kayhan.ir

رمز الخبر: 67936
تأريخ النشر : 2017December11 - 21:25

’إسرائيل’ قمّة الإجرام


حسين حمّود

من أخطر ما أفرزته الأحداث التي تشهدها المنطقة من حروب وفتن وإنهاك جيوش وتدمير بلدان، هو تغيّر النظرة إلى "الإسرائيلي" وتفضيله على أبناء الأمة بعد حرف الصراع معه وتحويله إلى أعداء مزعومين كأنظمة ومجتمعات وإثنيات ودول، ليس بينها "الإسرائيلي".

وهذا بالضبط من بين ما يريده الكيان الصهيوني من المخططات التي رُسِمَت للمنطقة، و"الإسرائيلي" هو أحد أبرز المخططين والراسمين.

أن ننسى فلسطين وأن نحيد عن الصراع مع محتليها وتجريد هؤلاء من صفة المحتلّين والنأي عن المقاومة وترك مهمة تحرير فلسطين، وصولاً إلى رضوخ كل الأمة للأمر "الإسرائيلي" الواقع، واعتباره طبيعياً ويستحق التطبّع والتطبيع معه، بعد إنهاك دولها وتفتيتها، كل ذلك يجب أن يكون هو وجه المنطقة الجديد أو ما يُسمّى "الشرق الأوسط الجديد".

والمطلوب لتحقيق ذلك، تجميل الوجه "الإسرائيلي"، وجعله مقبولاً لدى شعوب المنطقة عبر مقارنة ما يحدث بالجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني وما يزال في فلسطين المحتلة، وغيرها من الدول التي تعرّضت لاعتداءاته الغادرة منذ نشوئه.

من هنا تعمل الدعاية الصهيونية والإعلام العربي الدائر في فلكها على تسويق تلك الصورة واعتبار العدو "الإسرائيلي" أفضل من أنظمة معينة وأن يديه لم تقترف مثل الجرائم والمجازر التي تحدث في المحيط. وقد كُتبت مقالات وبُثّت مقابلات لتأكيد هذا الزعم، ضد دول معينة وقياداتها، مصحوباً بنَفَس فتنوي طائفي ومذهبي لإكمال حلقات المخطط التقسيمي للمنطقة ونسيان فلسطين وقضيتها.

لم ينسَ أدوات هذا المشروع، بل هم يتناسون أن العصابات الصهيونية التي بدأت تتوافد إلى فلسطين منذ ما قبل العام 1947 بتسهيل بريطاني، وشنّ اعتداءات على الفلسطينيين الآمنين والعزّل في مدنهم وقراهم وذبح الأطفال والنساء وبقر بطون الحوامل منهن بالسواطير والسكاكين. وسوق الشبّان إلى ساحة البلدات وإعدامهم رمياً بالرصاص جماعات جماعات. وما حصل في بلدات لبنانية شاهدة على تلك الهمجية الصهيونية، حيث مجزرتا الطيبة وحولا وغيرهما من البلدات ما تزالان عالقتين في أذهان أبناء القرى الجنوبية نظراً لوحشيتهما التي أدّت إلى قتل العشرات من أبناء القريتين. وكثيراً ما كان العدو يباغت القرى الحدودية بالتسلل إليها ليلاً ودخول منازلها لاعتقال كل مَن ينتمي إلى حزبٍ معادٍ للكيان الصهيوني ويدعو إلى طرده من فلسطين. ولا يكتفي العدو بذلك بل يعمد في أحيان كثيرة إلى تفجير المنازل بعد اعتقال قاطنيها. هذا قبل الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان عام 1982 وما شهده من تنكيل ومجازر متفرقة بحق اللبنانيين وصولاً إلى مجزرتي قانا المروّعتين.

وفي فلسطين لم تبق جرائم العدو كما كانت، بل ازدادت حدّة باستهداف المستعمرين القرى المحيطة بمستعمراتهم وتفجير منازلها وطرد سكانها من بلداتهم. فضلاً عن عمليات الاعتقال الجماعية والمعاملة الوحشية للأسرى في معتقلاتهم والموثقة في سجلات منظمات حقوق الإنسان. وتكفي الجريمة الكبرى التي ارتكبها الصهاينة وهي اقتلاع شعب من أرضه وسلبها بقوة الحديد والنار وبتواطؤ عربي ودولي. وما تزال تلك الجريمة تتمادى حتى الآن.

لذا حتى لا تنقلب المفاهيم والمصطلحات والصفات ولا نقتل فلسطين مرتين.

"إسرائيل" كانت وما زالت رأس الإرهاب في العالم.