ترامب؛ "اسرائيل" اولا بدل اميركا اولا
بعد زيارتي جون بولتون مستشار الامن القومي وبومبيو وزير الخارجية الاميركيين للمنطقة، جاءت زيارة ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية الى لبنان لاكمال مهمة بومبيو في الترويج لمواجهة ايران والتحريض على حزب الله في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين واطلاقه بعض التصريحات اللامسؤولة تجاه حزب الله ومواقف اخرى لم تكن جديدة وهذا ما تكرره واشنطن باستمرار لكن الهدف من الزيارة هي ثلاث قضايا اولا لمناقشة الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة بريا وبحريا وهذا ما رد عليه رئيس الجمهورية والوزير باسيل بان الحدود خط احمر ولا يمكن المساس بها الثاني دعوة لبنان الى قمة وارسو مع ان اميركا تعلم قبل غيرها ان التركيبة اللبنانية لا تسمح لها الحضور الى مثل هذه المؤامرات والقضية الثالثة التي باتت تؤرق الادارة الاميركية هو تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية التي استغرقت وقتا اكثر من اللازم وخشيتها من ان تنتقل التجاذبات الى الشارع خاصة ان الفريق الموالي لها قد خسر الانتخابات النيابية وهو بحاجة اليوم الى اعطائه دفعات جديدة بعد ما تلقته من نكسات وهزائم.
ولشعور الجانب الاميركي بهشاشة الارضية التي يقف عليها الحريري ومدى قدرته في الاستمرار على موقفه لتشكيل الحكومة التي تتطابق مع رؤية الولايات المتحدة الاميركية اجاء هيل الى بيروت ليعلن فيها بكل وقاحة وصلافة عقب لقائه الحريري بان اختيار تشكيل الحكومة هو شان لبناني لكن نوع الحكومة المختارة يهم المجتمع الدولي وبكلمة ادق يعني بانه يهم اميركا وهذا تدخل سافر واهانة للبنان ولعمليته الديمقراطية في انتخاب ممثليه الذين يجب ان يكون لهم تمثيل حقيقي في الحكومة.
فالدعم الاميركي المفضوح لادواته في لبنان بات امرا بديهيا لكن ان يشكل وسيلة ضغط ليدفعوا الى الواجهة وكأنهم هم من فازوا في الانتخابات فهذه مهزلة وما اقبحها ان يفرضوا الشروط ويلتفوا على الحقائق وهذا امر مرفوض لا تقبله الشرائع ولا الاعراف ولا القوانين الدولية.
لكن التصرف الشاذ الاخر والمستهجن الذي صدر من المبعوث الاميركي ديفيد هيل هو اجتماعه بالسفير السعودي في بيروت خلافا لكل الاعراف الدبلوماسية وهذا يثير الشك والريبة حول تواطؤهما للتحريض على حزب الله خاصة وان الشعب اللبناني لا ينس المؤامرات الاميركية ضد هذا الحزب يوم اعترف السفير الاميركي الاسبق فيلتمن في لبنان بتخصيص 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله.
لكن اميركا وقبل غيرها تدرك جيدا ان مساحة مناورتها ضيقة في لبنان وان اي خلل في هذه الساحة لاتخدمها ولا تخدم ادواتها، لان حزب الله يمتلك من قوة وشعبية في جميع مكونات الشعب اللبناني يستطيع هزيمتهم وافشال مخططاتهم.
فاميركا ونتيجة لساساتها المخادعة والملتوية وبالذات في العهد الترامبي اصبحت اكثر وقاحة وصلفا وكذبا حيث خرجت آخر الاحصائيات بان ترامب منذ توليه الحكم وحتى اليوم كذب اكثر من 3000 مرة وهذه سمة اصبحت تلازمه ليل نهار و ان شعاره ابان حملته الانتخابية بان اميركا اولا اصبح من الماضي ولم يعد له وجود في الواقع وان كل ما يفعله اليوم سواء في تسويقه لصفقة القرن او دعمه المطلق لمحمد بن سلمان وجرائمه الفظيعة رغم ما لها من تداعيات كارثية على بلاده وما يوفده من مسؤولين اميركيين باستمرار الى المنطقة بشتى الحجج والذرائع كلها من اجل توفير الحماية للكيان الصهيوني لذلك ينبغي عليه ان يمتلك قدرا من الشجاعة ليعلن "اسرائيل" اولا بدلا من اميركا اولا.