kayhan.ir

رمز الخبر: 75281
تأريخ النشر : 2018May05 - 19:53

مسارات الصراع في المنطقة: مؤشرات حاسمة خلال الأيام المقبلة!


محمد علي جعفر

بين خلط الأوراق والمعادلات الجديدة، تعيش المنطقة أياماً حاسمة. عدة أحداث شكَّلت منعطفاً في الصراع بين الأطراف. في حين ما تزال الساحة السورية ساحة النزال. وعلى الرغم من ظهور مؤشراتٍ حالية عديدة، تُخفي الأيام المقبلة المؤشرات الحاسمة. فكيف يمكن وصف الواقع الحالي لأطراف الصراع؟ وما الدلالات والنتائج التي يمكن الخروج بها؟

الواقع الحالي للمنطقة باختصار

عدة مؤشرات يمكن الوقوف عندها نُشير لها في التالي:

أولاً: ترفع أمريكا من وتيرة تصعيدها الإعلامي والسياسي ضد إيران بشكل متصاعد. ويرتبط ذلك بأسباب عديدة تتعلق بواقع الطرف الأمريكي. فبعد تراجع نفوذ واشنطن في المنطقة وفشل رهاناتها، تسعى الإدراة الأمريكية الحالية لجعل الاتفاق النووي ورقة ابتزاز لإيران في محاولة للمساومة على ملفات أخرى الى جانب الاتفاق، ودفع الدول الأوروبية لرفع مستوى شروطها السياسية في المنطقة لصالح واشنطن.

ثانياً: انتقلت "تل أبيب" نحو تصعيد مباشر ضد طهران، من خلال حملة إعلامية وسياسية تتماشى مع السياسة الخارجية الحالية للإدارة الأمريكية، عبر الكشف عن وثائق تدعم ادعاء كل من واشنطن وتل أبيبب حول تنصّل ايران من الاتفاق النووي. بالإضافة الى هذا التصعيد السياسي والإعلامي، رفعت "تل أبيب" من مستوى تحديها العسكري وبشكل مباشر في مواجهة الطرف الإيراني، وذلك من خلال استهدافها لأماكن تواجد المستشارين الإيرانيين في سوريا.

ثالثاً: اتخذت طهران قراراً واضحاً وصريحاً بالرد على ضربات الجيش الإسرائيلي. ولعل تأخُّر الرد الإيراني، يُثبت أن طهران تدرس خياراتها وتسعى لردٍّ مدروس ومؤثر. وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي لإقفال المجال الجوي من جهة شمال فلسطين (جنوب سوريا) في محاولة لإسقاط خيار اللجوء لإستخدام الطائرات المُسيرة وحصر الرد الإيراني بخيارات أخرى. ما يعني وجود سعي إسرائيلي لحصر خيارات طهران في الرد (بحسب وجهة النظر الإسرائيلية)، ما يجعل الاحتمالات والنتائج أصعب في ظل ردٍ إيراني حتميٍ مُنتظر.

إن كل ما تقدم، ومن خلال ربطه بالحقائق التاريخية للصراع يجعلنا نقول التالي:

أولاً: تُشكل إيران وأمريكا ركيزتين استراتيجيتين للصراع الحقيقي في العالم. حيث تشكل إيران قاعدة إستراتيجية لمشروع محور المقاومة ضد أمريكا التي تُشكل قاعدة إستراتيجية لمشروع الإستعمار العالمي. في حين أن فشل خيارات ورهانات وكلاء أمريكا في المنطقة، استلزم تفعيل الصراع المباشر بين الطرفين.

ثانياً: إن كل ما يجري هو عبارة عن تكرار لمسار من الأحداث التاريخية ضمن صراع قديم بين مشروعين ولكن بشكل جديد وبمعادلات مختلفة. حيث أن هذا الصراع مرَّ بعدة محطات (مفصلية) من الحرب العراقية الإيرانية الى اجتياح لبنان ثم التدخل الأمريكي في العراق، وصولاً الى الحرب على سوريا فاليمن. ما يعني أن ما يجري اليوم وما سيجري غداً سيكون ضمن هذا المسار التاريخي وهكذا يجب قراءته.

ثالثاً: خلال قيام واشنطن بإستخدام خيارات الحرب الصلبة ضد مشروع محور المقاومة، وذلك عبر سلسة من الحروب، سعت لفتح خيارات جديدة من الصراع، ضمن استراتيجية الإحتواء والتي قدم سيناريوهاتها المختلفة كل من بريجنسكي وكسينجر. فخرجت الخيارات الناعمة الأمريكية لتُكلِّل مشروع الاتفاق النووي مع إيران. وفي وقت اعتمدت فيه الإدارة الأمريكية السابقة وجهة نظر بريجنسكي، يجري اليوم اعتماد وجهة نظر كسينجر تجاه الاتفاق النووي. (يمكن مراجعة مقال منشور في موقع العهد تحت عنوان: خفايا معضلة الإتفاق النووي، لماذا أيده بريجنسكي وعارضه كسينجر؟ لنفس الكاتب).

رابعاً: إن شكل الصراع الحالي يأخذ وجهة الحرب الذكية والتي تعتمد على الخيارات الصلبة والناعمة معاً. الأمر الذي تدل عليه الحرب الإعلامية (الوثائق) والاقتصادية (العقوبات) والسياسية (الإتفاق النووي) بين المشروعين، كما الحرب العسكرية ضد المصالح في سوريا. وهنا فإن كفة الخيارات المستقبلية تحسمها نتائج الصراع فيما تُعتبر المرحلة الحالية مفصلية وحساسة.

الخلاصة

يبدو واضحاً احتدام الصراع في المنطقة ولو تحت عناوين مختلفة في كل مرحلة. فبعد عنوان السلاح الكيميائي مؤخراً، بات الاتفاق النووي عنوان المواجهة في المرحلة الحالية. والعالم بانتظار الأيام المقبلة، لا سيما 12 ايار حيث سيُصدر دونالد ترامب قراره حيال الاتفاق. وبعدها بيومين في 14 أيار ذكرى النكبة، التاريخ الذي قرر فيه الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" الى القدس وما لذلك من علاقة بصفقة القرن. كما تتوجه الأنظار الى الانتخابات التي ستجري في لبنان والعراق خلال الأسابيع المقبلة ودلالات نتائجها الإقليمية، حيث تسعى واشنطن عبر أدواتها للحشد ضد قوى محور المقاومة في كلا البلدين. لنقول أن الأسابيع المقبلة حاسمة وستتبيَّن على ضوئها مسارات الصراع. ولعل اتخاذ واشنطن أيّ قرار بالانسحاب من الاتفاق والعودة إلى سياسة العُقوبات، يعني حتماً الذهاب الى تصعيد، وبالتالي ستكون طهران في حلّ من أي خيارات تحت سقف ضبط النفس. بالنتيجة لا يمكن الإعتماد على المؤشرات الحالية لاستشراف المستقبل، في حين أن المؤشّرات الحاسمة ستحدّدها الأيام القريبة المُقبلة.