مصالحة معلومة الدوافع مريبة النتائج
قد لا يختلف اثنان على ان المصالحة الفلسطينية او اية مصالحة بين ابناء الشعب الواحد ليست امرا عقلائيا فقط بل لابد من التشجيع عليه ودفعه الى الامام لكن السؤال المطروح هنا ان طرفي المصالحة في القضية الفلسطينية هما كالخطين المتوازيين فحماس تعلن ان خيارها المقاومة وفتح السلطة يعلنان ان خيارهما الحل السلمي وهو في الواقع الاستسلام الذي لم يعد على الشعب الفلسطيني سوى المزيد من الويلات وتقديم التنازلات لدرجة ان محمود عباس يعلن في آخر خطاب له امام الجمعية العامة مؤخرا انه سلطة بلا سلطة والامر الآخر ان محمود عباس هو ليس اكثر من موظف لدى الدول العربية المنبطحة وليس مسموح له ان يقدم اي تنازلات لحماس للمضي بالمصالحة لذلك ستكون التنازلات من طرف واحد وهي حماس ان لم تكن حذرة ستقع في فخ اسلو وتصفية القضية شاءت ام ابت ذلك.
وما يزيد من الشك والريبة حول هذه المصالحة، التي كانت في الواقع ضرورة ملحة للطرفين حماس والسلطة فمن جهة ان السلطة مأزومة للغاية اذ لم تحقق منذ اسلو وحتى الان الى مكسب للشعب الفلسطيني ومن جهة اخرى ان حماس تعبت من ادارة غزة بسبب الحصار وتداعياته الكبيرة وكذلك الاجراءات التي تفرضها السلطة. لكن الاشد ريبة هو توقيت هذه المصالحة والضوء الاخضر الاميركي-الصهيوني الذي كان ليومنا هذا من الممنوعات وعليها الفيتو، الا ان سر هذا الضوء الاخضر لم يدم اكثر من 24 ساعة من وصول حمدالله رئيس وزراء السلطة الى غزة واستلامها حيث كشف الغطاء واعلنت اميركا وبعدها نتنياهو ان هذه المصالحة لم تتم الا اذا اعترفت حماس بـ "اسرائيل" وتخلت عن سلاحها اضافة الى قطع علاقاتها مع ايران واللافت اكثر من هذا ان السلطة سرعان ما تلتحق بهذا الركب لتعلن عدم رفع العقوبات عن غزة لتعتبرها الفصائل الفلسطينية انها انتكاسة في طريق المصالحة. والمؤلم ان عباس قد مهد لذلك مسبقا وسبق الاميركان والصهاينة بالقول "اننا لا نقبل بوجود فصائل المقاومة كالقسام وغيرها".
واذا لم تتدارك حماس الموقف فانها ستجد نفسها في مأزق صعب لا تستطيع الخروج منه ورحم الله امامنا الخميني كان يحذر المسؤولين الايرانيين باستمرار ما معناه اياكم ان تتراجعوا اية خطوة امام الاعداء، فالخطوة الاولى ستتبعها الخطوات اللاحقة وهذا ما خطط لحماس ان تمضي في سلسلة تنازلات من خلال الشروط الاميركية والصهيونية المعلنة ومعهما السعودية والامارات والبحرين المتلهفين للتطبيع العربي رسميا تمهيدا للصفقة التي يطبلون لها اليوم بانها "صفقة القرن" ان الهدف من تحقق هذه الصفقة هو التفرغ لايران ومعها محور المقاومة لانها العدو اللدود للكيان الصهيوني لذلك يجب التخلص منها كما تطبل لذلك وسائل الدول العربية المنبطحة وتشيطن ايران باستمرار بانها العدو وليست "اسرائيل".
السيد نصر الله وفي خطابه يوم عاشوراء استقرأ هذا المخطط الخبيث قبل ان يعلن بوضع النقاط على الحروف ويحذرهم من اية حماقة مستقبلية لانها ستكون كارثة على هذا الكيان وينقلب السحر على الساحر.