kayhan.ir

رمز الخبر: 68331
تأريخ النشر : 2017December18 - 20:45

هذه خيارات روسيا وسوريا لإخراج الامريكي من سوريا


نزار بوش

ربحت روسيا الحرب على "داعش” في سوريا، إلا أن نصرها هناك لن يكون الأخير على ما يبدو، حيث أن خصمها الرئيس في المنطقة لا يزال مكشّرا عن أنيابه ومستعدا لمواصلة القتال.

وعلى ما يبدو أن قرار موسكو سحب قواتها من سوريا، ما هو إلا خطوة أولى على طريق حرب جديدة ستربحها بلا قتال، ففي سوريا حشد كل من أطراف المواجهة حلفاءه وصاغ منهم فصائل مسلحة وشكّل لهم هيئات ومرجعيات سياسية.

كما دأب كل من أطراف المواجهة على تزويد حلفائه بالسلاح، ودرّب لهم قواتهم وغطى نشاطهم في المحافل الدولية، إلا أنه ورغم هذا الحشد والدماء التي أريقت في سوريا، استطاعت الدول المتنفذة تفادي المواجهة المباشرة على الأرض السورية.

وما إن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتصار على "داعش” من قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية، وسحب قوات روسية من الأراضي السورية حتى بدأ الإعلام الغربي يشن حملة عدائية تجاه النصر الذي حققته روسيا وسوريا ضد الإرهاب، من أجل تشويه صورة الجيش الروسي، ولكن ضوء الشمس لا يمكن أن يحجبه الغربال، فقد استطاعت القوات الجوية الفضائية الروسية التي آزرت ودعمت الجيش السوري القضاء على أكثر من 50 ألف إرهابي وتدمير مراكز تجمعات الإرهابيين في سورية، بالإضافة إلى قطع خطوط إمدادهم.

ولكن لا زالت هناك على الأرض السورية جماعات إرهابية مثل جبهة النصرة التي تتواجد بشكل أساسي في مدينة إدلب وريفها، وفي بعض ريف حماه، ولا ننسى جيوب داعش التي تنتشر في شرق سوريا وأيضا في مناطق محدودة من ريف دمشق، بينما القوات الأمريكية بقيت في مكانها ولم تغادر، بل والأكثر من ذلك صرحت وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات الأمريكية لن تترك مواقعها في سوريا حتى لو تم القضاء على داعش.

وعن دور القوات الجوية الفضائية الروسية قال الخبير العسكري هيثم حسون:

عمل القوات الجوية الفضائية الروسية خلال سنتين ونيف كان له تأثير كبير على مجرى العمليات العسكرية، فهي قدمت الدعم العسكري المباشر للقوات البرية للجيش السوري وحلفائه، ما مكّن القوات السورية من تحرير معظم الجغرافية السورية وخاصة التي كانت تحت سيطرة "داعش”، وأيضا مكنها من استعادة مساحات واسعة من المدن والقرى والبلدات التي كانت تحتلها التنظيمات الإرهابية المسلحة، وهذا الأمر كان له دور كبير في استعادة الدولة السورية سيطرتها وسيادتها على الحدود السورية من الاتجاه الشرقي والاتجاه الغربي للحدود اللبنانية السورية، وكما لعبت القوات الجوية الفضائية الروسية دورا ردعيا للولايات المتحدة ومنعها من استهداف الجيش السوري، وهو ما حاولت الولايات المتحدة فعله أكثر من مرة، ولكن في النهاية كان هناك تحذيرات واضحة بأن الوجود الروسي لن يسمح للولايات المتحدة بالاعتداء على الجيش السوري، كما لعبت القوات الجوية الفضائية الروسية دورا ردعيا لدول الجوار، وخاصة تركيا التي حاولت إرسال قواتها إلى الداخل السوري، مما جعل القوات السورية تتمكن من العمل على الحدود السورية التركية، وأيضا لعبت القوات الجوية الفضائية الروسية دورا ردعيا على الحدود الجنوبية، حيث كانت مواقع الجيش السوري تتعرض لاعتداءات من قبل العدو الاسرائيلي والعصابات الإرهابية التي كان يدعمها، ولا ننسى المخطط الذي كانت ترسمه غرفة الموك في الأردن للتدخل في سوريا عسكريا، وبالمجمل فإن وجود القوات الروسية إلى جانب الجيش السوري منع كل تلك الدول من الاعتداءات المباشرة، أو إدخال جيوش إلى داخل الأراضي السورية، علما أن ذلك كان جزء من المخطط المرسوم لاحتلال سوريا وتقسيمها.

