هضبة الجولان ضحية أطماع "إسرائيل" التوسعية
مالك عساف
منذ الإعلان عن تشكيل الكيان الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأعين حكام ورموز هذا الكيان لم تغادر هضبة الجولان السورية لما تتمتع بها من ميزات وموارد طبيعية قلما تجدها في منطقة أو بلدة أخرى.
فمن الغرب تطل هضبة الجولان على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل، أما شرقًا فيشكل وادي الرقاد الممتد من الشمال بالقرب من طرنجة، باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حداً عرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق. ومن جهة الشمال يشكل مجرى وادي سعار الحدود الشمالية للجولان، حيث تمتد بين بانياس ــ منابع نهر الأردن ــ حتى أعالي وادي الرقاد جهة الشرق. أما الحدود الجنوبية فيشكلها المجرى المتعرج لنهر اليرموك والفاصل بين هضبة الجولان وهضبة عجلون في الأردن.
وقد وقعت الهضبة بكاملها ضمن حدود سوريا، ولكن في حرب 1967 إحتل الكيان الصهيوني ولا زال ثلثين من مساحتها في ظل مطالبة سوريا بإعادته إليها.
إن لهضبة الجولان أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للكيان الصهيوني حيث إن سيطرته عليها توفر له حدودًا يمكن الدفاع عنها من أي هجوم بري فيما يمكن للكيان إصابة أهداف في الشمال بأسرها بنيران المدفعية من خلال الهضبة كما إن الهضبة تسيطر على موارد المياه الرئيسية للكيان.
ولعل الموارد الطبيعية التي تتمتع بها هضبة الجولان أكثر الميزات التي تسيل لعاب وتثير أطماع هذا الكيان، فرغم الإحتياجات الأمنية والعسكرية له تبقى جغرافية مرتفعات الجولان المحتل ومواردها الطبيعية والثروات ومصادر المياه فيها هي أكثر الأمور أهمية لدى حكام هذا الكيان.
ولقد كشف مسار المفاوضات المتعرجة التي جرت بين الكيان الصهيوني وسوريا عن عمق الأطماع الصهيوني في الجولان وإن هذه الأطماع الإقتصادية والثروات الطبيعية ومصادر المياه تتساوى في أهميتها مع الإعتبارات الأمنية والعسكرية للكيان إن لم تفوقها أحياناً.
ومع كل هذه التعقيدات تبقى هناك حقيقة لا يمكن تغييرها أبداً وهي إن الجولان أرض سورية محتلة من قبل الكيان الصهيوني وهو إحتلال غاشم ينتهك جميع القوانين والأعراف الدولية ومبادئ السيادة لدى الدول، ولابد من إستعادتها بكل الوسائل الممكنة وحتى العسكرية منها.
لكن السؤال المطروح هو أين المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة وأدعياء العالم من هذا الإحتلال الغاشم لهضبة الجولان.
إن الدول الغربية وغيرها حشدت الجيوش الجرارة من أجل إستعادة دول ومناطق تعرضت للإحتلال من قبل دول أخرى فيما التزمت الصمت المطبق إزاء إحتلال "إسرائيل" للأراضي العربية من فلسطين إلى لبنان مروراً بالجولان السورية.
فلماذا كل هذا الزيف والإزدواجية في مواقف المجتمع الدولية وسياسته إزاء القضايا المحقة في العالم.