الانتخابات الباكستانية وتعزيز الخيبات السياسية السعودية
أفرزت الانتخابات التشريعية في باكستان مرحلة سياسية جديدة في البلد النووي الآسيوي، ستكون لها ارتدادات محلية ودولية، لما ستحمله من تغيير في السياسات الباكستانية على الصعد كافة. وقد عزّزت نتائج الانتخابات الخيبات السياسية السعودية المتتالية آسيوياً.
وجهت الانتخابات الباكستانية صفعة للرياض، بحصول خصمها عمران خان (65 عاماً) على الأغلبية البرلمانية، مطيحاً حليفها رئيس الوزراء نواز شريف المسجون بتهم فساد هو الآخر.
فوز حركة عمران خان في الانتخابات التشريعية
وأعلن زعيم "حركة الإنصاف" عمران خان عن فوز حركته في الانتخابات العامة بباكستان، على حساب حزب رئيس الوزراء السابق المعتقل نواز شريف الذي يمثل "الرابطة الإسلامية".
وأكد خان في خطاب متلفز، أن حركته حصدت أغلبية المقاعد في البرلمان، ما يمنحها الحق في تشكيل الحكومة الجديدة.
وتعهد خان بأن يقود حزبه باكستان بنهج جديد، معربا عن رغبته في بناء علاقات ذات منفعة متبادلة مع الولايات المتحدة وترسيخ السلام في أفغانستان المجاورة.
وبحسب نتائج أولية تقدم حزب "حركة إنصاف"، الذي يقوده خان، بحصوله على 116 من مقاعد البرلمان، من إجمالي 272.
وحلَّ حزب "الرابطة الإسلامية" (جناح نواز شريف) في المرتبة الثانية، بحصوله على 58 مقعداً، فيما نال"حزب الشعب الباكستاني"، يقوده بيلاوال بوتو، 39 مقعداً.
الباكستانيون صوّتوا خلاصاً من السعودية!
قالوا كلمتهم الفصل وصوّتوا خلاصاً من السعودية.. ما قام به الباكستانيون يوم الانتخابات البرلمانية الخميس الماضي 25 تموز/ أغسطس 2018، قلب موازين الحكم.. رئيس الحكومة السابق، والمعتقل حالياً بتهم الفساد، نواز شريف اخيراً خارج السلطة.
رجل السعودية الاول والمتآمر على شعبه وجيشه (في قضية زجّ الجيش بحروب داخلية وتوريطه بالعدوان على اليمن)، لم يعد يملك قرار فساد البلد.. الشعب استبدل رجل الفساد بتكتل وطني قويّ يرأسه المعارض عمران خان، رئيس حركة "إنصاف" الباكستانية، المدعومة من مجلس وحدة المسلمين وأحزاب إسلامية وسياسية اخرى.
فرحة النصر، لم تنتظر الاعلان الرسمي للنتائج.. فما ان بدأت تتسرب احصائيات أولية مؤكدة عن فوز خان الكاسح خرج ليعلن خطاب النصر.. هنأ مؤيديه لتحقيق حلم جاء بعد كفاح استمر 22 عاماً، مشعلاً بارقة أمل غابت عن أذهان باكستان لزمن "دولتكم ستكون مزدهرة ومرفهة على غرار حكم رسول الله محمد (ص) للمدينة المشرفة" على حد وصفه .
خسارة فادحة لحلفاء السعودية
في الخلاصة ترسم نتائج الانتخابات الباكستانية 2018 خسارة فادحة لحلفاء السعودية، والهزيمة التي أصابتهم تنذر بتحول كبير في النظام السياسي إن صدق خان.
فباكستان اليوم غير بلد المئتيّ مليون في الأمس، والحكومة المرتقبة ينظر اليها البلد النووي نظرة امل تقلب موازين حكم فاسد هيمن طيلة اربعين سنة.
يصل خان إلى الحكم في أوقات عصيبة تعيشها بلاده على الصعيدين الاقتصادي والأمني، وفي مرحلة حساسة دولياً، تتطلب جهوداً كبيرة لإبقاء باكستان بعيدةً عن تأثيراتها.
ويبرز الرجل إلى واجهة الحكم في إسلام آباد، مستنداً إلى مواقف عديدة، عارض فيها سياسات الولايات المتحدة والسعودية، وهو ما جعله خصماً للرياض، التي وجهت إمكاناتها المالية والإعلامية ضده، في خلال السنوات الأخيرة. باكراً، بدأ الإعلام السعودي حملته الدعائية ضد خان.
ففي كانون الثاني من عام 2016 وصفته صحيفة «عكاظ» بأنه «مندوب قم في إسلام آباد»، وأنه لعب دوراً كبيراً في تأليب الرأي العام ضد المملكة في أروقة البرلمان الباكستاني، وذلك بعد معارضته لأي مشاركة باكستانية في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
فمع بدء العدوان السعودي على اليمن، وفيما كانت الرياض تحشد «إسلامياً» لتشريع عدوانها، كان خان يدعو إلى أن تلعب باكستان دوراً قيادياً في المفاوضات والمساعدة في محادثات السلام، بدلاً من أن تصبح أحد المشاركين في الحرب، في ردّ على تصريحات رئيس الوزراء حينها، نواز شريف، الذي تعهد بالدفاع عن السعودية، معتبراً أن الدفاع عن سيادتها الإقليمية هو جزء أساس من سياسة باكستان الخارجية، حسب تعبيره.
