اعدام النمر جريمة لا تنسى
أظهر هذا الإعدام أن النظام السعودي نظام رجعي كان يخاف الشيخ باقر النمر رغم أسلحة البترودولار والأسلحة المتطورة. لقد أظهر تنكّر الشكليّات القائمة على إتهامات الإرهاب، ضعف حقوق الإنسان المشروعة وعدم إحترامها وهذا الإعدام سيظهر إلى الأبد إجرام النظام السعودي.
وشكّل إعدام الشيخ النمر منعطفا خطيرا وهو أحد القادة المعارضين من الأقليّة الشيعية في المملكة العربية السعودية وخاصة في الشرق، حيث تتركز الودائع من الطاقات الأحفورية في المملكة. وهذا ما يلفت إنتباه المراقب لتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط الى الخليج الفارسي خلال السنوات الثلاثين الماضية. ولسبب وجيه كان هذا التصعيد في المرحلة النهائية يهدف الى إحياء-وعلى مستوى أعلى-حرب بين الطوائف التي خدمت مصالح المملكة بعد فترة وجيزة من الغزو الأمريكي للعراق.
ما يثير الدهشة كما يبدو من دولة مثل المملكة العربية السعودية، هو سياستها العدائية بشكل خاص لإيران وهو ما يعادل الصورة الفرضيّة للاعب الشطرنج الذي يفقد فجأة الصبر مع خصمه فيقرّر مقاطعة المباراة بعمل من أعمال العنف أو التخريب مما يجعل من المستحيل مواصلة اللعبة.
بإعدامها للشيخ نمر أعلنت المملكة العربية السعودية أنّها في حالة حرب ضد كل القيم الأخلاقية والإنسانية.
في الواقع، إن فقدان السيطرة هذا قد أبرز أن السعودية فقدت فعلا الصبر. ففي الحرب في سوريا التي تعدّ السعودية واحدة من أبرز الأطراف المحرًضة فيها تحولت أكثر وأكثر ضدها، في حين أصبحت الحرب في اليمن كابوسا استراتيجيا حقيقيا.
إن اطلاق النار أمر سهل ويتٌم الضرر. لكن إطفاء الحريق والخروج منه أمر صعب جدَا.
إنّ المقاطعات الشرقيٌة من المملكة التي تتركز فيها معظم المجمعات البتروكيماوية هي موطن لأقليّة شيعية يمكن لمطالبها في أي وقت أن تتحول إلى النزعة الإنفصالية أو أي شكل من أشكال التعهد نحو طهران وهذا السيناريو يرعب حكام الرياض ويزيد من حدة إنتهاكاتهم لاهالي تلك المنطقة.
في نهاية المطاف، إنّ هذا العمل الغير مسؤول من قبل النظام السعودي في لحظة حسّاسة وهشّة يشهد فيها النظام تشرذم وإنشقاقات،سيُبقِي هذه الجريمة نقطة سوداء في تاريخ هذه العائلة التى لم توقف عن ارتكاب جميع أنواع الفظائع في حق أبناء المنطقة الشرقية المعزولين والمحرومين من أبسط الحقوق الإنسانية.
إنّ إتّهام إيران التي تمُدّ يد المساعدة للمظلومين والمستضعفين أينما وُجدوا بأنها تتدخّل في الشؤون الداخلية للسعودية ولدول المنطقة لهي من التهم الجاهزة لذر الرماد في العيون والتغطية على كل الممارسات والإنتهاكات التي تقوم بها سلطات آل سعود في حق أبناء المنطقة الشرقية. وبالرغم من كل ذلك فلقد حرصت الجمهورية الإسلامية على عدم الرد على إستفزازات النظام السعودي وعدم المواجهة مع الرياض لأنها ستكون في حقيقة الأمر مواجهة مع واشنطن.