محادثات السلام اليمنية المقبلة في "ستوكهولم"... آمال تلوح في الآفاق وعقبات قد تنسفها قبل عقدها
الوقت- عقب انتهاء زيارة وزير الخارجية البريطاني لكل من السعودية والإمارات وإيران قبل عدة أيام، انتشرت العديد من التقارير الإخبارية التي تفيد بأن قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية أبدت استعدادها لوقف هجماتها الصاروخية على السعودية والإمارات بعد أن أعلنت قوات العدوان عن توقف هجماتهم العسكرية على ميناء الحديدة اليمني وهذا الأمر قد زاد من احتمالية انتهاء الحرب في اليمن والتوصل إلى حلول سياسية بعد ثلاث سنوات ونصف من بدء تلك الحرب البربرية على هذا البلد الفقير، والتي لم تستطع السعودية وشركاؤها الغربيون تحقيق أي مكاسب تذكر ولهذا فلقد اضطرت الرياض أخيراً قبول الحقائق الميدانية الجديدة والبدء بمحادثات سلام جادة مع جميع الأطراف ولا سيما حركة "أنصار الله" للخروج بماء الوجه من مستنقع اليمن.
وحول هذا السياق، أعلنت العديد من المصادر الإخبارية عن وصول "مارتين غريفيث" ممثل الأمم المتحدة الخاص باليمن إلى العاصمة "صنعاء" يوم الأربعاء الماضي، ولفتت تلك المصادر إلى أن "غريفيث" قال في اجتماع عُقد في مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، بأن جميع الأطراف المشاركة في الحرب اليمنية أبدوا استعدادهم للمشاركة في محادثات السلام اليمنية المزمع عقدها في العاصمة السويدية "ستوكهولم"، ومن جهته أعرب وزير الدفاع الأمريكي "جيمس ماتيس" يوم الأربعاء الماضي، بأنه من المرجّح البدء بجولة جديدة من محادثات السلام اليمنية في أوائل ديسمبر المقبل في السويد.
أبرز العقبات التي تحول دون انتهاء الحرب في اليمن وتحقيق السلام
إن عدم وجود إرادة سياسية صادقة عند قوى العدوان لإنهاء حربهم العبثية على الشعب اليمني المظلوم في المستقبل القريب، تعدّ واحدة من أهم العقبات الرئيسية التي تحول دون إجراء أي تسوية سياسية في هذا البلد الفقير ولطالما كان السعوديون ينظرون إلى اليمن على أنها عبارة عن فنائهم الخلفي وقاعدتهم التقليدية للتوغل والسيطرة على شبة الجزيرة العربية، ولهذا فإنهم لن يقبلوا أبداً بظهور حكومة مستقلة يتولّى "أنصار الله" فيها زمام الأمور.
وفي ظل الظروف الحالية، تقوم حكومات العدوان بتقييم ما هي المكاسب التي سيجنيها "أنصار الله" من هذه المحادثات السياسية وذلك للعمل من أجل سلبها منهم وهذا ما تؤكده الأحداث الأخيرة، حيث إنه وفي حين رحّب الجيش واللجان الشعبية اليمنية بخطة وقف إطلاق النار التي أعلن عنها ممثل الأمم المتحدة هذا الأسبوع لإظهار حسن النية، قام السعوديون والإماراتيون فجأة بتجديد هجماتهم على ميناء الحديدة وذلك لكسب المزيد من الوقت للانتهاء من عملية التقييم التي يقومون بها، ومن ناحية أخرى يمكن الإشارة هنا إلى أن هناك الكثير من الخلافات حول النقاط الرئيسية التي يجب التفاوض عليها ووقت بدء هذه المفاوضات وهنا دعا "أنصار الله" إلى فك الحصار ووقف الضربات الجوية، ولا سيما في مدينة الحديدة، كواحدة من المتطلبات لبدء هذه المفاوضات، كما يؤكد "أنصار الله" بأن المفاوضات يجب أن تجمع الأطراف اليمنية فقط وألّا تتدخل فيها جهات خارجية أخرى ولطالما كانت تحركات وأفعال ممثلي الأمم المتحدة على مدى السنوات الماضية رافضة لمبدأ الحياد ومتماشية مع مواقف حكومة الرئيس المستقيل والفار "عبد ربه منصور هادي" والقوى العربية والأجنبية الداعمة له.
وفي سياق متصل، هنالك الكثير من الخلافات بين قوى العدوان فيما يخص ما هي القوة الرئيسية التي ستشارك في المفاوضات وهذا الأمر أيضاً يعدّ جزءاً من التحديات التي تواجه عقد مفاوضات جادة بين جميع الأطراف ووفقاً لبعض التقارير الإخبارية التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، فإن أمريكا والإمارات، لا تريدان أن يظل "علي محسن الأحمر"، الذي تم انتخابه نائباً للرئيس المستقيل "هادي" من قبل السعودية في فبراير 2016، على رأس السلطة في المحافظات الجنوبية وأن يلعب دوراً بارزاً في عملية مفاوضات السلام اليمنية القادمة، على الرغم من الأخبار المنتشرة التي تؤكد بأن صحة "هادي" تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
الأسباب التي دفعت باتجاه عقد مفاوضات "ستوكهولم"
على الرغم من عدم وجود إرادة صادقة من جانب دول قوى العدوان لإنهاء الحرب وسفك الدماء في اليمن، إلا أن الضغوط الدولية المتصاعدة على هذه الدول لوقف هجماتهم اللاإنسانية والحصار اللاإنساني على هذا البلد الفقير الذي يعيش أزمة إنسانية صعبة، جعلت من الممكن أن توافق السعودية والإمارات وأمريكا على الانسحاب ووقف عملياتهم العسكرية والبدء بمفاوضات جادة مع حكومة صنعاء و"أنصار الله".
وعلى نفس المنوال، أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" قبل عدة أيام، بأنه منذ بدء السعودية لحربها العبثية والوحشية على الشعب اليمني، فلقد خسر حوالي 85 ألف طفل يمني دون سن الخامسة حياتهم بسبب الجوع، وحوالي 14 مليون شخص، أي ما يعادل نصف سكان هذا البلد يعيشون هذه الأيام في قحط مدقع ومجاعة ونظراً لانتشار العديد من التقارير التي تؤكد قيام السعودية بالكثير من المجازر في اليمن بالتزامن مع قيام حكومة الرياض بالتدبير لقتل الصحفي السعودي المعارض "جمال خاشقجي"، فلقد أثارت هذه التقارير الرأي العام العالمي ضد دول التحالف، حيث توقفت الحكومات الدنماركية والألمانية عن بيع الأسلحة للسعودية، كما اضطرت حكومة الرئيس الأمريكي "ترامب" للإعلان عن خفض دعمها لقوات التحالف المشاركة في حرب اليمن ولكن للأسف الشديد لم تأتِ هذه التحركات إلا بعد مرور أربع سنوات من قيام التحالف السعودي الإماراتي وبدعم من أمريكا بالكثير من المذابح لأبناء الشعب اليمني الضعيف وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أن المظاهرات الواسعة التي تشهدها المحافظات الجنوبية في اليمن ضد قوى العدوان وضد حكومة الرئيس المستقيل "هادي"، تعتبر أيضاً أحد أهم الأسباب التي أجبرت قوى العدوان وحكومة الفنادق القابعة في الرياض على الموافقة للبدء بمفاوضات جديدة مع حكومة صنعاء