kayhan.ir

رمز الخبر: 91282
تأريخ النشر : 2019March03 - 19:38

'داعش انتهت' .. نظرية أم واقع؟


إبراهيم شربو

كثيرا ما بتنا نسمع شعارات القضاء على "داعش" وانهائها من سياسيين واعلاميين وغيرهم من العامة. ما جعل من كتابة هذه السطور والتي قد تعبر عن فكر مختلف قليلا حول هذه الرؤية والنظرية، ضرورة نراها ملحة.

داعش ومنذ انطلاقتها لم تكن حركة سياسية او حزب مدني لتنتهي مع تفكيكها او الحد من فعالياتها في البلاد التي ظهرت فيها. وانما خرجت كحركة فكرية ونظرية عقائدية تأصلت وتطورت خلال سنوات سيطرتها على بعض المناطق والمدن في كل من العراق وسوريا ودول افريقية اخرى.

اصل الرؤية التي اتحدث عنها هنا يكمن في ان الافكار والعقيدة لا يمكن لها ان تزول او تنتهي ابدا؛ بل هي مستمرة وقد تشهد تطورا بحسب قابلية هذه العقيدة على التكيّف والتماهي للظروف السياسية في العالم. كذلك الامر مع داعش العقيدة والفكر؛ فهي لم تنته كما يرى البعض من السياسيين او الصحفيين الذين ربما بأحسن تقدير يريدون تأجيج الوطنية في عقول شعوبهم.

داعش -وللأسف الشديد- مستمرة رغم الجهود العظيمة لازالتها ومحوها من الخارطة السياسية العالمية. وهذه هي سنة التاريخ.

فللتاريخ رأي حول نهاية الافكار والعقائد. لنعد قليلا إلى الوراء زمنيا، ولنرى؛ هل انتهت عقيدة النازية الألمانية التي سادت قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية بنهاية الحكم النازي في المانيا؟

الجواب الذي لا يمكن لأحد أن ينكره هو أن فكرة النازية لا تزال حية وموجودة بل وانتشرت الى مجتمعات حاربت هذه الفكرة في ألمانيا. وعلى الرغم من انها لا تشكل خطرا وجوديا على هذه المجتمعات الا انها محاربة من قبلها حتى الان.

نموذج آخر هي فكرة العبودية والتمييز العرقي في اميركيا، فهل تم القضاء عليها بعد الحرب الاهلية والتي لا تزال الاكثر وحشية ودموية في تاريخ الولايات المتحدة؟

طبعا لا. لأن النظام الحاكم اليوم في أميركا واعني الرأسمالية يرى في العبودية والرق حياة له واستمرارية، وهو السبب الرئيس في اندلاع الحرب الاهلية ورغبة الجنوب الذي يرى في العبودية صفة مجتمعه بالانفصال عن الشمال الذي رفع لواء انهاء الرق والعبودية.

الفكرة لا تموت؛ بل يمكن اخفاؤها الى حين، لا ازالتها الى الابد. وداعش الفكر لا يمكنها ان تموت بحرب عسكرية وابادة جماعية لمعتنقيها، بل انهاؤها يتطلب حرب أنعم بكثير مما يتصوره البعض وبالتأكيد صبر عظيم. لأن أي خطة لانهاء فكرة ما يجب ان ترسم على مدى بعيد ومنظور. فلا يمكنك انهاء عقيدة عبر جيل أو جيلين ممن عاصروها، بل عليك حتما ان تعمل على اجيال لم تدركها ولم تلمس آثارها سواء الايجابية او السلبية.

عقيدة داعش تنتمي الى فكر ومفكرين وارباب الفتاوى. وهذا ما يجعل من نهايتها مستحيلا. فطالما أن هناك مراكز وحوزات ومدارس تدرس الفكر الوهابي -الابن تيمي بالذات- فلا يمكن لمصدر الارهاب الداعشي أن ينضب. لأن هناك من يغذي هذا الفكر باستمرار بفتاوى الغاء الآخر وتكفير البقية واستباحة دماء واعراض الغير.

وبوجود هكذا منابع، ستبقى داعش الفكرة والعقيدة، وستبقى قوتها التدميرية مكبوتة في صدور البعض ممن ينساقون خلف داعشية نفوسهم ويطلقون لها العنان تحت رايات الفتاوى الوهابية الارهابية.

الحل يكمن في انهاء هذا الفكر. ومعاقبة كل من يعمل على ترويجه وتعليمه وتعميمه. ووقف التعامل وتدريس الكتب المدرجة تحته والمحرضة على الطائفية والتشدد والتطرف. القليل من الدول بدأت بكتابة مناهجها التعليمية وبادرت الى تلمع وتجميل الخطاب الديني فيها على المنابر ومقاعد الحوزات والمراكز العلمية التي تعنى بالشأن الديني على اساس الحد من هذه الافكار. تحت عنوان "تعديل الخطاب الديني". أمر ضروري في المبدأ ولكن ليس كافيا من حيث العدد والكم. لا سيما في ظل وجود مركز اساس لهذا الفكر والذي يعمل على ترويجه عالميا -واعني السعودية-، ما يجعل من الضروري الوقوف في وجه هذه المخططات التوسعية التي ينتهجها هذا الفكر في نشر التطرف والتشدد في العالم.