"بغداد على مفترق الطرق"؛ حكومة العبادي، حكومة تصريف اعمال أم ماذا؟
يصبح مصطلح "تصريف الأعمال" أكثر حضوراً عند تقديم الحكومات استقالتها، أو تسحب الثقة عنها من قبل البرلمان، أو تنتهي الدورة التشريعية، فتكون هناك مدة من الزمن قد تطول أو تقصر حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
ففي تلك المدة تستمر تلك الحكومات بأداء أعمال محددة اصطلح على تسميتها "تصريف الأعمال"، وتضع الدساتير في الدول المختلفة نصوصا لمعالجة الأوضاع تلك، أو قد يشوب بعض الدساتير عوز تشريعي لمعالجة هذه المواضيع، اذ ان الغالب من دساتير العالم يخلو من تعريف لحكومة تصريف الأعمال. لذا فان دراسة هذا الموضوع تستوجب الرجوع إلى النصوص الدستورية والقانونية ان وجدت، والسوابق المعتمدة في الهيئات التشريعية أو السوابق المعتمدة للحكومات السابقة والأعراف الدستورية وأحكام القضاء
الخبراء السياسيين يعتقدون ان الحكومة العراقية الحالية اصبحت حكومة تصريف الأعمال فى الأول من يوليو(الشهر الحالی)، ودخل فترة فراغ دستورى يصفها غالبية الخبراء بالحساسة والخطيرة، ويرون أن حكومة تسيير الأعمال لن تكون قادرة على إدارة البلاد، خصوصاً أن العراق يعاني العديد من الأزمات و يؤكدون ان "بغداد في مفترق الطرق".
صلاحيات حكومة العبادي تثير خلافاً دستورياً
أثارت ممارسة الحكومة العراقية صلاحياتها كاملة بعد انتهاء عمر البرلمان رسمياً مطلع الأسبوع الجاري، خلافاً دستورياً بين الكتل المؤيدة والمعارضة، بينما تحركت الأخيرة لوضع العراقيل في طريق الحكومة، وسط تحذيرات من خطورة المرحلة.
وقال مسؤول سياسي عراقي رفيع إنّ "حكومة حيدر العبادي تمارس حالياً صلاحياتها بشكل كامل وبكافة الاختصاصات"، مؤكداً أنّ "العبادي يترأس اجتماعات مجلس الوزراء بشكل اعتيادي، ويصدر التوجيهات لهم".
وبين المسؤول أنّ "هذه الصلاحيات أثارت خلافاً سياسياً بين الكتل، بين مؤيد ومعارض"، مشيراً إلى أنّ "بعض الكتل تضع العراقيل أمام عمل الحكومة، وتعمل جاهدة على عرقلته".
وأوضح أنّ "تلك الجهات تسعى للجوء إلى المحكمة الاتحادية لأجل تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، والحد من صلاحياتها."
وتؤكد كتل سياسية، ضرورة تحويل حكومة العبادي لتصريف أعمال يومية، منذ أول يوم لانتهاء عمل البرلمان، محذرة من خطورة الوضع الحالي.
بغداد تقول الحكومة الحالية، تتمتع بكامل صلاحياتها
اكد سعد الحديثي، المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي، ان الحكومة الحالية تتمتع بكامل صلاحياتها وهي ليس حكومة تصريف اعمال، مشيرا الى ان الشيء الوحيد الذي لا تستطيع الحكومة القيام به حالياً هو ارسال مشاريع القوانين الى مجلس النواب الذي انتهت ولايته مطلع الشهر الجاري.
وبين ان "الدستور يشير الى ان الحكومة تتحول الى حكومة تصريف اعمال في حالتين فقط، الاولى عند سحب الثقة منها فتبقى لتصريف الاعمال لحين تشكل الحكومة الجديدة، والثانية عندما يتم حل البرلمان بناء على طلب من اعضاء مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية مجتمعين، وكلتا الحالتين لم تتحقق لذلك لن تتحول الى حكومة تصريف اعمال".
بعض البرلمانيين يعتبرون حكومة الحالية، حكومة تصريف أعمال يومية
وقال رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية، النائب عمار طعمة، في تصريح متلفز، إنّ "فهم الدستور يؤكد أنّ الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال يومية، وليست حكومة بصلاحيات كاملة، كون عمل البرلمان انتهى، وبغض النظر عن الآلية التي انتهى فيها عمله، المهم أنّ انتهاء عمل البرلمان يحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال".
وأضاف "لا يوجد نص واضح في الدستور بشأن ذلك، وإنما ما أطرحه هو فهم للنصوص الدستورية"، داعياً جميع الكتل السياسية الى أن "يكونوا أكثر دعماً لعمل المفوضية، وعبور المدة الدستورية حتى استكمال العد والفرز وصدور مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات".
