الخبث الاميركي في العراق
لوحظ وبعد الغزو الاميركي الغاشم للعراق بروز ظاهرة لم يالفها العراقيون الا وهي تأجيج وتعميق الحس الطائفي بحيث وصلت فيه الاوضاع الى حالة من الاحتراب المذهبي المقيت، وقد ساهمت واشنطن في تعميق هذا الامر من خلال صيغة العملية السياسية القائمة على المحاصصة المذهبية والعرقية.
ولايمكن لذاكرة العراقيين ان تنسى تلك الايام الاولى السوداء للغزو الاميركي اذ مارس الجيش الاميركي دورا قذرا جدا في تعميق الخلاف المذهبي من خلال توجيه عملائه بالقيام بممارسات ارهابية تستهدف مناطق السنة حينا ومناطق الشيعة حينا آخر من خلال عمليات تفجير المساجد او التجمعات البشرية في هذه المناطق لخلق حالة من الاحتقان الظائفي، الا ان هذه الممارسات لم تستطع ان توصل بالعراقيين الى حالة الاحتراب والمواجهة، بل العكس من ذلك فانهم حافظوا على وحدتهم وتماسكهم بحيث أسقط مافي أيدي واشنطن او من يقف معها في هذا المجال.
واللافت ايضا ان الخبث الاميركي لم يقف عند هذا الحد، بل انه اخذ يفكر بطرق واساليب جديدة محاولة منه لتوسيع الشرخ بين صفوف ابناء الشعب العراقي، فعمد الى تشكيل مجاميع ارهابية حاقدة وقدم الدعم اللازم لها من أجل ان تمارس دورا اجراميا لتصل بالعراقيين الى تحقيق هدف واشنطن وهي الوصول الى حالة الاحتراب المذهبي،. بحيث لوحظ ان المناطق ذات الاغلبية الشيعية اصبحت هدفا لهذه المجاميع الارهابية وبصورة خرجت عن المألوف،ولكن ورغم ذلك فان وعي العراقيين الذي فهم اللعبة الاميركية القدرة لم ينساقوا وراءها مما افشل مرة اخرى هذا المخطط الخبيث.
واخيرا وعندما شجع الاميركان الارهابيين على الزحف الى بغداد من خلال منصات الاعتصام في المناطق الغربية بحيث وصلت فيه السكين الى حد قطع الرقبة، جاءت فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي القاصمة والقاضية على كل المخططات الاجرامية ليست الاميركية فحسب بل حتى الاقليمية والداخلية منها.
واليوم وبعد ان انزاح الارهاب عن الاراضي العراقية بفضل التعاون القوي بين القوات العراقية والحشد الشعبي بحيث تطهرت هذه الارض من دنسه. نجد ان واشنطن ذهبت الى استخدام اسلوب آخر الا وهو التدخل المباشر في العملية السياسية من اجل تعزيز حالة الاحتراب المذهبي ولكن على المستوى السياسي، وهو ماكشفته مصادر بالامس من ان السفير الاميركي في العراق قد تحدث في اجتماع ضم الكتل السياسية السنية بالقول "ان الوقت قد حان لان يستلم السنة الحكم في العراق بعد فشل الشيعة في ادارته خلال 15 عشر سنة الماضية"، والذي اعتبرته مصادر اعلامية وسياسية عراقية ان واشنطن ومن خلال ما قاله السفير تريد ان تعيد العراق الى المربع الاول والى ماقبل عام 2003 ضاربة بذلك ارادة الشعب العراقي والعملية الديمقراطية عرض الحائط.
ولكن السفير الاميركي يدرك جيدا ان الخارطة الديموغرافية العراقية لاتسمح له ومن يدعمه بعودة العجلة الى الوراء، وان الاشارة بعودة السنة الى الحكم هي الخلافات السياسية بين الكتل الشيعية السياسية لم يكن مبررا لتغليب الاقلية على الاكثرية، وكما قيل ان "رب ضارة نافعة" فان توجيهات السفير الاميركي الخبيثة والحاقدة جاءت على اعتاب الانتخابات التشريعية والتي ستكون حافزا قويا للشعب العراقي بتوحيد صفوفه وكلمته وبصورة تخيب فيه امال الاميركيين بالدرجة الاولى ومن يدعمهم او يقف معهم بالدرجة الثانية، وان صناديق الاقتراع ستكون الرد القاصم على هذا الخبث والحقد الاميركي والتي ستشكل انتصارا سياسيا كبيرا للشعب العراقي يضاف الى سجل الانتصار العسكري الرائع الذي سطره ابناء المرجعية من رجال الحشد الشعبي الابطال على جبهات القتال ضد داعش الاميركي.