kayhan.ir

رمز الخبر: 85998
تأريخ النشر : 2018November25 - 20:19

تقع القلوب اسيرة فتنتك حين يداعب ريح الصبا خصال شعرك وان رمينا سفينة الصبر ببحر الهموم فستنثرها العواصف كالواح في قعرك


حسين شريعتمداري

حقاً لولم يكن رسول الله (ص) في الوجود ولم يبعث محمد المصطفى رسولاً فكيف نبرر وجودنا في الدنيا؟ واي منفعة في خلق البشر وخلق السماوات والارضين؟! فيما كانت الاجابة بلا ابهام بسبب ذلك الكلام النوراني الذي خوطب به رسول الله (ص) "لولاك لما خلقت الافلاك".

ففي ذكرى الولادة، ذكرى تقدير اكبر وافضل هدية الهية لجميع البشر. هذه الهدية وان كانت خالدة ما دام الدهر وهي محفوظة من مدلهمات العصور، إلا انه وبعد رحلة الرسول محمد (ص)، اتخذت فرقة، كانت قد فقدت بظهور الاسلام حاكميتها المستبدة حين كانوا يكبتوا اصوات الناس عن المطالبة بحقوقها المشروعة، اتخذوا منهجاً مغايراً لسيرة الرسول (ص) ليعيدوا الاوضاع لما قبل البعثة النبوية. واليوم تعمد هذه الطبقة من الاشراف الموتورين من الاسلام الذي حرر المستضعفين من قسوتهم، يعمدون الى حيل شيطانية ليطمسوا الآذان كي لا تسمع نداء الاسلام الداعي للحق!

هذه المكيدة، وان لم تفلح في كل مكان ولم تنطلي على الجميع إلا انها فعلت فعلتها مع مرور الايام، واثرت على الاسلام المحمدي الاصيل لتخرجه من الميدان الفاعل لينزوي عن الدور المناط به.

فالاعداء حين سلوا السيوف على الاسلام والمسلمين وفشلوا في الوصول لمآربهم وجها لوجه واضطروا للاختباء واختيار النفاق، اعادوا الكرة هذه المرة بمسميات بني امية وبني العباس ليحكموا باسم الاسلام حتى بلغ المطاف الى عصرنا الراهن الذي أسماه قائد الثورة بعصر الخميني. فالامام الراحل قد اماط الغمة عن الامة بنفضه الغبار الثقيل عن وجه الاسلام الذي تراكم لقرون من البدع والخرافات والفكر المنحرف، وعرض الاسلام للعالم كما بدأت أولاً ولكن هذه المرة من ايران... ولكن ليس بالدين الجديد أو دعوة خارج اطار بعثة الرسول (ص). فهي دعوة لما نسي وعوده للسنوات الاولى من الدعوة الاسلامية. وكأن الرسول أمير القافلة من جديد يدعو الناس لجادة الصواب ويخرجهم من ظلمات الجاهلية المعاصرة. وكما قال الاستاذ الشهيد آية الله مطهري: "حين رفع الامام الخميني نداء الثورة وجد الشعب هذا النداء مأنوساً في قلوبهم فاقبلوا عليه بارواحهم". فهو ما افتقدوه لقرون متمادية ليسمعوا بشرى العثور عليه بلسان الامام الخميني. وهي البشارة التي اخبر عنها امير المؤمنين عليه السلام، بعد احصائه للمصائب التي ستواجه الامة، وقد اوصى الناس لانتظار ذلك اليوم، قائلاً ما مضمونه:

".... اني لارى اجساماً بلا روح وارواحاً بلا اجساد، وعباداً لم يسلكوا الصلاح، وتجاراً لم يربحوا تجارتهم، ايقاظ وهم نائمون، وحاضرون وهم غائبون، وناظرون لا يبصروا، وسماعون وهم صم وقوالون وهم بكم... . وارى راية الضلال كشجرة راسخة قد تفرعت اعوادها واينعت ثمارها...".