البرلمان العراقي يفشل في عقد جلسته الأخيرة لتمديد عمره
وسابقاً،فشل البرلمان العراقي، في عقد جلسته الاستثنائية التي سعى لإتمامها لتمديد عمره، بينما أجبر على تحويلها إلى جلسة تداولية، وسط مخاوف من الفراغ الدستوري.
وقال نائب عن تحالف القوى، إنّ "البرلمان حاول عقد جلسته منذ الواحدة بتوقيت بغداد، لكن نصابها لم يكتمل"، مبيناً أنّ الجلسة "أجلت لأربع ساعات، لكن مع ذلك لم يتجاوز الحضور 127 نائباً".
وأضاف النائب أنّ "رئيس البرلمان سليم الجبوري لم يحضر، فيما حولت الجلسة إلى جلسة تداولية وترأسها النائب الأول لرئيس البرلمان، همام حمودي"، مبيناً أنّ "الجلسة التداولية خصصت لبحث أزمة الانتخابات والعد والفرز".
"بغداد على مفترق الطرق"؛ حكومة العبادي، حكومة تصريف اعمال أم ماذا؟
تحذير سياسيون من خطورة الفراغ الدستوري الذي يدخل فيه العراق
ومع انتهاء عمر البرلمان العراقي، يفترض أن يباشر البرلمان الجديد عمله، لكن قرار إعادة العد والفرز لنتائج الانتخابات، سيعطل إمكانية عقده في الفترة القريبة المقبلة.
يأتي ذلك، في ظل أزمة سياسية يمرّ بها العراق، نتجت عقب إثبات حدوث تزوير بنتائج الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في 12 من مايو/ أيار الماضي، ما دفع باتجاه قرار قضائي بإعادة العد والفرز.
العراق دخل الفراغ الدستوري والحكومة تحول لـ "تصريف الاعمال"
أفادت صحيفة "العربي الجديد" في تقرير، بدخول العراق في مرحلة الفراغ الدستوري لانتهاء المدة القانونية لعمر البرلمان.
وقالت الصحيفة في تقريرها: "يدخل العراق، يوم السبت، فعلياً، فترة من الفراغ الدستوري وذلك بعد يوم واحد من فشل البرلمان العراقي في تشريع قانون يجيز تمديد ولايته الدستورية لحين حسم نتائج الانتخابات المطعون بنزاهتها، والتي تقرّرت إعادة عدّ وفرز أصواتها يدوياً بعموم العراق إلا أنه سرعان ما تراجع مجلس القضاء الأعلى الذي انتدب للقيام بالمهمة وأصدر بياناً جاء فيه أنه (سيخضع لعملية العد والفرز تلك المحطات المشكوك بها فقط.")
أكدت اللجنة القانونية في مجلس النواب المنتهية دورته التشريعية، أن الحكومة الحالية كاملة الصلاحيات لحين انتخاب الجديدة، فيما اشارت الى ان سقف تصريف الاعمال يبدأ من موعد انعقاد الجلسـة الاولى للبرلمان الجديد.
وقال عضو اللجنة السابق صادق اللبان، ان"الحكومة الحالية تتصرف وفق الضوابط والقوانين النافذة"، مبينا أن "ما اقره مجلس النواب من موازنة لهذا العام ستبقى هذه الحكومة تمثل ما عليها من موازنة وبجميع القوانين النافذة".
من جانبه، قال عضو البرلمان السابق، زانا سعيد، إن "النص القانوني بموجب الدستور يقضي بان سقف تصريف الاعمال يبدأ من موعد انعقاد الجلسـة الاولى للبرلمان الجديد، الى حين تشكيل الكابينة الوزارية وإداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد".
ائتلاف دولة القانون: حكومة تصريف الأعمال لن تخدم البلد ويجب حسم الفرز اليدوي
طالب النائب السابق عن ائتلاف دولة القانون منصور البعيجي، القضاة المنتدبين بالاسراع بعملية العد والفرز اليدوي وحسم هذا الامر باسرع وقت ممكن دون تلكؤ بعملية عد وفرز الاصوات".
وقال البعيجي في بيان، ان "وضع البلد بدون سلطة تشريعية أمر غير صحيح لذلك لابد من الاسراع بالعد والفرز الجزئي واعلان النتائج بالسرعة الممكنة لتفادي الفراغ الدستوري".
ودعا "الكتل السياسية جميعا لاحترام مايصدر من نتائج بعد عملية العد والفرز الجزئي والابتعاد عن اجواء الازمات على اعتبار ان وضع البلد حساس بالمرحلة الحالية ولايمكن البقاء على الوضع الحالي كثيرا".
فضلاً عن محدودية صلاحيات حكومة "تصريف الأعمال" التي يجب ان تلتزم بها، فإن خروجها عن تلك الصلاحيات يخضع لرقابة الرأي العام، أو الرقابة السياسية التي تباشرها هيئات ذات طابع سياسي، إضافة إلى الرقابة القضائية.