بالحكمة ستنتصر إيران
في كلمة له امام عدد من علماء الدين في طهران قال الرئيس الايراني حسن روحاني:"ان الظروف التي تمر بها امريكا الیوم لن تستمر طويلا، وليس من الواضح ما الذي سيحدث بعد الانتخابات التشريعية النصفية والانتخابات الاخری التي ستشهدها امريكا، لذا لابد ان نتعامل بحكمة من اجل حل المشاكل التي تواجهنا".
الرئيس روحاني كان يشير في كلمته الی الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستجري في امريكا في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، حيث تشير اغلب التوقعات الی فوز الحزب الديمقراطي فيها، بعد ان خسر العديد من مقاعده في مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات عام 2016 لصالح الجمهوريين.
فوز الديمقراطيين المتوقع في الانتخابات التشريعية، سيفرمل اندفاعة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ولن يكون عندها في وضع مريح في اتخاذ قرارات تعرض امن واستقرار العالم للخطر.
التوقعات بفوز الديمقراطيين في الانتخابات لم تأت من فراغ، بل من الاجواء المتأزمة التي اوجدها ترامب بسبب سياساته العنصرية ضد العرب والمسلمين، وخطاب الكراهية ضد الاقليات والمهاجرين، والتشريعيات الضريبية التي اضرت بالفقراء، وانسحاباته غير المسؤولة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومواقفه المتقلبة وغير المتزنة ازاء اخطر القضايا الدولية، والفضائح السياسية والمالیة والاقتصادية التي تطارده والتي قد تؤدي الی عزله، واخيرا الازمة التي اثارها مع الاتحاد الاوروبي علی خلفية انسحابه من الاتفاق النووي، وتهديده لحلفائه الاوروبيين بفرض عقوبات صارمة ضد شركاتهم في حال لم يرضخوا لسياسته ازاء ايران.
يبدو ان الرئيس الايراني روحاني كان محقا في تأكيده علی ان الظروف التي تمر بها امريكا حالیا لن تدوم، الامر الذي يتطلب من ايران التعامل بحكمة مع المشاكل التي اثارها انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، لاسيما وان هناك في المقابل ارادة اوروبية قوية، علی الاقل سياسياً، في التمسك بالاتفاق النووي، وفي الوقوف في وجه ترامب.
ايران تعلم ان قدرة اوروبا محدودة في مواجهة امريكا اقتصادياً، الا انها لن تتجاهل الموقف السياسي القوي لقادة اوروبا ازاء التعنت الامريكي، وستتعامل بجدية ومسؤولية اكبر مع الموقف الاوروبي من الاتفاق النووي والتهديدات الامريكية.
يبدو ان ايران، وعلی ضوء الوضع الداخلي المهتز لترامب، وعلی ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الامريكية القادمة، ستتجنب اتخاذ خطوات يمكن ان توصلها الی المكان الذي تريده ادارة ترامب ان تصل الیه، لذلك لن تضيع ايران فرصة وقوف العالم اجمع الی جانبها ضد ترامب، حتی لو لم تتمكن اوروبا من تعويضها كل الخسائر الاقتصادية المترتبة عن انسحاب امريكا.
ايران تدرك انها ستتضرر اقتصاديا من جراء المواقف الامريكية، الا انها تدرك ايضا ان حجم هذا الضرر سيكون اقل مما كان عليه قبل الاتفاق النووي، لاسيما بعد موقف الاتحاد الاوروبي وبريطانيا وروسيا والصين الرافض لمماشاة السياسة الامريكية بالكامل ازاء ايران، كما ان ايران تدرك ايضا ان الفترة الزمنية التي يمكن من خلالها ان تواصل امريكا سياستها المنبوذة عالمياً، لن تكون طويلة في كل الاحوال.
ايران كانت حكيمة عندما لم تنسحب من الاتفاق النووي بعد انسحاب امريكا، كما كانت حكيمة عندما احترمت الموقف الاوروبي والروسي والصيني من الاتفاق، كما كانت حكيمة عندما منحت اوروبا المزيد من الوقت للوصول الی صيغة يمكن ان تعوض بها ايران عن الخسائر التي ترتبت عن الانسحاب الامريكي، فهذه الحكمة، هي التي ستنتصر في الاخير.
شفقنا