وبعد ان يصف الامير وقائع تلك البرهة يبدأ بالتحذير، قائلاً ما مضمونه "ولكل راحل عودة، فاسمعوا للحق من عالم رباني عارف بربه فاعدوا قلوبكم، واستعدوا ليوم تبعثون...".

بدورها كتبت صحيفة "تايمز" بهذا الخصوص: "ان خبر الثورة الاسلامية في ايران قد غزا العالم بسرعة، وقد تعرف الغرب مرة اخرى على الاسلام. الاسلام الذي لاقى ترحيباً شعبياً ثانية بعد عشرات القرون".

على سياق متصل يقول الستراتيجي الاميركي المعروف "ميشال جانسون" في نشرة "جيو بوليتيك"، "ان الثورة الاسلامية في ايران قد جدد حياة الاسلام مرة اخرى، فلم يكن في هذه الثورة اي دور للمصطلحات، القومية والشيوعية والاشتراكية والليبرالية، فالعالم الغربي يواجه اسلاماً قد نسي لقرون عدة بين المسلمين... فشعار الله اكبر هو شعار المسلمين عند ظهور رسول الاسلام، والخميني تكرار له"و... .

كما واقر "هنري كسنجر" مستشار الرئيس الاميركي في عقد السبعينيات من القرن الماضي قائلاً: "إن آية الله الخميني قد جعل الغرب أمام أزمة حادة مبرمجة، فكانت قراراته كالرعد تسلب اي نوع من التفكر والبرمجة من الساسة والمنظرين السياسيين. فلم يمكن لاحد ان يتوقع مسبقاً ما سيقرره، فهو يتحدث ويعمل بمعايير تختلف عن المقاسات المعروفة في العالم، وكأنه ملهم من جهة اخرى، فعداؤه مع الغرب منبثق من التعاليم الالهية، وحتى في عدائه كان خالصاً في نيته".

ومرة اخرى تتكرر احداث صدر الاسلام، فحرب الاحزاب، والعقوبات الاقتصادية، والحيل النفسية، وحضور المنافقين في الميدان، والتهديدات المتكررة للاعداء في الخارج واعتراض الذيليين في الداخل و...

ولكن لم يكن في الحسبان ان نتلقى ضربة "من مضمار الغنائم" كما حصل في حرب احد! او يصيبنا جرحاً كما حصل في حرب صفين من "رماح الغدر"! ولم يكن مقرراً ان يتراجع مالك عن مساره الى خيمة معاوية السوداء جراء حماقة الخوارج ومكيدة عمرو بن العاص. وما كان من المفترض ان نتخلى عن علي (ع) واضعاً رأسه على رأس البئر مظلوماً ليشكو ما يعانيه! وتكررت عاشوراء واحداث كربلاء ولكن هذه المرة جاء دور اليزيديين والدواعش السراق ليتم ازالتهم من الوجود. حقاً كم كان ذلك اليوم حزيناً، كان اول اربعين حسيني خالياً من الزوار إلا اثنين. جابر بن عبد الله الانصاري، وخادمه الوفي "عطية العرفي"!... فيما اليوم تشهد ارض كربلاء في اربعين الحسين (ع) حضور اكثر من 25 مليون زائر محب يأتون لزيارة سيد الشهداء، وحسب "هافينغتون بوست"، ان هذا الجيش العظيم اين ما توجه له امكانية الفتح ولا يقدر اي جيش ان يواجهه.

ويصف امير المؤمنين عليه السلام رسول الله (ص) قائلاً:

"طبيب دوار بطبه، قد احكم مراهمه واحمى مواسمه، يضع ذلك حيث الحاجة اليه من قلوب عمي واذان صم وألسنة بكم متتبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة..."

واليوم تبعث الثورة الاسلامية وصفة ذلك الطبيب الى اصقاع العالم، وفي كل مكان تحل فيها تخلق ملحمة عودة الاسلام المحمدي الاصيل. وكما قال الشاعر حافظ:

تقع القلوب اسيرة فتنتك

حين يداعب ريح الصبا خصال شعرك

وان رمينا سفينة الصبر ببحر الهموم

فستنثرها العواصف كالواح في قعرك