اميركا وسياسة الضباع الجائعة
بعد ان اصبحت داعش من الماضي في منطقتنا واصبح استفتاء كردستان خلف ظهورنا لما عولت عليهما اميركا في تنفيذ مخططاتها الجهنمية في المنطقة اسرعان ما تحركت الادارة الاميركية لايفاد وزير خارجيتها تيلرسون لخلط الاوراق في المنطقة بهدف ركوب الموجة سواء في تفعيل الازمة القطرية من جديد باعلانه انه من المستبعد حلها في الوقت القريب ليبقى هذا الملف مفتوحا خدمة للمصالح الاميركية، او الدفع باتجاه تشكيل مجلس تنسيقي بين الرياض وبغداد لاخراج العراق من الهيمنة الايرانية حسب ما اوردته صحيفة واشنطن بوست.
وبالطبع هذه ليست المحاولة الاولى لواشنطن في الفصل بين العراق وايران والعمل على التقارب بين الرياض وبغداد لكن ما هو مأمول هذه المرة وفقا للتصور الاميركي الخاطئ ان مشاركة تيلرسون وزير الخارجية الاميركي في الاجتماع الافتتاحي للجنة التنسيق السعودية ـ العراقية شخصيا قد يدفع بالطرفين لمزيد من العمل والتنسق وقد يكون وجوده حاجة ماسة للطرفين كشاهد على من سيتنصل اولا من الاستمرار في بناء العلاقة بين البلدين.
ولاشك ان الطرف السعودي وبناء على تجارب سابقة طرف غير موثوق تماماً كسيده الاميركي ناقض للعهود وناكث للمواثيق ولايمكن للطرف العراقي ان يثق به وبوعوده وكلنا يتذكر قبل تفجير الازمة السورية كيف زار الملك عبدالله دمشق واصطحب معه الرئيس الاسد الى لبنان لتدشين مرحلة جديدة استبشر بها الجميع وكان التفاؤل سيد الموقف بان المنطقة قادمة على مزيد الاستقرار والازدهار واذا بين ليلة وضحايا تنقلب الامور تماما على عقب وتنفجر الازمة ويكون الرصاص هو فصل الخطاب في تصفية الامور.
فعلى الجانب العراقي ان يكون حذراً جداً من الالاعيب السعودية الممزوجة بالخبث الاميركي، وهذا ما هو متوقع منه لانه اثبت ليومنا هذا انه خبير بما يجري حوله ولا يسمح لاعداء العراق الوقيعة بينه وبين ايران الجارة التوام والسند الاول والداعم الاساس للعراق شعبا وحكومة منذ سقوط الطاغية صدام وحتى اليوم ولولا ايران وبشهادة العرب والاكراد لسقط العراق بيد داعش ولتحققت كل اهداف اميركا والسعودية.
وعلى واشنطن والسعودية الخائبتين ان تدركا جيدا ان ما يجمع ايران والعراق من تحالف استراتيجي وقواسم مشتركة قل نظيره وقد لا تجده بين شعبين من شعوب العالم لذلك نقولها بصريح العبارة اذا استطاعت هاتين العاصمتين المتوغلتين في العدوان والحروب والارهاب ان يوجدا الوقيعة بين المرجعية الرشيدة والقيادات العراقية الوطنية المخلصة من جهة وبين ابناء الشعب العراقي من جهة اخرى فعندها من حقهما ان يحلما بالوقيعة بين ايران والعراق.
والجميع يعلم ان كل الجهود الاميركية الخبيثة منصبة لتفكيك المنطقة ومن السذاجة ان نصدق ما يقوله تيلرسون بان "اميركا تسعى لبناء عراق قوي بعيدا عن تاثير ايران". لا ندري هل نصدق الاقوال الاميركية ام افعالها على الواقع فالجميع يتذكر كيف سقطت الرمادي والموصل والاميركان وطائراتهم المسيرة كانت تتفرج على ذلك وعندما وصل داعش بالقرب من بغداد اعلن اوباما صراحتا انه لم يتدخل لانه شأن داخلي وان هناك خلافات بين المالكي وخصومه وهذا الامر تكرر لمسعود برزاني ايضا الذي استغاث ليلا بالاميركان خمس مرات دون ان يردون عليه وفي النهاية اتصل بايران وما هي الا ساعات ورجال ايران ومعداتها وعلى رأسهم الجنرال قاسم سليماني في مطار اربيل.
لكن الاهم من كل ذلك هو موقف الرأي العام العراقي الذي ينظر بسلبية كبيرة للطرف السعودي الوهابي ولايطمئن اليه بتاتا لانه ومنذ سقوط صدام وحتى اليوم لا تنفك السعودية الوهابية والمعجونة بالطائفية البغيضة عن عدوانه الآثم وعملياتها الانتحارية والتفجيرية التي ضربت العراق طولا وعرضا ودمرته عن بكرة ابيه وهذا ما اكدته الوقائع على الارض فاكثر الارهابيين الانتحاريين الذين دخلوا العراق هم سعوديون وان اكثر السجناء الارهابيين هم ايضا سعوديون!! فكيف لابناء العراق ان يصدقوا ان تنقلب السعودية بين ليلة وضحاها من وحش مفترس الى حمل ودود للعراق!! ولابد في نهاية الحديث ان نتطرق الى ما تناولته بعض وسائل الاعلام العربية والمواقع الاجتماعية بأنه عندما هدد بوش الأبن ايران انزلقت افغانستان باتجاه ايران وعندما هدد بوش الابن ايضا ايران انزلق العراق باتجاه ايران وعندما هدد اوباما ايران انزلقت سورية واليمن باتجاه ايران ولا ندري اليوم ان تهديدات ترامب المجنونة والمستمرة كم ستدفع من الدول باتجاه ايران واولها قطر ويليها السعودية وفي النهاية تكون زوال اسرائيل.