مصادر فرنسية: بَعْدَ باليستي الرياض هذه هي خيارات اليمن والسعودية
نضال حمادة
أعلن انصار الله الحوثيون يوم الثلاثاء الماضي عن إطلاق صاروخ باليستي استهدف العاصمة السعودية الرياض، وتلا الإعلان عن إطلاق الصاروخ كلمة للسيد عبد الملك الحوثي يمكن القول عنها إنها تصعيدية وفيها تحد كبير تزامناً مع مرور ألف يوم على بدء الهجوم على اليمن، وإذا كان هذا الصاروخ هو الثاني الذي يستهدف الرياض خلال شهر واحد، لكنه الأول الذي يطلق بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وسيطرة انصار الله الحوثيين على صنعاء خلال أيام قليلة.
مصادر فرنسية في باريس قالت إن هذه التطورات اليمنية - السعودية لا يمكن فصلها عن تطورات سبقتها خلال الشهريين الماضيين في العراق وفي سوريا، وما تخللها من تصعيد إيراني ظهر في سرعة الحسم في كركوك، رغم وجود مخاطر صدام مع أمريكا، وتلت معركة كركوك معركة مدينة البوكمال في سوريا التي أيضا كان قرار حسمها إيرانياً، ومن يعرف التفاصيل المحيطة بالمعركة يدرك أن الروسي تدخل في ميدانها متأخراً، بعدما وصل قاسم سليماني الى البوكمال وباشر عملية قطع الطريق على قسد التي كانت تتجه إليها من ريف دير الزور، أيضا هنا كانت احتمالات المواجهة مع الأمريكي جدية، وأتت المعركة الثالثة في صنعاء ونهاية الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح السريعة والمفاجئة استكمالا لعمليات الحسم السريعة التي بدأت في كركوك، والتي تخفي كل منها صراعا إيرانياً – سعودياً".
وتضيف المصادر الفرنسية: "هنا يمكن استحضار صور الوزير السعودي تامر السبهان مع قيادات قسد في الشدادي بسوريا قبل معركة البوكمال بأسبوعين، وقبلها كانت السعودية من الداعمين لاستفتاء كركوك حسبما ذكرت مصادر الحشد الشعبي حينها".
المصادر الفرنسية قالت: "الآن وبعد سقوط الصاروخ اليمني على الرياض، وإعلان انصار الله الحوثيون انه استهدف قصر اليمامة حيث كان يعقد اجتماع قيادي سعودي، ما فهم انه تهديد مباشر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تبدو خيارات الطرفين السعودي واليمني محدودة، مع وجود تصعيد يمني كبير يتجه للتصاعد ويتسم بالحدة مع مرور الوقت، وهذا التصعيد يستند الى عدة معطيات وخيارات يمنية هي التالية:
أ- تعتبر القيادة اليمنية الحالية أنه بعد مقتل صالح ليس كما قبله، وبالتالي لا يمكن لها الإستمرار بحالة الإستنزاف والمراوحة التي تعيشها جبهات الحرب منذ ثلاث سنوات تقريبا، خصوصا أن القصف الجوي يزداد وحشية وقوة وبالتالي عامل الوقت أصبح مهماً في تحديد مصير المعركة.
ب- تعتبر القيادات اليمنية أن أي تصعيد كبير من جانبها ضد السعودية في ظل الصراع على السلطة داخل العائلة المالكة وما جرى من اعتقالات لأمراء اقوياء سوف يؤثر على الداخل السعودي ويضع ولي العهد محمد بن سلمان أمام خيار وحيد في اليمن وهو إيقاف الحرب للحفاظ على قوته في الداخل .
ج- تدرك القيادة اليمنية ان الأمريكي لن يسمح لقواتها بالتوغل الى قلب المملكة العربية السعودية غير أن تجربتي كركوك والبوكمال تشجّعانها على التصعيد المدروس لإضعاف محمد بن سلمان من دون الدخول بحرب مباشرة مع أمريكا، وبالتالي لا بأس ولا خوف من تصعيد مدروس وموجع للسعوديين، بعد نجاح محور طهران في سوريا وفي العراق وارتياحه هناك، ما يمكنّه من الإلتفات لليمن.
د- أتى هذا التصعيد اليمني بعد خطاب الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني الذي حدد فيه وقف الحرب ضد اليمن شرطا أساسياً تضعه طهران لتحسين علاقاتها مع السعودية، وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس إيراني عن شروط بسقف مرتفع لتحسين العلاقة بين إيران والسعودية.
وتستمر المصادر الفرنسية بحديثها بالقول "في الجانب السعودي لا تبدو الخيارات كثيرة، وكما في الحال اليمنية تأتي مرحلة ما بعد علي عبدالله صالح بظروف مغايرة، أضعفت السعودي داخل صنعاء وضمن القبائل اليمنية التي كانت الرياض تعوّل على علي عبدالله صالح في تحريكها لقلب المعادلة ضد انصار الله الحوثيين، وهذا الضعف انتقل الى التحالف السعودي ميدانياً بعد الأنباء التي افادت عن انسحاب اللواء السوداني وإمكانية استبداله بجنود من تشاد".
هنا يظهر امام السعودية خياران:
1- الإستمرار في الحرب رغم عدم وجود أي أفق سعودي لحسمها او إحداث اختراق كبير يمكن للسعودية أن تستخدمه للحفاظ على ماء وجهها ويحافظ على هيبتها في الخليج أولاً، وفي العالمين العربي والإسلامي ثانياً. وبالتالي أصبحت هذه الحرب خسارة عسكرية ومعنوية كبيرة أظهرت المملكة العربية السعودية دولة عاجزة بجيش ضعيف وهزيل تهزم في حرب على حدودها، وبالتالي يمكن الخروج على قيادتها إقليميا وفي البيت الخليجي كما يحصل حاليا في الصراع مع قطر وتفشي حال من العداوة الى الكويت ولو أنها ما زالت محدودة".
2 - وقف الحرب، وهذا أيضا خيار صعب خصوصا في ظل الرفض اليمني لأي تنازل ولو صورياً، وبالتالي سوف يكون اي وقف لإطلاق النار انتصاراً يمنياً كبيراً قد يأتي على كل نفوذ محمد بن سلمان، الذي كان أحد أهداف إرساله الجيش السعودي وإلهاء المجتمع السعودي بحرب في اليمن ضد أنصار الله الحوثيين ركناً رئيسياً في تثبيته وتمكنه من القضاء على قوة كل خصومه، الذين كانوا يشكلون عقبة في وجه توليه المُلك بعد أبيه.
"خيارات قليلة أحلاها علقم تواجه الطرفين في هذه الحرب، وإن كان الوضع في الجهة اليمنية يبدو أفضل بالنسبة لقوة صاعدة في المنطقة والعالم العربي، مقابل قوة كالسعودية تَراجع نفوذها وظهرت حقيقة ضعفها بعد دخولها بحرب من دون أي إنجاز ميداني يذكر"، تختم المصادر الفرنسية حديثها.