kayhan.ir

رمز الخبر: 85635
تأريخ النشر : 2018November18 - 20:44

الحديدة هل تكون المغامرة الاخيرة لإبن سلمان؟


عبدالرحمن راجح

في ظل التطورات التي شهدتها قضية إغتيال خاشقجي ، من قبل النظام السعودي . عادت الى الواجهة في الايام القليلة الماضية أحداث مدينة الحديدة شمال غرب اليمن. ويعتقد الكثير من المتابعين أن عودة التصعيد في الحديدة، تأتي في إطار المساعي السعودية والاماراتية لحرف الضغوط الاعلامية التي تستهدف السعودية، وولي عهدها محمد بن سلمان، الى موضوع الأحداث في الحديدة والإنتصارات العسكرية التي سيحققها إبن سلمان في هذه المعركة.

حيث حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جاهداً تشتيت الضغوطات السياسية والاعلامية التي تلاحقه حول موضوع إغتيال خاشقجي، من خلال إتفاق عقده في الآونة الاخيرة مع محمد بن زايد على التصعيد في مدينة الحديدة ووضعا الخطط لإقتحامها او محاصرتها من خلال إرسال أكثر من خمسة وثلاثين الف مرتزق تم تجميعهم من مناطق مختلفة من اليمن وخارجها ، بعضهم من تنظيم القاعدة وجماعة "داعش" بعد أن أعادوا تدويرهم وتسميتهم واصبحوا يُلقبون الآن بألوية العمالقة. ويهدف إبن سلمان من خلال تجميع هولاء وتزويدهم بأعتى وأقوى الأسلحة الأميركية والغربية الى إحداث معركة سريعة تُسقط الحديدة ويسجل فيها إنتصاراً ساحقاً، يستطيع من خلاله اولاً تشتيت الضغوطات عليه وتوجيه البعد الاعلامي نحو المعارك والاحداث في الحديدة ، والهدف الثاني تسجيل إنتصار عسكري باسمه لعله يعيد له بعض البريق الذي فقده خلال هذه الاحداث المتعلقة بقضية خاشقجي. حيث ان وسائل الاعلام قامت بسحقه بشكل كامل وجردته تماما من الاوصاف والالقاب القديمة التي حاول ان يسوقها للغرب والإعلام الغربي بإعتباره رجل الإصلاحات والسلام والإنفتاح والتجديد والتحديث في السعودية. واصبح الاعلام الآن يصفه بالديكتاتور الجاهل الذي لا يفقه شيئا بل ان إسم إبن سلمان اصبح الان ملازما لـ"المنشار"، واصبح الجميع يربط بين المنشار ومحمد بن سلمان في كل المحافل الاعلامية.

تحدى إبن سلمان التحذيرات من قبل المنظمات الدولية حول المخاطر التي يشكلها الهجوم على الحديدة بالنسبة للمدنيين وكذلك إنعكاستها على موضوع الأزمة الإنسانية وتفاقم المجاعة وانتشار الاوبئة والامراض، وهاجمت قواته المدينة من عدة محاور في أمل تحقيق إنتصار سريع وساحق يتم فيه السيطرة على الحديدة خلال يوم او يومين او على الاقل محاصرتها.

لكن ثبات الجيش واللجان الشعبية افشل خطة إبن سلمان وإبن زايد ولم تستطع عشرة ايام من المعارك ان تحقق شيئا حيث تمددت هذه القوات في شرق وجنوب المدينة، وتقدمت في المناطق الصحراوية التي تحيط بالمدينة وفشلت في الدخول للمدينة من الجنوب او الشرق بل انها تكبدت خسائر فادحة. وبث الاعلام الحربي اليمني مشاهد لمقتل العشرات منهم إثر الكمائن والالغام التي تم زرعها في المنطقة. وقال الناطق باسم الجيش العميد يحيى سريع ان المئات من المرتزقة قتلوا خلال المعارك الاخيرة في الحديدة كما أعلن القيادي في حركة انصارالله محمد ناصر البخيتي المتواجد في الحديدة ان التحالف السعودي فشل وانكسر للمرة الرابعة في الحديدة وانه لم يحصد أي نجاح في هذه العمليات. وبعد عشرة ايام من القتال العنيف في أطراف الحديدة أعلن تحالف العدوان انه اوقف العمليات هناك وان هناك تهدئة غير معلنة في الحديدة، الامر الذي نفاه بشكل قاطع الطرف الاخر واعلنت حكومة صنعاء أن تحالف العدوان يعد العدة لشن هجوم خامس على مدينة الحديدة. رافضة في الوقت نفسه وجود اي تهدئة او اتفاق لوقف اطلاق النار في هذه الجبهات.

وبالتزامن مع الاحداث التي شهدتها الحديدة جاءت التصريحات التي اطلقها وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت والتي قال فيها ان بلاده اقنعت السعودية والامارات بدعم العملية السياسية في اليمن ووقف التصعيد العسكري، كما ان بريطانيا اعلنت بعد جلسة مجلس الامن التي انعقدت بشان اليمن وقالت انها ستتقدم بمسودة قرار إلى مجلس الأمن تدعم المطالب الخمسة التي طالب بتنفيذها مارك لوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق شؤون الإغاثة الطارئة. حيث طالب لوكاك مجلس الأمن بتبني خمسة إجراءات فورية بالشان اليمني دون تأخير. وتتمثل هذه المطالب:

اولا: تنفيذ وقف الأعمال العدائية في جميع البنى التحتية والمرافق وحولها التي تعتمد على عمليات الإغاثة والمستوردين التجاريين. "وهذا الشرط على مايبدو انه يشير بشكل مباشر الى مدينة الحديدة ومينائها".

ثانيا: تسهيل حماية الإمدادات الغذائية وغيرها من السلع الأساسية في جميع أنحاء البلاد.

ثالثا: ضرورة دعم الاقتصاد اليمني عن طريق ضخ العملات الأجنبية ودفع الرواتب والمعاشات.

رابعا: زيادة التمويل والدعم لعملية المساعدات.

وخامسا: مطالبة جميع المتحاربين بالعمل مع المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث لإنهاء النزاع.

وجدد مارك لوك دعوته للتحرك بسرعة نحو تدابير بناء الثقة والمشاورات، واستئناف المفاوضات الكاملة بين الأطراف المتحاربة في اليمن.

واذا ما صدقت بريطانيا في هذا القرار فيبدو ان مغامرات إبن سلمان نحو الحديدة قد تتوقف خاصة مع الصفعة الجديدة التي تلقاها من حلفائه بعد تاكيد المخابرات الاميركية بشكل صريح أن ولي العهد السعودي أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول. حيث اوضحت المصادر الاميركية أن وكالة المخابرات أطلعت جهات أخرى بالحكومة الأميركية على استنتاجها بأن ولي العهد السعودي أمر بقتل خاشقجي. ويتناقض هذا الاستنتاح مع تأكيدات ترامب بعدم تورط محمد بن سلمان في هذا الأمر، في مساع واضحه لإبعاد الشبهة عنه، واستمرار العلاقة معه. ويعتقد العديد من المحللين السياسيين ان هذه الاشارة من وكالة الاستخبارات الاميركية سوف تُنهي مستقبل إبن سلمان وتزيد الضغوط عليه، ما سيؤدي الى توقف مغامراته العسكرية نحو الحديدة، بعد ان اصبح منبوذا من قبل حلفائه الاميركان الذين ظلوا يناصروه ويدعموه في حربه الظالمة على اليمن خلال الاربع سنوات المنصرمة.