العد والفرز اليدوي .. هل يحسم شرعية الانتخابات العراقية؟
علي الدمشقي
الى عمليات العد والفرز اليدوي لاوراق الانتخابات البرلمانية تشخص ابصار العراقيين والى النتائج النهائية تشرئب اعناقهم.
بعد عدة دورات ومواسم انتخابية لا يتذكر الشارع العراقي تشكيلاً سلساً او ولادة يسيرة للحكومة وبهذا فان الانتخابات الحالية لم تختلف عن سابقاتها من حيث التعقيد والتقاطع والسجالات والماراثونية في مسار التصريحات الاعلامية من قبل الساسة .
الفراغ التشريعي يمر ويزداد سقفه الزمني وبوادر الامل تنحصر امام انظار المواطنين ولم يبقى لديه الا الانتظار الذي لا يملك سواه.
تزوير أصوات كركوك لمصلحة الأحزاب الكردية
مسؤولون عراقيون في بغداد وكركوك كشفوا عن فارق كبير في نتائج أصوات 32 مركزاً انتخابياً، بعد أن أعاد القضاة المنتدبون عدّ وفرز الأصوات فيها يدوياً، مرجحين إحالة ما لا يقل عن 80 موظفاً ومسؤولاً في مفوضية كركوك، أغلبهم من الأكراد، إلى القضاء بتهمة التزوير مع نهاية عملية العد والفرز في كركوك التي من المتوقع أن تنتهي خلال بضعة أيام.
هذا وكشف مصدر مطلع، عن خسارة بعض الاحزاب السياسية لعدد كبير من الاصوات في العد اليدوي،فيما اشار الى وجود تفاوت في عدد الاصوات لجهات كانت خاسرة في العد الالكتروني.
وقال المصدر إن "الاتحاد الوطني الكردستاني خسر خلال عملیات الفرز الیدوي الجارية لغاية الان ما مجموعه 3000 صوت في داقوق وداخل مركز محافظة كركوك".
ولفت الى أن "الجبھة التركمانیة كسبت لغاية الان 2800 صوت، فیما كسب المكون العربي 1600 صوت”، مشیرا "ذلك سیغیر نتائج الانتخابات في المحافظة بشكل كبیر".
وفي السياق اكد قاضي من كركوك طلب عدم الكشف عن اسمه قال ان "أغلب عمليات التزوير تبدو لمصلحة الأحزاب الكردية على حساب الأحزاب العربية والتركمانية في مناطق مختلفة من كركوك وضواحيها مثل الدبس وداقوق والتون كوبري ومركز مدينة كركوك نفسها الأعلى بجرائم التزوير"، متابعاً انه "في محطة اقتراع احدى المدارس بمدينة داقوق مثلاً، تم احتساب 209 أصوات لمرشح إلكترونياً، لكن الحقيقة أنها 109 أصوات"، مشيرا الى انه "في محطة أخرى أضيف في النتائج الإلكترونية 16 صوتاً لمرشح اخر بينما له صوت واحد فقط، وهو ما ظهر في العد اليدوي".
واضاف القاضي انه "تم ضبط ما لا يقل عن 400 استمارة انتخابية محشوة داخل الصناديق أو أنها بلا بيانات ما يعني أن موظفين قاموا بملئها ووضعها في الصندوق"، مرجحاً في "حال استمرار ظهور فارق كبير في المراكز التي اختيرت للعد والفرز يدوياً أن يصار إلى إعادة عد وفرز كل أصوات كركوك".
ومن المتوقع أن تتم عملية الفرز اليدوي في ست محافظات أخرى على الأقل، في الأيام المقبلة.
مخاوف من "صفقة" لتسوية نتائج الفرز اليدوي بالانتخابات العراقية
القيادي في "حركة التغيير" الكردية عدنان عثمان، قال انه يتوقع "عدم حدوث تغيير في نتائج الانتخابات التي أُعلنت في وقت سابق، بسبب اقتصار العد والفرز اليدوي على مراكز محددة بترتيب من أحزاب السلطة"، مؤكداً، خلال تصريح صحافي، أنّ "سطوة الأحزاب النافذة تؤثر على القرار والمشهد السياسي".
وأشار إلى أنّ "هذه الأحزاب (لم يسمّها) رتّبت أمورها في هذا الشأن، ودليل ذلك عدم القبول بالعد والفرز الشامل، والاقتصار على العد الجزئي للمراكز التي تعرّضت للطعن".
