التقارب السعودي الإسرائيلي، تزامن مع تكوين حلف جديد (سعودي مصري إسرائيلي إمريكي)
لم يعد حديث الصحف العربية والإسرائيلية فقط، وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فإن الأمير محمد بن سلمان ضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقبول بأن تكون القدس عاصمة ل"إسرائيل"، الضغوط نفسها طالت الأردن لعودة السفير الإسرائيلي وطاقم السفارة الإسرائيلي على خلفية الأزمة التي قُتل فيها مواطنان أردنيان على يد حارس إسرائيلي في يوليو (تموز) العام الماضي، وحتى الآن تعوق الأردن مفاوضات السلام بين السعودية و"إسرائيل"؛ لأنها ترى فيها تصفية للقضية الفلسطينية من جهة، ولأنها لم تكن طرفًا فيها من جهة أخرى.
ماذا يحدث عندما يُصافح ملك الأردن الرئيس الإيراني؟
حين أدرك الأردن أن السعودية حليفته القديمة خذلته بدخولها في تحالف جديد قد يضر بمصالح الأردن الخارجية، دخل الملك عبد الله الثاني في لعبة التحالفات والمحاور، ورغم أنه يُعلن أن بلاده بلا حلفاء، إلا أنّ تصريح مثير لرئيس مجلس النواب الأردني قال فيه: «إن من المهم اليوم أن يدرس الأردن توسيع قاعدة خياراته وتحالفاته، دون أن يؤثر ذلك على العلاقة مع الأشقاء في الخليج»، وهو ما اعتُبر إعلانًا جديدًا لتغيير الحلفاء التقليديين.
التصريح المثير تزامن معه لقاء رئيس المجلس بكلٍّ من بالسفير الإيراني، والقائم بأعمال السفير السوري، ورغم أنّ عمّان أيدت قبل ثلاث سنوات قرار السعودية بقطع علاقاتها مع طهران على خلفية "الاعتداء" على السفارة السعودية، كما استدعى سفيره، لكنّ التغييرات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، بوصول الأمير محمد بن سلمان، وفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تبع ذلك من فتور في العلاقات بين الأردن والسعودية، هو ربما ما دفع الأردن للخروج عن التحالف التقليدي.
في الوقت الذي رحب فيه الأردن بالحفل الذي أقامته السفارة الإيرانية بمناسبة إحياء الذكرى الـ39 للثورة الإسلامية بمشاركة شخصيات سياسية أردنية، قامت طهران بالإعلان عن دعمها لوصاية الملك الأردني على المقدسات في القدس، وهو التصريح الذي لم يخرج من السعودية حتى الآن، قبل أن يخرج السفير الإيراني في فبراير (شباط) الماضي ليُعلن عن أن علاقات البلدين شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
وفي بداية العام الماضي كانت التصريحات العدائية بين الأردن وإيران حاضرة، فالملك عبد الله هاجم إيران واتهمها بدعم الإرهاب؛ لترد الخارجية الإيرانية بأن عليه أن يراجع نفسه وتصريحاته ومصادره حول الإحصاءات ونسبة الأردنيين المنضمين إلى "داعش" قبل أن يتحدث عن دور إيران في دعم الإرهاب، إلا أنّ العام لم يكد ينتهِ حتى تغيرت البوصلة كليًا؛ فالقمة الإسلامية التي استضافتها تركيا لبحث قرار الرئيس الأمريكي: الاعتراف بـالقدس عاصمًة لإسرائيل – والتي تجاهلتها الرياض – حضرها الرئيس الأردني، وتقابل خلالها بالرئيس الإيراني في أول لقاء من نوعه منذ 15 عامًا، وهو ما بات إعلانًا واضحًا بأن الرئيس الذي كان يهاجم إيران ويدافع عن السعودية قد غير معتقداته؛ فحضر القمة التركية، وصافح الرئيس الإيراني.
حصار قطر والإسلاميين وحرب اليمن.. هل يدفع الأردن ثمن مواقفه؟
عندما قامت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع علاقتهم الدبلوماسية مع قطر، قام الأردن بخفض تمثيله الدبلوماسي مع الدوحة دون قطع للعلاقات، كما أغلق قناة «الجزيرة» القطرية في الأردن، وبعدما طالت الأزمة غرّد الملك الأردني خارج السرب؛ فقام بمهاتفة الأمير القطري، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على عودة العلاقات، الحادثة تكررت مرة أخرى عقب تصريحات الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وبحسب ما نشرته صحيفة أردنية نقلًا عن مصدر رسمي، فإن الحكومة تدرس إعادة فتح مكاتب قناة الجزيرة الفضائية القطرية مجددًا، بعد مطالب نيابية وجهت إلى رئيس مجلس النواب، وخلال الإحتجاجات الأخيرة كانت كاميرا الجزيرة حاضرة بموافقة الحكومة.
موقف الأردن من حرب اليمن استدعى غضبًا سعوديًا ضدها؛ فرغم أنه رحب بـ«عاصفة الحزم»، إلا أن مشاركته اقتصرت على إرسال ست طائرات فقط؛ وهو ما بات واضحًا أنه تعبير على كون الأردن يخشى غضب السعودية، ولا يرغب في معاداة إيران، وتجدر الإشارة إلى أن عمّان استقبلت في بداية الأزمة اليمنية قيادات من جماعة الحوثي على أراضيها؛ في محاولة للوصول إلى تفاهمات للخروج بحل سياسي.
موقف الأردن أيضًا من "الإسلاميين" تشابه مع الكويت؛ فكلا البلدين يرفضان قمع جماعة الإخوان المسلمين التي تشارك في الحُكم، وفي العملية السياسية في كليهما؛ وهو ما يُغضب السعودية والإمارات؛ التي لا تريد لتيار الإسلام السياسي أن يقترب من حدود الدول الخليجية أو يجاورها، كل تلك المواقف ربما تدفع الأردن ثمنها الآن، ويعمل في السعودية نحو 500 ألف أردني يخشون أن تقوم المملكة بترحيلهم، وهو قرار مٌستبعد؛ نظرًا للأوراق السياسية التي تحملها الدولة التي تعيش على المعونات.
شفقنا