’سوتشي’... حضور دي ميستورا لم يكن بريئاً
محمد عيد
حضر المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا إلى مؤتمر "سوتشي"، ونجحت موسكو من خلال حضوره في إضفاء نوع من الإقرار الدولي بمخرجات الحوار السوري ـ السوري، لكن حضور المبعوث الدولي الذي طالما نظرت دمشق بعين الإرتياب لمواقفه المنحازة إلى المعارضة وبشكل خاص إلى شقها المسلح لم يكن على ما يبدو بدوافع حسنة، تجلى ذلك من خلال محاولاته المستميتة لترك البصمة الأمريكية على البيان النهائي للمؤتمر والتصويب مجددا على دور الجيش العربي السوري في صون البلاد وحمايتها وهو الأمر الذي فشل فيه فشلا ذريعاً من خلال رفض المؤتمرين لـ "فخ اللغة" الذي حاول أعجمي فرضه على سوريين يتكلمون العربية بطلاقة، كما أكد مصدر معارض لـ"موقع العهد الإخباري".
بدا حضور دي ميستورا لمؤتمر الحوار السوري ـ السوري في سوتشي مستغرباً نوعاً ما في ظل المحاولات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والخليجية لتهميش هذا المؤتمر وإفراغه من أية قيمة مضافة يمكن أن يقدمها في سبيل حل الأزمة في سوريا، لكن دي ميستورا الذي حملت سذاجة البعض على الإعتقاد بأن حضوره كان تمردا على الرغبة الأمريكية بالمقاطعة لم يكن في الحقيقة سوى حامل "السم الأمريكي" الذي حاول دسه في "طبخة سوتشي" التي استطاب عموم السوريين مذاقها.
المتحدثة باسم الجبهة السورية الديموقراطية المعارضة وأمينة سر مؤتمرالحوار الوطني السوري السوري في سوتشي ميس كريدي كشفت لـ"موقع العهد" ان "دي ميستورا ومن ورائه "دول" مجموعة واشنطن "حاولوا" التلاعب على الألفاظ "فيما يخص البيان النهائي عبر فرض عبارات تمس بمصداقية الدولة السورية ودور الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي تصدى له معظم الحضور ورفضوه بشدة من بعد ما عدوه خروجا عن النص من قِبل من يجب أن يراقب ويوثق دون أن يسمح لنفسه بالتدخل في أمر من اختصاص السوريين لوحدهم دون بقية الحضور وهو الأمر الذي اعطى لـ "سوتشي" قيمة مضافة اختلفت عن مؤتمرات جنيف وفيينا وحتى أستانة مع حضور اكبر طيف ممثل عن المجتمع السوري والتقاء السوريين وجها لوجه بعيدا عن الإملاءات الخارجي".
وأوضحت كريدي أن "جهود المبعوث الأممي لتعكير التوافق السوري ـ السوري انصبت على الفقرة السابعة من نص البيان حيث أصرّ وبشكل غريب على أن تبدأ بجملة "بناء جيش وطني ذي مصداقية" الأمر الذي أدى إلى انتفاض الحضور وإصرارهم على استبدال هذه الجملة من مسودة البيان بعبارة "الحفاظ على الجيش الوطني في سوريا" لأن مسايرة دي ميستورا في مراميه هذه ستؤدي بالضرورة إلى ضرب مصداقية الجيش العربي السوري، وتقزيم تضحياته العظيمة التي كان لها الدور الأعظم في حماية البلاد والشعب من سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة".
وأشادت الناطقة باسم الجبهة السورية الديموقراطية المعارضة بـ"الحس الوطني العالي الذي تمتع به الحاضرون عبر رفضهم المصادقة على الورقة كسلة واحدة، وإصرارهم على فحصها بندا بندا، وبالتالي لم يكن هناك أية إمكانية لتمرير أية جملة من هذا النوع".
وبينت كريدي أنه "كان هناك حساسية عالية لدى الحضور لمسألة المس بالسيادة والجيش وكذلك كان هناك حساسية من التدخلات الخارجية ومن دي مستورا نفسه باعتباره طرفا منحازا ".
ورغم تصويب الولايات المتحدة الشديد على مؤتمر سوتشي ومخرجاته فإنها لم تستطع أن تؤيد حجتها هذه بدليل منطقي على اعتبار أن المؤتمر نجح في ضم أوسع طيف ممثل للشعب السوري وممثلين كذلك عن "أشكال متعددة من المعارضة والقوى السياسية" مثل الجبهة الوطنية التقدمية ومعارضة الداخل ومنصتي موسكو والقاهرة وتيار هيثم مناع و"تيار الغد" بزعامة الجربا "رجل الخليج" المحسوب على التيارات المتشددة والذي اوحت مشاركته في المؤتمر بعهد جديد سمته القطيعة مع التوجهات السابقة، على حد قول كريدي التي كشفت للـ"العهد" أن "واشنطن حاولت بدلا من ذلك، التنكر لبيان سوتشي عبر استخدام ذرائع انسانية، وربط مباركتها له بموافقة دمشق على إدخال المساعدات إلى الغوطة الشرقية، وهو أمر لم تعترض عليه الحكومة السورية يوما، ولم تحل دونه إلا عندما كان الأمر يتعلق بمحاولات الطعن بالسيادة السورية، مع علمها المسبق بأن هدف واشنطن أبعد ما يكون عن الغاية الإنسانية ويصب مباشرة في خانة دعم المجاميع المسلحة هناك، والتي يقوم أفرادها بسرقة هذه المساعدات وبيعها لأهالي الغوطة، فما يهم واشنطن في أوج مشهدية انحسارها التدريجي عن الساحة السورية وفشل أهدافها الاستراتيجية هناك أن تبقي على "موطئ قدم ميداني" على تخوم دمشق يحفظ حظوظها في الابتزاز على أية طاولة مفاوضات عندما تلوح بوادر التسوية في أفق الصراع ".