الصحف الأجنبية: طهران قادرة على التصدّي لأيّ تصعيد أميركي
سلّطت صحف أميركية بارزة الضوء على الصعوبة التي تواجهها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سعيها للتصعيد ضد ايران وإضعاف موقع طهران في المنطقة، ونقلت عن الخبراء أن إيران قادرة على مواجهة أي تصعيد قد تقدم عليه إدارة ترامب.
وفي سياق متصل، لفتت مواقع غربية الى مشاريع القوانين التي نوقشت في الكونغرس والتي تستهدف إيران وحزب الله، مشيرةً إلى أن ثلاثة مشاريع قوانين تمحورت حول حزب الله وأحدها يدعو الاتحاد الاوروبي إلى تصنيف الأخير "منظمة إرهابية".
على صعيد آخر، أشار باحثون أميركيون إلى أن ما يسمى "الحرب الأميركية على الارهاب" قد أثبتت فشلها بعد مرور ستة عشر عام على بدئها عقب أحداث الحادي عشر من أيلول.
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً لفت الى أن استراتيجية الرئيس الاميركي دونالد ترامب الجديدة التصعيدية تجاه إيران بدأت "تتصادم مع واقع توسع نفوذ طهران في الشرق الأوسط نتيجة الحرب على داعش"، بحسب تعبير التقرير.
وقال التقرير إن الانطلاق بالاستراتيجية الجديدة ضد إيران التي أعلنها البيت الأبيض تشير الى تحول هام في السياسة الاميركية تجاه الشرق الأوسط بحيث ينتقل التركيز "شبه الحصري على محاربة داعش" الى مساعٍ هادفة الى دحر إيران بعد أعوام "من التوسع الايراني في المنطقة"، وفق تعبير التقرير.
وأشار التقرير الى أن استراتيجية البيت الأبيض ضد إيران لا تطرح خطوات محددة حول كيفية مواجهة الوجود الإيراني على الأرض في العراق وسوريا وغيرها من الأماكن، ومن أن ذلك يطرح تساؤلات حول "مدى سهولة" التصدي للنفوذ الإيراني "دون نزاعات جديدة".
وتطرق التقرير إلى رد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على كلام وزير الخارجية الاميركي "Rex Tillerson" الذي دعا فيه قوات الحشد الشعبي الى مغادرة العراق، حيث رد العبادي بأن قوات الحشد الشعبي جزء من المؤسسات العراقية ويجب تشجيعها لأنها "أمل البلاد والمنطقة".
وحذر التقرير من أن ارتفاع حدة التوتر يحمل معه خطر العودة الى ما أسماه الحروب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، مشيرةً في هذا الإطار إلى الأحداث التي وقعت في منتصف العقد الماضي حيث قامت "الميليشيات التي تدعمها إيران" (وفق تعبير التقرير) باستهداف القوات الاميركية في العراق.
ونقل التقرير عن الباحثة في معهد دراسات الحروب المدعوة "Jennifer Cafarella" بأن طهران في موقع قوي يسمح لها بالتصدي لأي مساعٍ أميركية هادفة الى "الحد من تمددها". كذلك نقل عن الأخيرة بأن طهران لديها أدوات عدة يمكن أن تستخدمها في حال شعرت بالتهديد من إدارة ترامب.
كما نقل عن محليين أيضاً بأن أي مسعى لمواجهة إيران في العراق وسوريا سيكون له أثر "سلبي جداً على تواجد القوات الاميركية في المنطقة"، حيث لفت المحللون إلى أن الإيرانيين يحيطون القوات الأميركية في الشرق الاوسط، وأن العقوبات الاقتصادية وحدها لن تمس تمدد إيران الجغرافي.
*الكونغرس يكثف حملته ضد إيران وحزب الله
نشر موقع "Al-Monitor" تقريراً أشار فيه إلى أن الأغلبية الساحقة من المشرعين الأميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يواصلون المساعي لتمرير قوانين ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
ولفت التقرير الى أن مجلس النواب الاميركي قام بتمرير أربعة مشاريع قوانين أمس ضد برنامج إيران للصواريخ البالستية، وضد حزب الله.
