حسين شريعتمداري

الكثير من الادلة الملفتة تشير الى ان غياب ابن سلمان لما يقرب من ثلاثين يوما ليس بالامر الطبيعي، وتعكس مسألة غير بعيدة من محاولة عدم تسليط الضوء عليه. وذلك لعدة امور؛

1 ـ ففي الحادي والعشرين من ابريل الماضي 2018 نقلت وكالات الانباء خبر وقوع مواجهات في الرياض. فالمصفحات والدبابات التي عكستها الافلام والصور من محل النزاع، تجوب اطراف القصر الملكي لآل سعود واصوات تبادل اطلاق الرصاص باسلحة ثقيلة بين الحرس الجمهوري ومجموعة لم يفصح عن هويتها بعد. فاستمرت المواجهات لعدة ساعات. التقرير الرسمي للمسؤولين السعوديين عن الحادث تأخر ليوم مما يثير تساؤلات لاسيما وان التبرير كان فاضحا حين اعلنوا ان طائرة مسيرة من نوع "هلي شات" وتستعمل للالعاب الترفيهية غالبا، قد شوهدت في سماء القصر فكان اطلاق المضادات الهوائية قد عالجت الموقف! ولم يبين المسؤولين المعنيين عن سبب حضور الدبابات والمصفحات واستمرار اطلاق الرصاص لساعات؟!

2 ـ من ما عرف عن ولي العهد السعودي "ابن سلمان" هو ادمانه على الظهور امام الكاميرات واجراءات اللقاء وكثرة التصريحات للقنوات الخبرية، بحيث لايمر يوم ولا يبدي رأيه للاعلام حول مختلف المواضيع. فليس صدفة اختفاؤه لـ 27 يوما.

3 ـ وفيما يمكث "محمد بن نايف" ولي العهد الرسمي لآل سعود والذي حل ابن سلمان محله بدعم من اميركا ومساندة ابيه الملك سلمان، في قصره محبوسا ولا يعرف عنه شيء. ولكن وفي موقف غير متوقع هاجم محمد بن نايف ومن خلال موقعه على الانترنت، سياسة ابن سلمان متهما اياه بتدمير ارث العائلة الملكية قائلا: "ان استثمارات الرعايا اليمنيين في السعودية، والتي تبلغ مائة مليار دولار باتت تخرج الى دول اخرى بسبب السياسة العقيمة التي انتهجها ابن سلمان اضافة الى تراجع الامن للمستثمرين في السعودية. فالارض الخالية من المواطنين ليست دولة. فاعمال القيود ومضايقة الشعب وظلمهم والسعي لتغيير هوية نما عليه المواطن يمثل تهديدا مباشرا للبلاد".

واستطرد ابن نايف بالقول: "ان قصر نظر ابن سلمان في برامجه السياسية وفي تعامله مع المواطنين، يعرض البلاد لمخاطر جمة... فليس المسجد الاقصى من الناحية الدينية والساسية والعاطفية باقل من الحرمين الشريفين ولم يحدث سابقا ان يتصرف احد الملوك والامراء وزعماء الدول العربية والاسلامية بهذه الحالة من اللاابالية حيال القدس والمسجد الاقصى ويشهر عن لا اباليته، الا ان ابن سلمان وحاشيته قاموا بذلك. فينبغي ان نعلم ان القدس العاصمة الابدية لفلسطين."

ان هذه التعليقات الشديدة من قبل محمد بن نايف وهو في محل اقامته الجبرية وفي الوقت الذي لايسمح له باي اتصال مع الخارج، تمثل حالة عجيبة وغير متوقعة، لاسيما وان "ابن سلمان" معروف بمعاملته العنيفة مع الآخرين، ولذا فان تغريدة محمد بن نايف ليست الا علامة على ابعاد ابن سلمان عن مقاليد السلطة.

4 ـ قبل اسبوعين زار وزير خارجية اميركا "مايك بومبيو" وبشكل مفاجئ الرياض، فيما نقلت وسائل الاعلام عن مسؤولين سعوديين لقائه بابن سلمان! ولكن على العكس من النهج المتبع لم يتم نشر اي صورة عن هذا اللقاء! حتى ان بعض وسائل الاعلام شككوا في حصول هكذا لقاء!

5 ـ وفيما ابقت قطر في تعاملها مع السعودية الباب مواربا، محاولة الابقاء على شعرة معاوية في علاقتها مع آل سعود، الا انها اعلنت مؤخرا عدم قبولها باي من شروط السعودية ـ وبمعنى آخر شروط محمد بن سلمان ـ . هذا التغيير في التعامل القطري يعكس عن حدوث خطب ما في البيت السعودي، ويمكن ان يدلل على شطب محمد بن سلمان.

6 ـ كما ان الرسالة السرية التي ارسلها ترامب الى بعض الدول العربية في الخليج الفارسي والتي تسبب تلميح قائد الثورة اليها في دهشة الغرب ـ واصدار عدة واوامر في مخاطبته لهم، تبدو مستغربة شيئا ما، اذ ان فحوى الرسالة لا تتضمن الجديد في توجيه زعماء العرب في الخليج الفارسي! من هنا فليس واردا في العرف السياسي ارسال الرسالة سرا وهو غير مبرر الا ان يكون قد وقع خطب جديد غير متوقع، مما ابهت زعماء هذه الدول، وتسبب في ارسال ترامب لرسالة ترفع معنوياتهم!

7 ـ ان ما يقرب الاحتمالات من اليقين هو خبر سري سرب من جهاز الامن المركزي لدولة عربية في المنطقة، وقد حصلت عليه الصحيفة بشكل من الاشكال. اذ ذكر المصدر الامني في تقريره السري لمسؤولي بلده وبشكل قاطع، انه خلال الاشتباكات التي حصلت ليل السبت في الرياض، قد ختمت باصابة بن سلمان بطلقتين في الاقل ويحتمل انه قد فارق الحياة.