ايران شوكة في العين الاميركية
ليست القضية اعتباطية او عفوية ان يعترف موقع "مينت برس" الاميركي عن حقيقة حاولت الادارات الاميركية المتوالية من ديمقراطية وجمهورية اخفاءها عن الرأي العام الاميركي والغربي وهي ان سر عداء اميركا لايران منذ انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 وحتى اليوم هي نقطتين اساسيتين هو سعي ايران الدؤوب في المحافظة على حق تقرير المصير واستقلالية القرار وهما عنصران اساسيان لتحصين البلد وقراره الوطني في ايران، وهذا ما لا تتحمله اميركا بالمطلق لانها ستصبح في المستقبل نموذجا يتقدي بها الشعوب واذا ما تم تعميم مثل هذا النموذج لابد لاميركا ان تقرأ الفاتحة على مصالحها اللامشروعة في المنطقة والعالم.
قضية العداء بين ايران واميركا جوهرية وتخضع لمشروعين متعارضين تماما فسياسة اميركا مبنية على الامبريالية والتسلط ونهب ثروات الشعوب بينما المشروع الايراني هو قائم على الدفاع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالية قرارها وهذا ما يتعارض اساسا مع السياسة التوسعية الاميركية والاقتصادية والعسكرية".
وما عبر عنه هذا الموقع الاميركي سواء ان كان زلة لسان او اعتراف على مضض الا انه يكشف الحقيقة بعينها خاصة ما يرتبط بالاتهامات والافتراءات التي اطلقها الرؤساء الاميركيون منذ انتصار الثورة الاسلامية في سبعينيات القرن الماضي وحتى يومنا من ديمقراطيين وجمهوريين بوضع ايران في محور الشر وازدواجية سياستها وانها مصدر التهديد والارهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة وانها دولة مارقة وخارج القانون اضافة لامتلاكها للبرنامج النووي وتتدخل في الشؤون الداخلية للاخرين، كل هذه الخزعبلات هي للاستهلاك المحلي وتعميمها على دول المنطقة وتخويفها من ايران لمنعها الخروج من الخيمة والمظلة الاميركية التي تحميها لذلك كان هذا الموقع الاميركي "مينت برس" مصيبا في هدفه عندما كتب ان "ايران المستقلة شوكة في العين الاميركية" لان كل الاتهامات الاميركية وعدائها السافر لايران نابع من حقدها منذ انتصار الثورة الاسلامية التي طردتها من ايران تماما وزعزعة وجودها في المنطقة واذلتها لاكثر من 44 يوما يوم احتجزت دبلوماسييها الجواسيس في المقر المسمى بالسفارة الاميركية في طهران.
فالخلاف الاساسي كما اشار اليه الموقع الاميركي هي نقتطان استراتجيتان يمكن تلخيصهما بكلمتين شعوب حرة وشعوب منقاده ولايمكن لايران واميركا ان يلتقيا عندهما حتى وان بقى من الدنيا يوما واحدا فاذن القضية ليست كما يزعمون ويطبلون ويخوفون العالم من ان قوة ايران وبرنامجها النووي وصواريخها ودعمها لقوى المقاومة التي يصفونها بالميليشات هي التي تهدد المنطقة والعالم ولابد من وضع حد لها، هي مجرد تخرصات واتهامات واهية ورخيصة لا تنطلي على احد فمن الذي لا يعلم بان دولا في الشرق والغرب وآسيا وغيرها اقوى تسليحا من ايران ويمتلكون الرؤوس النووية والصواريخ والنفوذ وبينهم من اعترف بصناعة الارهاب ودعمه فكيف لا تشكل هذه الدول تهديدا وخطرا على السلام والاستقرار العالمي.. انها الكذبة الكبرى.. انها صفقات ومساومات يتفقون عليها بعيدا عن مصالح الشعوب لكنهم واهمون وكما يقال فالغربال لايحجب الشمس.
ان المشكلة الاساسية بين الطرفين ان ايران الاسلام طرحت مشروعا جديدا بابعاد الهية ـ انسانية ليست في ادبياته ظلم وتعسف واعتداء ومصادرة حقوق الاخرين، بل عادلة اجتماعية وتساوي في الحقوق والواجبات واحترام حق الراي والتصويت والاكثر من ذلك حق تقرير المصير واستقلالية القرار وهذا ما نغص الجانب الاميركي وحطم كل احلامه لتنفيذ مشاريعه التسلطية والنهبية لشعوب العالم، لان ما رفعته ايران الاسلام من شعارات مبدئية ومفاهيم انسانية خلاقة اخترقت قلوب شعوب المنطقة والعالم دون ان تمر من آذانها لان في الواقع اسست لمدرسة جديدة هزت العالم يومها حيث اختلت موازين القوى والمعادلات الدولية ورسمت استراتيجية جديدة لاحقاق الحق ومنع الظلم والعدوان والاحتلال والاحترام المتبادل لدول العالم جميعا وليس من حق الدول الكبرى فرض ارادتها على الدول الصغيرة او الضعيفة لانه يتناقض تماما مع مبادئ حقوق الانسان والاسس الديمقراطية والقانونية التي تتبجح هذه القوى لذلك شكل نجاح الثورة الاسلامية في القرن العشرين باعتبارها اكبر ثورة حيرت الشرق وازعجت الغرب واحرجت العرب وشغلت العالم.