أَمْرَكَة الرقة... الكرد واجهة
عباس ضاهر
ليست القواعد الأميركية الثماني المنتشرة في الشمال والشرق السوري مجرد مراكز عسكرية للمراقبة والرصد والتجسس والاعلام والمساندة والتدخل عند الحاجة. هي قواعد عسكرية مجهزّة بمقاتلين بأحدث الأسلحة والاليات التي تشارك عمليا وتدير مواجهات ضرب تنظيم "داعش” أو الضغط عليه وإجباره على المغادرة كما حصل في الرقة.
في الواجهة يبدو الكرد (وحدات حماية الشعب الكردي)، وفي قلب المعركة الأساسية يخوض الأميركيون المواجهات ويسلّمون الأكراد وحلفاءهم من العشائر العربية المناطق المحررة من الدواعش.
لا يقتصر العمل الأميركي على المهام العسكرية. على مساحات واسعة شمالا وشرقا يجول الضباط الأميركيون على البلدات ويلتقون العشائر العربية لإبداء حسن النية الكردية-الأميركية تجاه العرب الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من السكان. يقدمون المساعدات المادية والغذائية والمعنوية ويتوددون للسوريين من دون الأخذ بعين الاعتبار هواهم السياسي، سواء كانوا بعثيين او معارضين أو مقاتلين سابقين بتنظيمات ارهابية. انها محاولة جذب السوريين هناك الى مشروع ما في وراثة "داعش" الذي حكم المنطقة لسنوات.
هل هي الفدرالية؟ أم التقسيم؟ ام لفرض نفوذ أميركي؟ ام لاستبعاد عودة الدولة السورية الى الرقة واجهاض مشاريع البيئة الحاضنة لها؟ في جميع الحالات لا يقوم المشروع الأميركي هنا على أساس كردي-عربي، بل وفق منظور أوسع، قد يستند الى إثارة العامل المذهبي لوضعه في خدمة فصل الرقة عن الدولة السورية، ويهدف حضورا للاميركيين الذين يسيطرون من خلال القواعد الثماني على حقول نفط ومعادن وثروات طبيعية هائلة أهمها في منطقة الكُبَر، وقطع الطريق على روسيا وتركيا وايران.
لكن لماذا تدخلت السعودية الى جانب الولايات المتحدة الأميركية كما أظهرت زيارة الوزير تامر السبهان؟. هناك اهداف بالجملة أظهرتها طبيعة الزيارة، قد تكون لإبداء الشراكة مع الاميركيين في الرقة السورية وتعويض الخسائر التي لحقت بالرياض في شأن سوريا. او المباشرة بإعادة الاعمار في تلك المساحة السورية واستمالة العشائر العربية. الأهم ان الرياض ترى في الاكراد سبيلا لإستنزاف تركيا التي تخوض معها مواجهة صامتة وبالواسطة. كما تجد السعودية في عشائر الشرق سندا لها، خصوصا بعد فشل منصات الخارج المعارضة.
تعرف الرياض انها تحفظ دورها وحصتها من خلال الاندماج مع الولايات المتحدة، وتستفز الايرانيين والاتراك. تلك الخطوة تترجم من جهة ثانية صراع المحورين: التركي – القطري و السعودي-الاماراتي.
بالنسبة للأميركيين لا يهم هذا النزاع المفتوح وحدوده، بل المهم عندهم فرض نفوذ أميركي يظهر في أمركة الرقة الآن. ماذا بعد الرقة؟.