ملامح الدولة السورية كما يرسمها الاسد
ما شهده الجنوب السوري سواء من تقدم عسكري في الميدان أو مصالحات سياسية الاسبوعين الاخيرين كان مذهلا لوجود عوامل مختلفة اهمها ارادة الدولة السورية في السيطرة على كامل اراضيها والثاني استقبال اهالي المنطقة للجيش العربي السوري والعودة الى حضن الوطن والتخلص من المجموعات الارهابية. فخلال هذه الفترة وتزامنا مع تقدم الجيش السوري واستعادة سيطرته على العديد من البلدان المهمة في ريف درعا وصولا الى تحرير المغفر الحدودي المهم معبر نصيف ومن ثم الاتجاه غربا لتحرير 27 مخفرا حدوديا ومن ثم السيطرة على بلدة ريزون.
وتزامنا مع التقدم الميداني للجيش العربي السوري للوصول الى الحدود الاردنية وكذلك الاراضي المحتلة، فان المصالحات كانت تجري على قدم وساق في المنطقة حيث انضمت 90 بلدة في الجنوب الى منطقة خفض تصعيد التوتر لتدب الحياة ثانية في شرايينها وتعود الى حضن الوطن السوري.
ومع هذا التحرك اللافت والحاسم للقيادة السورية في الجنوب فانها لم تغفل بتاتاً عن منطقة الشمال السوري وشرق الفرات لتضع حدا لما يجري هناك لكن تحركها هنا كان من نوع آخر حيث كثفت اتصالاتها مع الاحزاب الكردية لايجاد مخرج لما تشهده المنطقة بعد الاجتياح التركي المدعوم اميركيا للمنطقة والهدف من كل ذلك تشبيك المصالح والعلاقات بين الدولة السورية والاحزاب الكردية من اجل عودة الدولة الى الشمال السوري وشرق الفرات ابتداء من الحسكة الى الرقة ومن ثم ريف حلب الشمالي والتقدم الى عين العرب ومن ثم عفرين.
وكما يقال رب ضارة نافعة فلو لا الاحتلال التركي عبر التعاون مع المجموعات المسلحة لعفرين وبعض المناطق لما احست الاحزاب الكردية بخطورة الموقف وبوجودها وهنا كانت نقطة التحول في موقف الاحزاب الكردية حيث اتجهت صوب دمشق من جهة ومن جهة اخرى فقدت الثقة بواشنطن وموسكو عندما انحازت الاولى لتركيا في احتلال المناطق الكردية فيما هادنت الثانية الموقف التركي.
الجانب الكردي الذي شعر بخطورة الموقف نتيجة للاجتياح التركي الذي لم يستهدفه فقط بل يستهدف بيئته ايضا زاد من تحركه صوب دمشق لمزيد من التعاون والتنسيق ليس سياسيا فقط بل حتى في الميدان عندما التحقت قوات قسد بالقوات السورية للانتشار في ريف عفرين ومنع الجيش التركي من التقدم.
الاحزاب الكردية التي فقدت الامل بواشنطن المعروفة بخذلان حلفائها في وقت الشدة لم تكتف بتوثيق علاقاتها بدمشق والتنسيق معها بل ذهبت الى ابعد من ذلك لتفتح قنوات مع طهران التي تفي بوعودها لانها تتعامل بالمبادئ وليس بالمصالح الآنية ولم تتخل عن اصدقائها ابدا.
الرئيس السوري بشار الاسد الواثق من نفسه ومن جيشه وشعبه اعلن في حوار مفتوح مع الدبلوماسيين السوريين العاملين في الخارج عن تلازم عنصرين اساسيين هما اعادة الاعمار التي تعتبر من الاولويات والاخر الاستمرار بمكافحة الارهاب حتى تحرير كامل التراب السوري مهما كانت الجهة التي تحتلها.
ما قاله الرئيس الاسد يؤكد ما لايقبل الشك ان سوريا عازمة على الاعمار وفي نفس الوقت مواصلة القضاء على الارهاب نهائيا دون ان تكترث بالاعداء مهما كان قوتهم لتثبت للعالم مقولة الشاعر التونسي:
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر