أميركا خلقت الفوضى وعليها الخروج منها
كانت واشنطن تحاول ومن خلال نظرية الفوضى الخلاقة في المنطقة أن تثبت اركان تواجدها في المنطقة بحيث تكون الآمرة الناهية ولكي تفعل ما يحلو لها من دون اي رد او رفض. الا ان هذه الفوضى الخلاقة والتي تعددت اشكالها والوانها بحيث اصبحت كقوس قزح فقدت فيها لادارة الاميركية البوصلة بحيث تعيش اليوم في شرنقة قاتلة لا تدري كيف التخلص منها، والاهم في الامر ايضا ان الادوات التي استندت عليها اميركا في تحقيق اهدافها اخذت تتساقط الواحدة بعد الاخرى من انهيار الارهاب والذي كان يعد المعول القوي بيدها لاقهار الدول واذلالها وللسيطرة عليها من خلال المشروع التقسيمي الذي كان محور هذا التحرك. وبسقوط الارهاب فقدت واشنطن اهم واقوى ذريعة سهلت لها الدخول والعودة الى المنطقة، الى العدوان على اليمن و خلق الازمات في سوريا والعراق وغيرها من الدول.
ومن الطبيعي جدا انه وبانحسار الارهاب قد انعكس سلبا على واشنطن اذ فرض عليها ظرفا لا ترغب به الا وهو عليها وبعد الفشل الذريع ان تنحسر عن هذه المنطقة وتضع الشعوب تدير شؤونها بما يوفر لها حالة من الامن والاستقرار، وهو امر لايمكن لواشنطن استيعابه، فلذلك التجأت الى خلق الازمات المساعدة كالحرب على اليمن من قبل السعودية وخلق جو من الصراعات الداخلية في بعض البلدان وغيرها من الاحداث لتكون هي حاضرة تحت ذريعة مواجهة الاخطار التي تحدق بالدول الصديقة لها خاصة "اسرائيل"، ولمعالجتها هذا الامر فانها ارتكبت خطا كبيرا كان لها ان لا تفعله الا وهو وضع ايران في الواجهة لكي يمنحها ذريعة استمرار البقاء في المنطقة، وبذلك قام الرئيس الاهوج ترامب وبخطوة قد يكون نادما عليها اليوم وهي تجييش الجيوش وارسال حاملة الطائرات المقاتلة كما قامت بارسال الف جندي اميركي كل بذريعة زائفة وهي مواجهة المد الايراني والسيطرة على المنطقة، علما ان العالم باجمعه يدرك ان طهران لايمكن ان تكون في يوم من الايام مصدرا من مصادر القلق لأمن المنطقة وتجربة اربعين عاماخير دليل على ذلك.
ومن نافلة القول وعندما وجدت طهران انها في مرمى مدفعية واشنطن فقد فرض عليها الواجب الديني والوطني ان تعد العدة وتستعد بما لديها من قدرات لصد اي اعتداء عليها ومن اي جهة كانت وبنفس الوقت حذرت المجتمع الدولي انها لن تقف ساكتة امام اي اعتداء بل سترد ليس فقط على الانجاه الذي جاء منه بل ومن اي جهة ساهمت في هذا الاعتداء.
وفعلا حاولت واشنطن بالامس القريب تجربة حظها العاثر ولكي تتأكد من صدق ما تقوله ايران فانها حاولت ومن خلال طائراتها الحربية المسيرة المتطورة ان تكون المحاولة او الخطوة الاولى في هذا المجال، الا ان الرد القاطع وغير المتوقع اسقط ما في يدها عندما تم استهدافها من قبل الدفاعات الايرانية واسقاطها بحيث اربكت كل الحسابات واخرست كل الالسن ووضعت العالم امام صورة غير متوقعة بحيث يفرض على ترامب وادارته ان يفكروا الف مرة قبل الاقدام على اي حماقة في المستقبل.
واخيرا والمهم في الامر ان الكيان الصهيوني اليوم وبعد اسقاط طهران الطائرة الاميركية المسيرة يعيش اكثر قلقا من اميركا كما ذكر موقعforward ان آخر ما يريده نتنياهو في هذا التوقيت هو اندلاع حرب اميركية مع ايران. فهو سيشيد حتما بالرد القسري الاميركي ضد ايران لكن بشرط الا تتصاعد المواجهة الايرانية مع "الشيطان الاكبر" الى الانتقام الايراني الضخم ضد "الشيطان الاصغر" اسرائيل الامر الذي قد يعني خطر مواجهة الصواريخ الباليستية متوسطة المدى وقد يعني خطر مواجهة هجمات حزب الله ضد اهداف صهيونية.
وفي نهاية المطاف فان على ترامب وكما قال مسؤول الماني معلقا على ما يجري "ان على الاميركان الذين خلقوا الفوضى، فالآن عليهم ان يجدوا طريقا للخروج منها".