لتكون ردود الفعل بمستوى ردع الحدث
قرار ترامب بجعل القدس عاصمة لاسرائيل قد جاء في الوقت المناسب اذ حرك الماء الراكد كما يقولون بحيث الهب المشاعر ليس الفلسطينيين والمسلمين فحسب بل كل المحبين للسلام والاستقرار في العالم.
وردود الفعل التي جاءت بعد قرار ترامب سواء كان عن المستوى الاقليمي او العالمي يعكس مدى الرفض القاطع للسياسة الاميركية الهوجاء وقد يكون هذا القرار هو بداية النهاية لرسم العلاقات الدولية على اساس رفض استخدام اسلوب فرض الواقع على الاخرين.
وقد اشارت اوساط اعلامية وسياسية ان واشنطن قد عملت ومنذ احتلال العراق وافغانستان على ان تعيش المنطقة بحالة من عدم الاستقرار لاشغال الشعوب بمشاكلها الداخلية لتحقيق اهدافها التي رسمتها في الهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات هذه الشعوب. ولذا فانه ومنذ ذلك الوقت ولهذا اليوم اخذت واشنطن تخلق الازمات الواحدة بعد الاخرى ابتداء بالربيع الصهيوني والذي وبالرغم من ازالة بعض الطواغيت من الحكم الا انه اوجد شرخا داخليا بين الشعوب بحيث اخذ أمنها سواء كان الصراع الطائفي او العرقي او المذهبي، بحيث اعتبرت قنابل موقوتة يمكن ان تتفجر في اي لحظة، ولم تكتف واشنطن وحليفاتها من بعض الدول الذيلية في المنطقة امثال السعودية ومن لف لفها من ان تمارس دورا قذرا في ابادة الشعوب التي لا تنسجم توجهاتها مع التوجهات الصهيونية الاميركية والتي تمثلت بتشكيل المجاميع الارهابية الاجرامية وتقديم الدعم المادي والتسليحي لكن تبقى مصدر قلق ليس فقط للمنطقة بل وصل الى ان تشكل تهديدا خطيرا للعالم اجمع.
وكما يقال بان "الرياح تجري بما لا تشتهي السفن" فقد باءت كل هذه المحاولات بالفشل الذريع اذ تمكنت الشعوب بوعيها للخطر القادم وتمكنت ان تميت الفتنة في مهدها وذلك بالقضاء على هذه المجاميع الارهابية الحاقدة وبصورة وضعت ليس فقط واشنطن بل كل الداعمين خاصة الصهاينة في موقف قلق ومربك جدا لان العصا الغليظة التي كان يلوحون بها قد انكسرت والى الابد.
وبناء على ما تقدم فان قرار ترامب قد جاء ضمن هذا السياق خاصة وانه مدعوما بموافقة بعض دول التخاذل العربي الذين لفهم الصمت القاتل ولحد هذه اللحظة، ولكن والذي لابد من الاشارة اليه ان ترامب قد فعل حسنا لانه وبقراره هذا قد الهب الارض تحت اقدام الصهاينة وبصورة ليس فقط فجر الشارع الفلسطيني بل العالم اجمع اذ صدرت اصوات التنديد والرقص لهذا القرار وبشكل لم يسبق له مثيل.
الا انه وفي نهاية المطاف لابد ان القول ان الامر لاينبغي ان يقتصر على التظاهرات والندوات وعقد اجتماعات الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية وان لا لايكتفى برسائل التنديد التي سرعان ما تخبو ويذهب بريقها، مما يدعو الى تفعيل الانتفاضة داخل الارض الفلسطينية وبصورة يحافظ على استمرارها من خلال الدعم اللوجستي والمالي والسياسي والاعلامي، بالاضافة الى ذلك يعمل الى تشكيل مجاميع جهادية تستهدف المصالح الصهيونية والاميركية في المنطقة والعالم لتشكل حالة من الضغط الخارجي وان تكون ردود الفعل بمستوى ردع الحدث لتفرض على ترامب الاحمق ان يتنازل وبحالة من الذل والخيبة عن قراره الاهوج.