديد يمكنه من ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. فهو يحاول الظهور أمام المجتمع الدولي بمظهر المسيطر على مدينة يعتبرها عاصمته الأبدية، في وقت يبلغ التحدي الفلسطيني قمة الشجاعة، ويظهر الفلسطينيون أنهم هم أصحابها الحقيقيون، وأن الاحتلال يأتي لينازعهم حقهم في مدينتهم وأرضهم وممتلكاتهم. وفي حال فشل الاحتلال، وهو سيفشل بالتأكيد، فإنه سيحاول مقايضة هذا الأمر الواقع الجديد على مائدة مفاوضات التسوية التي تزداد الضغوط لاستئنافها، أو مساومة السلطة الفلسطينية على توجهاتها بنقل ملف القضية إلى مجلس الأمن. ولهذا فقد لجأ الاحتلال إلى تصعيد غير مسبوق، سواء بالإجراءات المباشرة عبر مصادرة الممتلكات والمنازل، مستخدماً المستوطنين أداة استطلاعية مناسبة، أو عبر شرعنة قوانينه الخاصة، على غرار المحاولات الجارية لاستصدار تشريع في "الكنيست" يقضي بتقسيم المسجد الأقصى والحرم القدسي مثلما فعل في المسجد الإبراهيمي في الخليل، كمقدمة أو وسيلة التفافية لهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، بغض النظر عن تداعيات مثل هذه المحاولة. وما يزيد من خطورة هذا التصعيد هو الاستهداف المباشر للمقدسيين عبر سن قوانين تتيح معاقبة الأطفال الفلسطينيين من راشقي الحجارة وعائلاتهم، سواء بسجن هؤلاء الأطفال وتدفيع أهاليهم غرامات باهظة، أو غير ذلك من الوسائل الاستفزازية لتركيع الفلسطينيين وفرض الاستسلام عليهم.

تعيش القدس الآن لحظة انتفاضة حقيقية في وجه الاحتلال، تقتضي من الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي بأسره وقفة حقيقية وجادة لوقف الهجمة الإرهابية الصهيونية، ومنع حرب دينية يخطط لإشعالها قادة الكيان، الوجه الآخر لتنظيم داعش الإرهابي.