وفيما تحدث المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف عن خيارات موسكو في مواجهة التواجد الأمريكي غير القانوني في سوريا وقال: إن خطوات روسيا بتوسيع قاعدة طرطوس البحرية الروسية وخطوات أخرى تتخذها روسية، هي قوة ضامنة للحفاظ على سيادة الدولة السورية، فقاعدة "حميميم” وقاعدة "طرطوس” تساهمان في الحفاظ على سيادة الدولة السورية، وروسيا أعلنت موقفها الرافض لتواجد التحالف الأمريكي، وفي نهاية المطاف ستكون الولايات المتحدة مضطرة لتهرب من سوريا، لأنه لا توجد أي آفاق لتحقيق النوايا الأمريكية، وهنا أقصد إسقاط نظام الحكم في سوريا بشكل غير شرعي. والآن نحن بحاجة إلى عملية سياسية وانعقاد الحوار الوطني السوري في سوتشي، ولكن روسيا ستمنع كل المحاولات لتقسيم سوريا أو تدميرها، القاعدتان الروسيتان في حميميم وطرطوس ضمان للسياسة الروسية في سوريا والحفاظ على سيادة وحدة وسيادة الدولة.

جدير بالذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدم إلى مجلس الدوما مشروع اتفاقية بين موسكو ودمشق، بشأن توسيع القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس.

وذكر مجلس الدوما في بيان له أن مشروع الاتفاقية يقضي بتوسيع القاعدة، وكذلك يتعلق بدخول السفن الروسية في المياه والموانئ السورية

فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، رفض موسكو لمبررات التحالف الدولي للبقاء في سوريا، مؤكدة أن ذلك ينتهك سيادة الدولة السورية.

بينما بين العميد هيثم حسون الخيارات السورية في مواجهة التواجد الأمريكي في سوريا قائلا: إن محاولات تقسيم الدولة السورية قد انتهت بإسقاط ما سمي بدولة "داعش” الإرهابية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة والدول الاقليمية لتنفيذ سياستها والوصول إلى أهدافها. أما الخيارات الموجودة لدى الدولة السورية فهي:

1- لديها الخيار السياسي والدبلوماسي الذي تنتهجه الدولة الروسية من خلال العمل مع الولايات المتحدة، إن كان بشكل مباشر عبر العلاقات الثنائية أو من خلال المنظمات الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل نادي يضغط على الولايات المتحدة من أجل سحب قواتها من الأراضي السورية.

2-الخيار الثاني هو الخيار العسكري غير المباشر، وهنا سيتجه الجيش السوري بعد القضاء على "جبهة النصرة”، للتعامل مع المجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة، إن كان في المنطقة الجنوبية عبر استهداف ما يسمى بقوات العشائر وجيش سوريا الجديد وغيره، أو في المنطقة الشمالية من خلال استهداف القوات التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تسمى "قوات سوريا الديمقراطية” التي هي في الحقيقة الذريعة الأخيرة للوجود الأمريكي في المنطقة الشمالية.

3- الخيار الثالث هو الخيار العسكري المباشر، هنا سيكون من واجب الدولة السورية التعامل مع هذه القوات على أنها قوات محتلة، وبالتالي العمل على دحرها عسكريا، إن كان عبر الفصائل المقاومة أو عبر الجيش السوري وحلفائه بشكل مباشر وبدعم من موسكو، ومن خلال مساندة روسيا للجيش السوري في تحرير الأرض السورية وتزويده بالوسائط التي تمكنه من إلحاق الهزيمة بالقوات الأمريكية الموجودة على الجغرافية السورية.

بينما أضاف أندريه أونتيكوف قائلا: إنه لن يكون أي معنى لتواجد القوات الأمريكية في سوريا، فلذلك ستسحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا، وكل المعطيات تتحدث عن ذلك، فقد استطاع الجيش السوري مدعوما من القوات الجوية الفضائية الروسية الانتصار على داعش، كما أنه تم تحديد مناطق خفض توتر، حيث سوف يتم القضاء على جبهة النصرة في إدلب، فيما تبذل روسيا جهودا حثيثة لإشراك القوى الكردية في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي وفي جنيف، وكل ذلك سيؤدي إلى حل الأزمة السورية، إذا لن يكون بعد ذلك أي معنى أو مجال لتواجد القوات الأمريكية في سوريا، وهذا يعني أن الولايات المتحدة ستنسحب من سوريا.

لقد صارت الولايات المتحدة على يقين تام بضعف مواقعها في سوريا، وتدرك جيدا أن مواقعها سوف تضعف أكثر مع الوقت، فيما موسكو مصممة على موقفها حتى النهاية، ولن تنسحب من اللعبة المتمسكة بربحها بفارق كبير.