إيران، أوروبا وأميركا بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي
أبورضا صالح
هل سوف تنفذ أوروبا العملية القانونية لمقابلة الحظر الأميركي كما هو متوقع؟
بخروج أميركا من الاتفاق النووي يزداد التركيز على سلوك وأداء إيران واللاعبين الآخرين في هذا الملف أكثر من قبل. حيث بات كل من الاتحاد الأوروبي من جانب والولايات المتحدة من جانب آخر، وروسيا والصين من جانب ثالث تحت المجهر.
فبغض النظر عن روسيا والصين اللتان تحاولان دوما العمل خارج إطار العقوبات والحظر الأميركي، قد أكملت الولايات المتحدة وبإعلامها الخروج من الاتفاق النووي منظومة خرقها للمعاهدات الدولية. حيث إنها وبالخروج من الاتفاق النووي تزامناً مع افتتاح سفارتها بالقدس أرسلت رسالة واضحة إلى الرأي العام العالمي أنه لا يمكن اليوم الوثوق بأي من عهود أميركا سوى وفائها للكيان الإسرائيلي.
خروج ترامب من الاتفاق النووي ورغم ما قالته ويندي شيرمان المفاوضة الأميركية السامية بالمفاوضات النووية الإيرانية مع مجموعة 5+1 في عهد أوباما من أنه جاء للتقليل من قيمة موروث أوباما، لكن الحقيقة أنه أشار وبالدرجة الأولى إلى عدم جدوى المؤسسات الدولية وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ما أثار ردود فعل الوكالة حيث أدى إلى استقالة كبير المفتشين فيها.
وبالدرجة الثانية أدى الخروج الأميركي من الاتفاق النووي إلى ازدياد سوء سمعة الولايات المتحدة لدى الرأي العام العالمي بصفتها أكبر اللاعبين على المستوى الدولي. فلربما يأتي تلكؤ الأرتماء الكوري الشمالي السريع في أحضان أميركا بهذا السبب.
وثالثاً ان إدارة الظهر لقرارات الأمم المتحدة وعدم الاكتراث بالأصول والقوانين التي ترتكز عليها هذه المنظمة الدولية هي من التبعات الأخرى التي أحدثه الخروج الأميركي من الاتفاق النووي.
لكن رئيس المفوضية الأوروبية أكد الجمعة أن على جميع الشركات الأوروبية تجاهل قرارات الحظر الأميركي على إيران وتجاهل قرارات المحاكم الأميركية بهذا الشأن. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي قد شرع منذ الجمعة العملية القانونية لمواجهة الحظر الأميركي ضد إيران.
رغم أن إجراء الاتحاد الأوروبي هذا جدير بالإشادة، لكن تترد بين الحين والآخر أصوات مخالفة من داخل الاتحاد، تثير تساؤلات جادة حول مستقبل الالتزام الأوروبي بهذا القرار. وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى تصريح الرئيس الفرنسي الذي قال إننا سوف لن نخوض حرباً مع أميركا من أجل إيران.
تدل تصريحات ماكرون هذه والتصريحات المشابهة لها على هواجس لدى تلك الشركات الأوروبية التي لا تدين إلى الحكومات الأوروبية ويساورها القلق من تأدية العواصم الأووربية لخسائرها المرتقبة جراء تجاهلها العقوبات الثقيلة الأميركية.. وترى أن على الحكومات الأوروبية إعطاء ضمانات أكثر. خاصة وأنه بعد الخروج الأميركي من الاتفاق النووي باتت تزداد يوماً بعد يوم أبعاد وأعداد الذين تشملهم العقوبات الأميركية، والتي شملت إضافة إلى الشخصيات والشركات الإيرانية حزب الله لبنان حيث ضمت إليها عدداً من كبار الحزب.
واضح أن شرط بقاء إيران في الاتفاق النووي هو أن ينسى الأوروبيين خلق توافقات نووية أو صاروخية إقليمية جديدة، وأن يقروا بتعذر إصلاح الاتفاق النووي أو تكميله أو تطويره، وأن يحترموا أقل ما تطلبه إيران أي ضمان مبيعات النفط وتردد ناقلات النفط وضمان السلامة للشركات المستثمرة في إيران. وبديهي أن أي تخلف عن أي من هذه المطالب المشروعة سوف يؤدي إلى أن يجربوا ما أكدت عليه إيران إلى اليوم مراراً، والذي حاولت طهران من خلاله، وبطول أناة، الإبقاء على الفرص النهائية التي يتضمنها الاتفاق النووي.