إلى ذلك، دعا "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني"، في بيان، مجلس مفوضية الانتخابات المنتدب، إلى "إحقاق الحق وعدم التهاون مع المتلاعبين والمتورطين خلال عملية إعادة العد والفرز اليدوي في محافظة كركوك"، متوعّداً بأنّه "سيتخذ جميع الإجراءات القانونية والمدنية لحماية أصوات ناخبين".
وإذ أكد أنّه "يشد على يد مفوضية الانتخابات وسلامة إجراءاتها بشأن عملية العد والفرز اليدوي في محافظة كركوك"، قال، في البيان، إنّ "اليوم الأول للعد والفرز اليدوي الذي انطلق، الثلاثاء، أثبت وجود حالات كسر في أقفال عدد من صناديق الاقتراع".
ولفت الحزب إلى "تقديم شكاوى إلى مفوضية الانتخابات بهذا الشأن، مؤكداً أنّ "بعض الجهات السياسية سيطرت على صناديق الاقتراع لمدة 28 يوماً بعد الانتخابات".
عملية العد والفرز الجزئي لصناديق الانتخابات المطعون بها، حصلت للتستر على التزوير
من جهته، اتهم عضو البرلمان العراقي السابق محمد الصيهود، القضاة المنتدبين لإدارة مفوضية الانتخابات بـ"التستر على عمليات تزوير الانتخابات"، قائلاً، في تصريح صحافي، إنّ "العد والفرز الجزئي حدث من أجل عدم كشف التزوير والمزوّرين".
وأضاف أنّ "عملية العد والفرز الجزئي لصناديق الانتخابات المطعون بها، حصلت للتستر على تزوير العملية الانتخابية"، متهماً جهات سياسية، لم يسمّها، باستقدام "هاكرز" من روسيا ودول أجنبية أخرى لخرق نظام مفوضية الانتخابات.
العبادي يتوعد الفاسدين والمزورين ويتعهّد بحماية العد والفرز لصناديق الاقتراع
أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن حكومته "ماضية في ملاحقة الفاسدين والمزورين"، موضحاً أن القوات العراقية ملتزمة بتقديم الدعم اللوجستي والحماية لعملية العد والفرز اليدوية لصناديق الاقتراع التي انطلقت الثلاثاء.
وأشار العبادي إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب من القوى العراقية "مناقشة البرامج السياسية إلى حين الانتهاء من المصادقة على نتائج الانتخابات"، مبينا، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن "المعركة على الإرهاب تتطلب جهداً إعلامياً واجتماعياً، بعد أن تم دحره عسكرياً".
إلى ذلك، دعا عضو البرلمان العراقي السابق، محمد اللكاش، العبادي إلى "الكشف عن نتائج التحقيق باتهامات تزوير الانتخابات التشريعية بشفافية أمام الشعب العراقي، وعدم استغلال هذا الملف من قبل البعض في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة".
وحذر اللكاش، في بيان، الكتل السياسية من "محاولات لملمة مسألة فظائع التزوير خارج الضوابط الدستورية والقانونية، والضغط على القضاء باتجاه هذا الأمر"، داعياً مجلس المفوضين المنتدب إلى "إجراء العد والفرز اليدوي الشامل، كما جاء في تفسير المحكمة الاتحادية".
واعتبر المتحدث ذاته إبعاد محافظات الوسط والجنوب عن عمليات العد والفرز اليدوي "جريمة انتخابية لا يمكن السكوت عنها بأي حال من الأحوال"، منتقداً موقف رئيس تحالف "الفتح"، هادي العامري، من إعادة عمليات العد والفرز.
تحالفات بانتظار اكتمال عملية العد والفرز لتشكيل الحكومة
وينتظر تحالف "سائرون" الذي تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانية، اكتمال عملية العد والفرز اليدوي، من أجل المضي في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، بحسب القيادي في التحالف رائد فهمي.
وأكد فهمي، أنّ "أغلب الكتل الفائزة طرحت مرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، إلا أنّها لم تتوصّل إلى اتفاق نهائي حتى الآن".
وقال إنّ "تسمية رئيس الوزراء الجديد، ستنحصر بالتوافق السياسي بين الكتل المتحالفة في ما بينها، بعد التوصّل إلى تفاهمات ووجهات نظر متقاربة، ومصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج العد والفرز اليدوي".