ترامب وذل الهزيمة
مهدي منصوري
انكفاء ترامب الذي يتظاهر بالجنون على نفسه وبالصورة التي ظهر بها بالامس وهو يتحدث ليس فقط للاميركيين بل للعالم اجمع منتقدا وبصوت عال سياسة بلاده الخارجية خاصة في العراق وسوريا يعكس مدى ما تركته آثار هزيمة داعش على يد المقاومة العراقية والسورية بحيث فرض على ترامب ان يعترف بذل هزيمته المنكرة والتي فرضت انتهاج سياسة جديدة كما قال "انه سيركز على اصلاح البنية الاساسية الاميركية بدلا من الخوض في حروب لا نهاية لها".
ولم يقف انتقاد ترامب لسياسته بل انه انتقد ايضا سياسات حكومات الولايات المتحدة السابقة في الشرق الاوسط مذكرا بحادثة من ان "زيارته الاولى للعراق نهاية عام 2018 عندما اضطر طاقمه الى اطفاء كل الاضواء عن متن الطائرة العسكرية قبل هبوطها لاسباب امنية"، معترفا بحقيقة مرة عندما قال "انفقنا سبعة تريليونات دولار في الشرق الاوسط ولايمكن لنا ان نضمن هبوط طائرة بعد مرور 20 عاما"، و عبر عن هذه الحالة تعكس حالة من الاحباط والخيبة عندما وصف الامر بقوله "كم هو سيئا".
اذن ومما تقدم نستطيع القول ان اميركا وبعد فوات الاوان ادركت مدى ضعفها وعجزها عن تحقيق قليلا من الامن لطائراتها عند الهبوط خوفا من ان تكون هدفا لابناء المقاومة، وهذه الحالة تعكس ان الغول الاميركي الذي كان يخيف بعض الدول الخليجية لم يكن سوى نمرا من ورق لانه لا يستطيع حماية نفسه، فكيف يمكن له ان يحمي هذه الدول المرعوبة والمضطربة.
ومن الجلي والواضح ان هذه الروح الانهزامية التي يحملها ترامب اليوم بين ثناياه ستترك اثارها الكبرى على كل الذين وضعوا اقدامهم في ركاب عجلة الادارة الاميركية والذين كانوا يعتقدون ان ظهورهم محمية بقدرة لا تقهر، الا ومن خلال تصريح ترامب المحبط للامال هذا انها كانت تستند على حائط من الفلين الذي ينهار امام اقل ضربة.
واشار مراقبون ان ترامب وبتصريحه البائس هذاقد اعترف وبما لايقبل الشك ان مخططه الذي كان يلوح به من ان "داعش" لايمكن دحره الا بعد عشرين عاما قد تم افشاله على يد المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني بفتواها التأريخية وبقوة وصمودابناء المرجعية قوات الحشد الشعبي والقوات المسلحة العراقية،ولوحت بعض المصادر العراقية السياسية ان تصريح ترامب هذا قد يدفعه الى اخراج قواته من العراق كما اخرجها من سوريا مرغما، والسؤال المهم هو ماذا يمكن ان يستفاد من اعتراف ترامب، وكيف يمكن استثماره ضد السياسة الاميركية الهوجاء التي جعلت من شعوب هذه المنطقة حطبا لنيرانها، والجواب على ذلك ليس بالصعب، بل هو سهل يسير جدا اذ ان اعلان ترامب عكس عن سياساته الخاطئة وعلى مدى عقدين من الزمان والتي اوصلت المنطقة والعالم الى حالة من الارباك، مما ينبغي ان تدفع وبالدرجة الاولى شعوب الدول التي تضررت من جراء السياسة الاميركية الحمقاء الى مطالبة حكوماتها بالوقوف الحازم والحاسم ضد هذه السياسات خاصة التدخل السلبي في سياستها الداخلية من خلال توفير الاجواء لابقاء بعض قواتها كما زعم ترامب على اراضيها، وذلك بالعمل على طرد هذه القوات وتطهير البلدان منها، وكذلك طرد كل الارهابيين المدعومين من قبل واشنطن واعادتهم الى البلدان التي جاؤا منها وعدم منحهم اماكن آمنة على اراضيها خاصة في عراق اليوم، ومن ثم جمع الادلة والوثائق التي تدين ما سببته سياساتها من تدمير للبنى التحتية واراقة دماء العشرات من ابناء هذه الشعوب على يد محاربتها بالوكالة وتقديمها للمحاكم الدولية لتنال جزاءها العادل، والطلب من الامم المتحدة باتخاذ قرار أممي يلزم واشنطن بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبعد اليوم.