الرؤية المشتركة للامام الخميني ورؤساء اميركا
حسين شريعتمداري
يذكر ان شخصا معروفا بكثرة ادعائه وغروره حاول ليظهر مدى شجاعته، فذهب الى امام جماعة مسجد المحلة التي يسكن فيها وخاطبه بصوت مرتفع بحيث يسمعه الاخرون، متسائلا: اذا كنت واقفا للصلاة، وداهمني اسد بزئيره فما هو الحكم الشرعي هنا؟ هل علي ان اقطع صلاتي واهرب؟ أم استمر في الصلاة؟ فرد عليه امام الجماعة وهو يعرف حاله جيدا ويعلم بترهاته، قائلا: اذا لم يبطل وضوؤك بسماعك لزئير الاسد فعليك الاستمرار في صلاتك!
بالامس هدد ترامب الجمهورية الاسلامية برد قوي، في موقف مضحك قورن بسخرية بعض المسؤولين الاميركيين السابقين والحاليين وعديد من الدول الغربية. اذ كتب ترامب على صفحته الشخصية في رد على تصريحات السيد روحاني ضد اميركا بان لا تعبث بذيل الاسد، قائلا: "احذر من ان تهدد اميركا مرة ثانية، اذ ستدفع الثمن الذي لم يدفعه احد على مر التاريخ. فلسنا الدولة التي تتحمل سماع الالفاظ النابية التي يشم منها رائحة العنف والموت. عليك ان تحذر!"
ان الرسالة النصية لترامب والتي يشم منها التهديد العسكري تأتي في وقت جربت اميركا الخيار العسكري خلال الحرب المفروضة وخرجت منها خائبة، وهي في اوج قدرتها وكانت جميع القوى الى جانبها ومنها الاتحاد السوفياتي السابق وكانت ايران حديثة العهد من ثورة شعبية وقد ووجهت بانواع الفتن منذ اليوم الاول للثورة مثل؛ الانقلابات الفاشلة، والحصار الاقتصادي، ومواجهة المجاميع المسلحة الارهابية، و... ولم نكن نعلم حتى بمخازن اسلحتنا، وقادة الجيش قد هربوا وكانوا بخدمة الاعداء. فيما كانت مدننا تقصف باسلحة يهديها الغرب، وبصواريخ تضرب المناطق السكنية، ولاحيلة لنا لمواجهتها !
واليوم حتى اوروبا تقع ضمن مديات صواريخنا بعيدة المدى، فتطورات العقدين الاخيرين في المنطقة تشهد باننا كنا صاحب اليد الطولى فيها والحديقة الخلفية الستراتيجية للعدو اضحت تحت سيطرتنا، وتحول غرب آسيا الى فيترين لانكسارات وفشل اميركا وحلفائها، وليس ادل على ذلك، انتصارات حزب الله في حرب الـ 33 يوما، وفي حرب حركة حماس لـ 51 يوما و22 يوما و8 ايام، وكذلك تصفية الارهابيين الوحوش من عناصر داعش والنصرة و... والتي تتلقى دعما اميركيا اوروبيا واسرائيليا مباشرا، وهكذا ايقاع التحالف السعودي في اوحال اليمن لاربع سنوات، التحالف الذي يتلقى دعما غربيا وعبريا وعربيا، وكان يتوقع انهاء الوجود الحوثي في اليمن خلال اسابيع. وفي سورية سعت اميركا وحلفائها لقلب الحكومة بشعار ينبغي ان يرحل الاسد، وتوقعوا ان يحصل ذلك في اسبوع الا ان الحرب استمرت لسبع سنوات ولم يفلحوا في شطب احدى حلقات سلسلة المقاومة بل تظافرت انتصارات محور المقاومة بزعامة ايران الاسلامية.
وان كان ترامب يتظاهر الجنون كي تكون اجراءاته غير متوقعة وتبدو خطرة للخصم الا انه يعلم جيدا ان مواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية لا يعالج بالتظاهر بالجنون وانما هو الجنون بعينه.
وليرحم الله الامام الراحل (ره) حين قال لو كان بمقدور اميركا مهاجمة ايران لما تلكأت لحظة واحدة، مؤكدا ان اميركا لحقدها وعدائها لايران الاسلامية كانت تفعل كل ما بوسعها ولكن عجزت عن ذلك.
قبل سنوات نشرت "ويكلي استاندارد" الاميركية، بعد مرور احداث عقود ثلاثة بين ايران واميركا؛ "ان جميع رؤساء اميركا بدءا من كارتر الى اوباما يشتركون مع الامام الخميني في وجهة نظر واحدة وهي انه ليس بامكان اميركا ان ترتكب اية حماقة".