قراءة في إعادة فتح سفارة ابوظبي في دمشق
صالح الصريفي
يقول المنظّر الطائفي الكويتي عبد الله النفيسي ، متهكماً "إن بعض دول الخليج الفارسي وصلت الى مرحلة من سلب الارادة الى عدم القدرة على تغيير معلم مدرسة ابتدائية الا بعد استشارة السفارة الامريكية"
وبغض النظر عن صحة القول من عدمة إلا ان الثابت ان مشيخة الامارات هي أحد تلك الدول الخليجية التي سلمت أمنها لإسرائيل وفوضت قرارها الى أمريكا وسخرت سياساتها وأموالها في بورصة التنافس مع السعودية في تنفيذ مايطلب منها امريكيا واسرائيليا.
وما فتح سفارتها في دمشق ومحاولة التقرب من الدولة السورية إلا تنفيذا لأوامر من البيت الابيض وتل ابيب وبالتنسيق مع الموساد والسي آي ايه
وفق لما خبأه قرقاش أمس تحت طي لسانه، ومايُقرأ بين السطور ، عندما قال : "إن قرار الإمارات بعودة العمل السياسي والدبلوماسي في دمشق جاء بعد قراءة متأنية للتطورات في سوريا ... ( من الذي قرأ ؟؟ومع من كانت القراءة المتأنية) ...؟؟ ثم أردف قائلا : إن الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه التغول الإقليمي الإيراني والتركي "
إذن هؤلاء يهدفون الى تزييف الحقائق وتجهيل الوعي السوري والعربي عبر إدعائهم في مواجهة مايسمونه " التغلغل التركي - الايراني" ، صحيح إن هناك توغل وتعدي تركي وإحتلال غير مشروع للأراضي السورية ، ولكن اين التوغل والتعدي والاحتلال الايراني !؟ وفي المقابل صحيح ان الامارات لم تتورط بشكل مباشر في الحرب السورية ، ولكن هذا كان دورها العلني ، أما الدور السري فهي كانت داعما اساسيا لسياسات إسقاط النظام السوري وعاملا مهما في مؤامرة تمزيق سوريا كأمة وتفكيكها كوطن وإفشالها كدولة .
إذن الى ماذا يهدف الاماراتيون في فتح سفارتهم ومحاولة عودة الدفء الى علاقتهم بالدولة السورية !؟ سؤال مطروح لابد من الاجابة عليه عبر فتح نافذة واسعة للحوار والتحليل والتشخيص ؟؟
ربما يحاول الاماراتيون الدخول الى سوريا من باب "مالم تستطع الحصول عليه في الميدان والسياسة
إحصل عليه في إعادة الإعمار"
ولكن كيف ؟؟.
هناك ثوابت ومتغيرات في العلاقات الدولية ، ومنها العلاقات الاماراتية السورية محل البحث ، والثابت هنا ان الاماراتيين لايريدون خيرا للسوريين ولم يعودوا الى دمشق لسواد أعينهم بل جاؤوا لتنفيذ مخطط صهيوأمريكي في تثبيت موطأ قدم لهم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية السورية من خلال محاولة لإختراق النسيج الاجتماعي ، والعناصر المحركة للمجتمع السوري:
أي المؤسسة العسكرية والأمنية والمؤسسة السياسية ، والسلطة وحزب البعث الحاكم ، والمؤسسة الدينية ، والفعاليات الاقتصادية والتجارية والمالية ، والجامعات والمدارس ، والطبقة المثقفة من الاعلاميين والصحفيين والادباء والشعراء والفنانين ، والشرائح الاجتماعية المؤثرة كشيوخ العشائر ، وكبار العائلات والمراجع الاجتماعية المختلفة .
نعم انهم يريدون إسقاط سوريا في الحرب الناعمة بعد أن أخفقوا في إسقاطها في الحرب الصلبة ، يريدون سلخ سوريا من محور المقاومة ، وفصلها عن محيطها المقاوم ، من خلال إعادة الاعمار والاستثمار وإستخدام الاموال السائبة في نسج العلاقات المشبوهة !! لذا نتمنى على السوريين حكومة وشعبا التفريق بين من وقف معهم في وقت الشدة والرخاء والحرب والسلام ، وبين من خذلهم في الشدة وتآمر عليهم في الحرب ، وعاد الآن ليريد أن يقف معهم في وقت النصر ويشاركهم صناعة الرخاء !؟