kayhan.ir

رمز الخبر: 67756
تأريخ النشر : 2017December08 - 19:28

ترامب يهود القدس في مولد النبي محمد (ص)


المحظور وقع ومخطط تيودور هرتزل الذي تجاوز عمره الـ120 عاما نفذ، بعد اعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقدس المحتلة عاصمة ل "إسرائيل" ونقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس، متخذة بذلك قرارا لم يجرؤ اي رئيس للولايات المتحدة قبله على القيام به منذ عام 1995 عندما اقر الكونغرس الاميركي قرارا بنقل سفارة واشنطن الى القدس، لكن جميع الرؤساء الاميركيين عطلوا القرار منذ ذلك اليوم، ولكن ماذا تغيرن خلال 22 عاما؟

ترامب لم يحترم الحكام العرب الذين يعتبرون انفسهم حلفاء لبلاده، واتصل بهم ليخبرهم قراره وليس ليستشيرهم، ضاربا بعرض الحائط تحذيراتهم وتنديداتهم وحتى رسائل بعضهم التي يرجونه فيها بأن لا يقدم على هذه الخطوة، وذلك خوفا على عملية السلام التي هي فعليا قد وأدت فلماذا يتكلمون عنها حتى الان؟ بالاضافة الى انهم خائفون على نظرة شعوبهم لهم، لانهم لا يزالون يحاولون خطب ود الاحتلال والتطبيع معه علنا، وخطوة الرئيس الاميركي ستؤخر التطبيع بضعة شهور لأن من يريد التطبيع لا تهمه لا القدس ولا الاقصى. ترامب لم يحترم ايضا مشاعر العالم الاسلامي ومن جاكرتا الى طنجة، ووقت قراره في ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه واله، ليحول هذا اليوم من تاريخ فرح للمسلمين لحزن على تهويد مسرى نبيهم واولى قبلة لهم.

الخطوة الاميركية لم تكن اعتباطية بل كانت مدروسة بدقة عالية، فمن ينظر الى خريطة الشرق الاوسط بعد 22 عاما من قرار الكونغرس بشأن القدس، يرى ان العراق منهك في بناء دولته بعد احتلال وارهاب دمر مقدرات البلاد. وسوريا جيشها منهك في حرب ارهابية فرضت عليها بالاضافة الى اقتصاد مدمر نتيجة هذه الحرب باهظة الثمن. اما مصر فهي منهكة بتأمين الطعام للشعب وسخرت لذلك جيشها للعمل في مصانع الطعام. ودول مجلس التعاون ملتهية معظمها في صنع الانقلابات الداخلية والحروب الخارجية بالاضافة الى تهيئة الارضية الشعبية للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، ودول المغرب العربي صراعاتها الداخلية تكفيها. اذن هذا هو الوقت المناسب فعليا لاتخاذ مثل هذه الخطوة، التي من اجلها دمر وانهك جميع من ذكرت.

ان قمنا الان باستفتاء على الشعوب العربية حول قرار ترامب بشان القدس كم عدد المتفاعلين والمتعاطفين سيكون؟ في سوريا مثلا كان خبر هبوط سعر صرف الدولار متداول اكثر بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي اكثر من خبر القدس، وهو نتيجة واقعية لحرب استمرت نحو 7 سنوات انهكت الشعب والهته عن قضيته المركزية، واكتفت معظم الشعوب العربية بتغيير صورة الحساب على الفيس بوك وتويتر للقدس عاصمة فلسطين، وكأنها مبارة كرة قدم بين ريال مدريد وبرشلونة ومشجع الفريق يضع شعار ناديه لفترة محدودة على حسابه وانتهى الامر.

ردة الفعل العربية يجب ان لا تقتصر على التظاهرات وتغيير الصور وهذه الامور التي لن تغير بالامر شيئا، بل يجب ان تتطور الى اعتصامات مفتوحة امام السفارات الاميركية بمختلف دول العالم، واضراب عام عن الطعام للشعوب العربية وقطع الطريق امام مقر الامم المتحدة في نيويورك بتظاهرات حاشدة يومية، ومقاطعة للبضائع الاميركية والاسرائيلية للاسف والتي تغزو اسواقنا العربية بكثرة. في بداية انتفاضة الاقصى عام الـ2000 ادت عمليات المقاطعة الشعبية العربية للبضائع الاميركية الى خسائر كبيرة لكبريات الشركات في واشنطن وهو ما جعل الولايات المتحدة تجبر الاحتلال "الاسرائيلي" على التراجع عن عدة سياسات اتخذها ضد الفلسطينيين، ووقتها تعاطف الشارع العربي بشكل كبير مع الانتفاضة وتضامن معها وتحول الشهيد البطل الطفل محمد الدرة، الى رمز لكل الاطفال العرب.

الولايات المتحدة راهنت على الشارع العربي السطحي الذي تشاهده عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن ما لا تعرفه ان الشارع العربي والفلسطيني يفاجئك بأي وقت، والاحتلال يكاد لم ينس حتى الان انتفاضة القدس التي اندلعت قبل اشهر قليلة وجعلته يتراجع عن قراراته بحق المسجد الاقصى، مجبرا ومرغما على هذا.

اتمنى ان تفاجئنا الشعوب العربية بتحركات تجبر ترامب على التراجع عن قراره، فلا حياة إنسانية بدون القدس ولا وجود لأمتنا بدون الاقصى.

ابراهيم شير