الامام المغيب الحاضر
ونحن في عشية الذكرى السنوية الـ 38 لتغيب الامام موسى الصدر ورفيقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، نتذكر هذه القامة العلمية الدينية الشامخة والرجل السياسي الذي فرض نفسه على الساحة اللبنانية كرجل يجمع بين كافة الاديان والطوائف ويتحدث باسم جميع المحرومين انه شخصية من الطراز الاول الذي تجتمع فيه كل الصفات الحميدة والاخلاقية ولايمكن للشعبين اللبناني والايراني وجميع شعوب المنطقة ان ينسوا هذا الرجل العظيم الذي نذر نفسه للبنان وللمحرومين بالذات وللقضية الفلسطينية وقبلها الثورة الاسلامية التي كان عضيدا لها لذلك كلما تتكرر الذكرى السنوية للتغييب القسري الذي تم على يد احد جلادي العصر المقبور معمر القذافي عام 1978، تزداد اللوعة ويزداد الحزن والاسى لهذا الحادث المؤلم الذي لم تكتشف بعد ابعاده وملابساته ولازال الغموض يكتنف جوانبه وهذا امر غير طبيعي ومتعمد وقد تتداخل فيه اجهزة استخبارات اقليمية وفي مقدمتها الكيان الصهيوني الذي كان يرى في هذه الشخصية الدينية التي اسست حركة امل خطرا عليه، لكننا وللاسف الشديد وحتى بعد سقوط القذافي لم نر اي تحرك جدي من النظام الجديد في طرابلس وان لم يستقر بعد هذا البلد نتيجة للتدخلات الدولية والاقليمية الذي مزقت ولازالت تمزق هذا البلد.
لكن السؤال المحير الذي يفرض نفسه كيف لاتستطيع السلطات الليبية الحالية ان تتوصل للخيوط التي تدلها على كشف مصير شخصية كبيرة كشخصية الامام الصدر الذي كان في زيارة رسمية وبدعوة من القذافي نفسه. انه امر يثير للشكوك وتزداد الريبة حوله من ان هناك وبالتاكيد اصابع خارجية تدفع بهذا الاتجاه لعدم كشف ملابسات هذا الحادث. ناهيك عن المناورات التي قام بها بعض ازلام المقبور القذافي ورجاله كالسنوسي الذي كان يتولى رئاسة استخباراته وآخرين للترويج بان سماحة الامام الصدر قد لقي حتفه بامر من القذافي وان جسده قد فقد اثناء قصف طرابلس وغيرها من السيناريوهات المفبركة في هذا المجال دون ان يعطي احدا دليلا واضحا على صحة ادعاءاته لكن ما يثير الغرابة والريبة التساؤل بشكل اكبر لماذا تروج محطات كالعربية والجزيرة واطراف مرتبطة بنظام القذافي اما نقلا عن مسؤولين في نظام القذافي او في حوارات معهم بان الامام الصدر قد تم تصفيته بامر من القذافي بعد ايام من وصوله الى ليبيا.
ان حكومة السراج الليبية مدعوة اليوم خاصة وانها باتت تجتاز تدريجيا حالة الفوضى والانقسام والتقاتل التي شهدتها ليبيا بعد سقوط القذافي ان تنظر بجد الى هذا الملف الانساني بكل مسؤولية ومسؤولية لان الكشف عن مصير الامام الصدر ورفيقه مطلب ايراني ولبناني وعربي واسلامي وانساني واي تماهل او تساهل في هذا الموضوع ستكون له عواقب ونتائج لا احد يتمناها، لذلك ينبغي ان تكثف هذه الحكومة من جهودها وتستدعي رجالات القذافي للتحقيق معهم لتحديد مصير الامام الصدر التي اعلنت كريمته السيدة حوراء الصدر امس الاول في طهران "باننا نسعى على مدى سنوات لاقناع الجميع بان الامام الصدر مازال حيا واننا لا نملك اي دليل يثبت عكس ذلك." مستندة في ذلك الى ما افاد به هانيبال نجل القذافي المعتقل في لبنان من معلومات حول قضية والدها ومكان اعتقاله والجهات الليبية المتورطة فيها مضيفة ان نجل القذافي لم يقدم في نفس الوقت اي دليل على استشهاد والدها طالبا اخلاء سبيله للتواصل مع الجهات الليبية وكشف مصير الامام الصدر.
يبقى على الحكومة الليبية ان تتحمل مسؤويتها القانونية والانسانية كاملة في فتح هذا الملف الانساني قبل ان يكون عربيا واسلاميا وتشكل لجنة في اعلى المستويات وبالتعاون مع ايران ولبنان كبلدين معنيين بالامر اولا للكشف وفي اقرب وقت ممكن عن مصير الامام الصدر وانهاء حالة الانتظار والترقب المضنيتين لان شعوب المنطقة لا تتحمل اكثر من ذلك تجاه مصير الامام المغيبب الحاضر.