كما قال إن "الصقور المتطرفين المعادين لإيران" في الكونغرس يواصلون الضغوط على إدارة ترامب من أجل فرض حظر على بيع طائرات مدنية أميركية إلى إيران من أجل تصنيف قوات حرس الثورة الايرانية بالمنظمة الارهابية.
التقرير أوضح أن ثلاثة مشاريع قوانين من أصل الاربعة إستهدفت حزب الله، والى أن مشروع القانون الاهم ضد الحزب يهدف الى قطع التمويل الذي يأتي من دول أجنبية مثل إيران.
ونقل عن المحللين قولهم إن هذا التشريع يركز أكثر على مسؤولية الأمم المتحدة "بنزع سلاح حزب الله ومنع عملياته العسكرية في لبنان". كما قال هؤلاء إن مشروع القانون هذا يلزم السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة بتأمين الدعم لقرار أممي يفرض العقوبات على حزب الله.
*فشل الحرب الأميركية على "الإرهاب"
كتب الباحثان في معهد "كايتو" "Erik Goepner" و"A.Trevor Thrall" مقالة نشرت على موقع "War on The Rocks"، شددا فيها على المؤشرات تدل على أن الأثمان التي دفعتها الولايات المتحدة من حيث فقدان الأرواح وغيرها بعد مرور ست عشرة سنة منذ أن بدأت أميركا "الحرب على الإرهاب" بعد أحداث الحادي عشر من أيلول تعني أن هذه الحرب لا تستحق العناء.
وقال الكاتبان إنه بات من الواضح أن التهديد المتمثل بالإرهاب "الإسلامي" لا يبرر حجم التدخل العسكري الأميركي الكبير في المنطقة، وأن الاستراتيجية العسكرية التي اتبعتها الولايات المتحدة منذ عام 2001 لم تفشل فقط بتقليص حجم التهديد وإنما جعلت الأمور أكثر سوءًا على الارجح.
وشدد الكاتبان على أن التهديد الارهابي للاراضي الاميركية لا يتطلب تواجدًا عسكريًّا أميركيًّا مستمرًّا في الشرق الاوسط أو جنوب آسيا، وعلى أن الاستراتيجية التي ركزت على الجانب العسكري في محاربة الارهاب لم تحقق الأهداف التي أعلنتها الإدارات الاميركية المتعاقبة.
كما أضاف الكاتبان إن المساعي الاميركية لم تؤدِّ الى تقليص حجم التهديد الارهابي في الشرق الاوسط، وربما تكون قد زادت من حجم هذا التهديد، ولفتا الى أن الولايات المتحدة وبعد مرور 16 عاماً على هجمات الحادي عشر من أيلول لم تهزم تنظيم "القاعدة"، بل ظهر تنظيم "داعش" وانتشر في أنحاء الشرق الأوسط. كذلك قالا إنه في عام 2000 تحدثت وزارة الخارجية الأميركية عن 13 مجموعة إرهابية "إسلامية" نشطة مع عدد مقاتلين يصل الى نحو 32,000.
وأشار الكاتبان الى أنه ومع حلول عام 2015، إن عدد هذه الجماعات ارتفع إلى 44 وعدد المقاتلين ارتفع الى قرابة 110,000، وازدادت الهجمات الإرهابية بشكل كبير في الدول التي تدخلت فيها أميركا بعد أحداث الحادي عشر من ايلول.
وتابع الكاتبان أن المفارقة "المروعة" هي أنه وعلى الرغم من أن التهديد الارهابي الذي تشكله هذه الجماعات للولايات المتحدة ليس بالتهديد الكبير اليوم، إلا أن التدخل الأميركي ربما جعل الأمور أكثر سوء لجميع الأطراف الاخرى.
كما قالا إن ترامب توعد بالنصر في أفغانستان لكنه لم يقدم الكثير من التفاصيل التي تدل على أن استراتيجيته ستحقق الأهداف الأميركية المرجوة.