حزب الله يعزز قوة ردع لبنان: ردنا حتمي
جهاد حيدر
مرة أخرى، يتجدد التزام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، بالرد الحتمي على أي اعتداء اسرائيلي على لبنان. ومرة أخرى يثبت حزب الله معادلة الردع في مواجهة تجدد رهانات العدو، وارتفاع منسوب الضغوط. ومنعاً لأي التباس، أتت صيغة السيد نصر الله بالتأكيد على الرد "حتما، حتماً، حتما". وهو ما سيكون له حضوره المؤكد لدى القيادتين السياسية والأمنية في "تل ابيب"، خلال دراسة خياراتها العملانية.
كما في كل محطة سابقة، كل رسالة ردع وجهها حزب الله كان لها سياقها وتوقيتها المتصل برهانات العدو ونشاطاته ومساعيه، والجديد في هذه المحطة انضمام بعض الدول الاوروبية ومعها الولايات المتحدة، لممارسة الضغوط على لبنان والمقاومة من أجل تجريدها من قدراتها الصاروخية الرادعة.
محاولة اكتشاف أهداف وسياق تأكيد المعادلة التي أعلنها السيد حسن نصر الله، تستوجب فهم ما يخطط ويراهن عليه العدو، وما يستند إليه من تقديرات. كذلك إن محاولة اكتشاف المعادلات أو الوقائع التي يحاول العدو فرضها تستوجب استخلاص ما يستند إليه من تقديرات إزاء حزب الله والبيئة التي تؤثر بخياراته.
لم يُسلّم العدو، ابتداء، بالمعادلة التي فرضها حزب الله، لكنه اضطر للتكيف معها قهراً، انطلاقا من ادراكه أنه سيدفع أثمانا مؤلمة ولا تطاق في حال تجاوز خطوط حمراء محدَّدة. وعلى هذه الخلفية، من الطبيعي أن يسعى قادة العدو على الدوام من أجل التفلت من هذا القيد. ولهذه الغاية، يواصل توجيه رسائل التهديد والتواصل مع بعض الدول الاوروبية، ومع الولايات المتحدة، من أجل ممارسة الضغوط على لبنان.
عمد العدو الى التواصل مع فرنسا من أجل ايصال رسائل الى لبنان تتعلق بضرورة تخلي المقاومة عن قدراتها الصاروخية الدقيقة
وفي الأيام السابقة عمد العدو الى التواصل مع فرنسا من أجل ايصال رسائل الى لبنان تتعلق بضرورة تخلي المقاومة عن قدراتها الصاروخية الدقيقة. والى ذلك، لفت السيد نصر الله بالقول "نجد أن العدو الاسرائيلي خصوصاً في الآونة الاخيرة يحاول التركيز كثيراً على موضوع القوة الصاروخية والقدرات الصاروخية المتاحة للمقاومة من خلال التهويل ومن خلال الضغوط الدبلوماسية ومن خلال استخدام الامريكيين وحتى بعض الدول الاوروبية ومن خلال ايجاد حالة من التخويف والتهديد بأنه إن لم يتم معالجة هذا الامر هو سيعالجه".
في المقابل، كانت هناك حاجة، لعرض أوراق الضغط المضادة التي يملكها لبنان في مواجهة ضغوط الجهات الدولية، اضافة الى كيان العدو. ومن هنا تأتي أهمية اعلان سماحة الامين العام، الذي أوضح أن "أي اعتداء على لبنان، أي غارة جوية على لبنان، اي قصف على لبنان، سنرد عليه حتماً، حتماً، حتماً". وتنبع أهمية موقف سماحته، ايضا، انطلاقا من كونها تبدد الوهم بأن حزب الله بات مضغوطا ومكبوحاً عن استخدام أوراقه، في مواجهة الخيارات التي يحاولون حشره بينها. أما الرضوخ للاملاءات، أو تعرض لبنان للعدوان. وما يرفع من وتيرة مفاعيل الرسالة التي وجهها حزب الله، أنها صدرت على لسان سماحة السيد نفسه، التي تعني من منظور القيادة الاسرائيلية بأنها حقيقة منجزة. وأنه لا مجال إلا أن ينفذ حزب الله تعهداته.
في ضوء ما تقدم، يمكن الجزم أن التزام سماحة السيد بالرد الحتمي، ثبَّت الغاء فرضية أن يمتنع حزب الله عن الرد، من ضمن مروحة خيارات قادة العدو، تجنباً لتدحرج نحو مواجهة لا يريدها. وهكذا بات العدو أكثر ادراكاً لعواقب هذا الخيار العدواني، وهو ما سيدفعه بالضرورة الى اعادة النظر في مدى صحة تقديراتهم المتصلة بالمستجدات الاقليمية التي دفعتهم لتجديد رهاناتهم. والى تعزيز الحقيقة التي سبق أن رسخها حزب الله في وعي قادة العدو، أن أي مغامرة أو محاولة لجس النبض ستواجَه بجبي أثمان مؤلمة ستؤدي الى تعزيز معادلة الردع القائمة بدلا من أن تؤدي الى تعبيد الطريق الى فرض معادلة جديدة مع لبنان.