الاتفاق النووي ما بين وعود اوروبا وجدية ايران ومفاجآتها
لا يختلف اثنان بان موقف الحكومة الايرانية حيال الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي اتسم بالحكمة والعقلانية، ذلك القرار الذي انفردت "اسرائيل” و السعودية والامارات بتاييده من بين العالم اجمع ، ليس من منطلق قناعاتها بل من منطلق دورها الوظيفي المناط اليها .
خلافا لموقف سمسار الادارة الامريكية الذي يرى بان مصالح بلاده اولى من مصالح الاخرين مهما كانت، فقد اتسم الرد الايراني الذي جاء على لسان الرئيس حسن روحاني بذكاء شديد حين اكد التمسك بالاتفاق شريطة أن تتأكد ايران خلال أسابيع أنها ستحصل على امتيازات الاتفاق كاملة، بضمان باقي الأطراف الاخرى، والا فان الحال لن تبقى على ما هي عليه، محذرا في ذات الوقت من أن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي يمكن أن يكتب حروف النهاية لاستخدام الدبلوماسية كحل للخلافات السياسية .
ايران التي اختارت ان تتعامل بعقلانية ومسؤولية مع قرار ترامب منحت الاطراف الاوروبية فرصة لا تتجاوز الاسابيع لبيان موقفها الحقيقي، وكيفية محافظتها على مصالحها في اطار الاتفاق الذي دعت المنسقة العليا للسياسة الخارجية غي الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني ، ايران الى عدم الخروج منه وعدم السماح لاي كان النيل منه.
لكن التصريحات الاوروبية القاضية بالوقوف الى جانب ايران وتقديم ما يحقق لها اهدافها من الاتفاق ، بدات تتسم بالضبابية ان لم نقل بلغة تراجعية امام امريكا، من خلال المواقف والتصريحات اللاحقة التي حملت في طياتها نذر ضعف و تهاون كتصريح الرئيس الفرنسي امانول ماكرون بان على الاتحاد الأوروبي أن يحمي شركاته العاملة مع إيران من العقوبات الأمريكية التي يعاد فرضها على طهران .
الموقف الاوروبي المتهاون سرعان ما واجه ردا صاعقا من قبل قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي خامنئي الذي قال "نستشف من تصريحات بعض الحكومات الاوروبية انهم يتوقعون من الشعب الايراني ان يتحمل الحظر، وان يجمد نشاطاته النووية التي تعد حاجة ماسة لمستقبل البلاد، وان يواصل الالتزام بهذه القيود" منوها بالقول " إنني أقول لهذه الحكومات، لتعلم ان ما تحلم به لن يتحقق.. وان الشعب والحكومة الايرانية لن يتحملا أن يفرض الحظر وأيضا ان تخضع لقيود نووية. وانني قد اوعزت الى منظمة الطاقة الذرية الايرانية أن توفر الاستعدادات والمقدمات اللازمة بسرعة للوصول الى 190 الف سو (وحدة فصل في تخصيب اليورانيوم)، في إطار الاتفاق النووي.
رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيراني، علي أكبر صالحي، من جانبه كان قد هدد في وقت سابق باستئناف ايران لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة، في حال لم تلتزم أوروبا بتعهداتها بالاتفاق النووي .
وفي احدث حلقات المواجهة بين ايران وامريكا ادلى مسؤولون اميركون من الدرجة الثالثة بتصريحات مضمونها انهم يحاولون ايصال عوائد ايران من النفط الى الصفر ، وهو ما حدا بالرئيس روحاني الذي يقوم حاليا بزيارة لسويسرا الى التهديد بالقول " لايمكن تصدير نفط المنطقة إن لم يصدر نفط ايران" .
الرسالة الجديدة وليس الاخيرة التي وجهتها ايران للجانب الاوروبي فيما يخص جديتها بالعودة الى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي، بل واكثر ان لم يتم ضمان مصالحها في الاتفاق النووي، كانت بالامس حين اعلنت بدء العمليات التنفيذية لانتاج "UF4" من "UF6" المخصب والمنتج من سائر وحدات انتاج الوقود النووي في البلاد في اصفهان.
ايران الاسلامية عودت الجميع على تحقيق ما يعتبره الاخرون امرا مستحيلا وفي وقت قياسي سواء على صعيد القضايا العلمية والتكنلوجية او العسكرية، فيا ترى ما هي المفاجأة التي تخبئها للعالم في حال رضخ الجانب الاوروبي للضغوط الامريكية واعلن فشله بالمحافظة على الاتفاق النووي؟ .