خان، وعلى إثر سعي شريف إلى مشاركة السعودية في عدوانها، عمد في نيسان عام 2015 إلى إنهاء مقاطعته للبرلمان التي استمرت سبعة أشهر، وطالب مع أحزاب معارِضة في باكستان بعقد مؤتمر يجمع جميع الأحزاب لمناقشة التطورات في اليمن، كي لا يتفرّد الحزب الذي يتزعمه شريف بالقرار.
لماذا تشكل الانتخابات الباكستانية أهمية للعواصم الخليجية؟
يقول خبراء في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، في تقرير نشره موقع العربية السعودي، إنَّ نتائج هذه الانتخابات ستشكل طبيعة العلاقات بين الدولة صاحبة الترسانة النووية وجيرانها في المنطقة، بل وغيرها من الدول. إذ يرون أنَّ المرشح الفردي أو الحزب السياسي الذي سيفوز في الانتخابات سيتعين عليه إعادة تقييم المنطقة جيوسياسياً، ويعيد تشكيل الكثير من العلاقات.
وبالمثل، تدرك الكثير من العواصم الخليجية والشرق أوسطية أهمية دور إسلام آباد في الهيكل الأمني للمنطقة، ومن ثم سيراقبون نتائج المنافسة الشرسة التي يُحتمل أن تشتعل في باكستان.
قال دكتور مؤنس أحمر، مدير برنامج دراسات السلام وتسوية الصراع في جامعة كراتشي، إنَّ العالم العربي لا يمكنه تجاهل تغير الحكومة في باكستان؛ لأنها دولة نووية وثاني أكبر دولة مسلمة.
موقف خان من مشاركة باكستانية في العدوان السعودي على اليمن
لم يكتف خان بمعارضة أي مشاركة باكستانية في العدوان السعودي على اليمن، بل إنه عارض أيضاً إرسال قوات باكستانية إلى السعودية تحت ذريعة تدريب جيش الأخيرة، على اعتبار أن تلك الخطوة قد تكون التفافاً على قرار البرلمان الباكستاني، حيث دعا، في شباط الماضي، إلى عدم السكوت عن إرسال الحكومة الباكستانية قوات من الجيش إلى السعودية، من دون اكتساب ثقة المجلس الوطني، وهو ما نتج عنه قيام رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، السيناتور رضا رباني، باستدعاء وزير الدفاع خرم دستغير، لتقديم إيضاحات حول خلفية القرار.
يوجّه خان، الذي فاز مع بلاده في بطولة العالم للكريكت كلاعب، أنظاره باتجاه ما تعانيه بلاده على الصعيد الداخلي. وفي العديد من إطلالاته الإعلامية، أكد أن قضية باكستان لا علاقة لها بالليبرالية أو الأصولية، كما ينظر إليها الغرب، بل هي قضية حكم.
ويرى الرجل أن مشكلة الغرب هي في النظر إلى باكستان على أنها قضية ليبرالية وأصولية، مسخّفاً تلك الرؤى، مقارنةً بما تعانيه بلاده، التي يوجد فيها 25 مليون طفل خارج المدرسة، ومعدلات وفيات أطفال هي الأعلى في العالم. وعلى رغم دراسته في «أكسفورد» البريطانية وحياته وزواجه السابق في المملكة المتحدة، فإن خان ينظر إلى الولايات المتحدة من زاوية المآسي التي خلفتها بعد اجتياحها لأفغانستان، وينفي مزاعمها حول أن بلاده توفر «ملاذات آمنة» لحركة «طالبان» الأفغانية وحلفائها.
السعودية أمام خطاب سياسي جديد في البلد النووي
تغيير وجه الحكم في ثانية أكبر الدول الإسلامية، لا يمكن تجاهله من قبل السعودية والولايات المتحدة. فوصول عمران خان الذي وصف حكام العالم الإسلامي بـ«الدمى التي تديرها واشنطن»، إلى الحكم، سيكون له تأثير مباشر على سياسات باكستان الخارجية بشكلٍ عام، وعلى علاقة إسلام آباد مع الرياض بشكلٍ خاص.
السعودية ستجد نفسها أمام خطاب سياسي جديد في البلد النووي، الذي حاولت جاهدة استمالته إلى جانبها بوجه إيران، في الآونة الأخيرة، من دون أن تحقق نتائج ملموسة على هذا الصعيد، لا سيما بعد ما تردّد عن رفض الحكومة الانتقالية الباكستانية أخيراً طلباً تقدمت به الولايات المتحدة والسعودية لإنشاء غرفة عمليات في بلوشستان الباكستانية، لزعزعة النظام في إيران.
والآن، مع وصول خان، المدعوم من قادة الجيش، واستناداً إلى مواقفه السابقة، فإن عاملاً حاسماً في العلاقات الأمنية والسياسية مع الرياض وواشنطن قد فرضَ نفسه. فالسعودية التي سعت إلى محاصرة إيران «إسلامياً وجغرافياً»، تبدو هي محاصرَة الآن، بعد تفرّق معظم حلفائها عنها، أو سقوطهم بقرار شعبي داخلي، الواحد تلو الآخر.
عمران خان : نتطلع الى تطوير علاقات باكستان مع ايران
وأكد "عمران خان" زعيم حزب «حركة الإنصاف» الباكستاني والمتقدم في انتخابات المجلس الوطني، أن الحكومة المستقبلية لحزبه، ترغب في تعزيز وتطوير العلاقات مع الدول المجاورة، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ونوه عمران خان على أهمية علاقات باكستان مع إيران، وقال إن بلاده تتطلع إلى علاقات جيدة و حسن جوار مع طهران.
وقال إن باكستان بحاجة للسلام والاستقرار، ونحن نريد علاقات جيدة مع جيراننا، والحكومة المستقبلية ستوسع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
العالم