خطاب الرئيس الأسد.. وسقوط أهداف الحرب الإرهابيّة
حسن حردان
عكس المضمون العميق لخطاب الرئيس بشار الأسد بالأمس في مؤتمر وزارة الخارجيّة السورية بحضور السلك الدبلوماسي السوري، الأبعاد الحقيقيّة للحرب الكونيّة الإرهابيّة على سورية، التي شنّتها الولايات المتحدة الأميركية والغرب الاستعماريّ والدول الدائرة في فلكهم بواسطة أدواتهم الإرهابيّة، والتي هدفت إلى إسقاط الدولة الوطنيّة السوريّة المستقلّة وإقامة دولة عميلة تابعة وخانعة. فمن يسيطر على سورية يسيطر على المنطقة ويعيد تشكيل خارطة العالم، ولو نحج الغرب في تحقيق هذا الهدف لتمكّن من إعادة تعويم مشروع هيمنته، وحال دون سقوط وانتهاء زمن الهيمنة الأميركيّة الغربيّة على العالم .
لقد أكّد خطاب الرئيس الأسد نجاح سورية في إحباط هذا الهدف الغربي، بفضل صمود قوّاتها المسلّحة وشعبها وبدعم من حلفائها، إيران وروسيا والمقاومة في لبنان. كما أكّد سقوط مخطّطات إثارة الفتنة وتقسيم سورية والسيطرة عليها، وتطهير سورية من الاختراقات التي كانت داخل الدولة السوريّة، لتصبح سورية أكثر تماسكاً ووحدة، وهو ما دفع الغرب الاستعماريّ إلى تبديل موقفه ولو جزئياً، لكنّ الغرب لا يمكن أن يؤتَمَن جانبه، لأنّ سياساته تنطلق من الهيمنة الاستعماريّة.
فالخطاب يمكن أن يُطلق عليه خطاب انتصار سورية في حربها الوطنيّة في مواجهة الحرب الإرهابيّة الاستعمارية لإخضاعها، طالما أنّ الحكم على نتائج أيّ حرب يتمّ من خلال نتائجها، كما أنّ الخطاب يمكن أن يُطلق عليه خطاب تكريس وتثبيت نهج سورية الوطنيّ القوميّ والعروبيّ التحرّريّ الاستقلاليّ، والالتزام بقضية فلسطين، وهو ما يؤكّد بأنّ ما حصل كان ثورة الجيش والشعب السوري ضدّ الإرهابيّين والعملاء والخونة، الذين لا يُعدّون سوى حثالة يرميها المستعمر في سلّة المهملات بعد استعمالها.
هذا الخطاب التحرّري المقاوم في العام 2017، يأتي ليتوّج انتصار الاستراتيجة السوريّة المقاومة في التصدّي للحرب الإرهابيّة، ورفض التفريط بسيادة سورية أو المسّ باستقلاليّة قرارها الوطنيّ، وهي الاسترايجيّة التي أعلن عنها الرئيس الأسد في خطابه من على مدرج جامعة دمشق سنة 2012، والتي ركّزت على محاربة الإرهاب بلا هوادة، ورفض أيّ تدخّل بشؤون سورية الداخليّة والتمسّك بالإصلاح الوطني، والحوار السوريّ السوريّ، وفتح باب المصالحات أمام من يريد العودة إلى حضن الدولة. وأيّ متابع يلحظ بوضوح أنّ هذه الاستراتيجية قد انتصرت وحقّقت أهدافها في تسريع القضاء على القوى الإرهابيّة، واليوم أصبح من الواضح أنّ الحرب ضدّ الإرهابيّين بات معظمها يتركّز في أطراف سورية، وأنّ الجيش العربيّ السوريّ بدعم من حلفائه يقترب من إحكام سيطرته على حدود سورية مع لبنان والعراق والأردن، بعد أن نجح في السيطرة على جزء كبير منها، محبطاً بذلك الخطط الأميركيّة لفصل سورية عن العراق ولبنان، بهدف منع التواصل بين أطراف حلف المقاومة. فيما تقترب سورية من تطهير أراضيها من الإرهابيّين، وإجبار القوات الأجنبيّة التي دخلت بدون موافقة الدولة بحجّة محاربة الإرهاب، على الرحيل عن الأرض السوريّة، لأنّ الإرادة السوريّة لا تقبل بوجود هذه القوّات وستقاومها باعتبارها قوات محتلّة في حال بقيت ورفضت الرحيل. فما عجزت عن تحقيقه الولايات المتحدة والدول الدائرة في فلكها على مدى ست سنوات ونصف السنة، لن تستطيع تحقيقه في ظلّ انتصار سورية قيادةً وجيشاً وشعباً.
إنّ خطاب الرئيس الأسد يصحّ القول فيه إنّه خطاب الرئيس المقاوم التحرّري الذي يرفض المساومة والمهادنة مع الأعداء، وهو يذكّرنا بخطابات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قبل وبعد انتصاره على العدوان الاستعماري الثلاثي عام 1956.
إنّ الرئيس الأسد بمواقفه التحرّرية الجريئة إنّما يعبّر عن تطلّعات جماهير الأمّة بالعودة إلى زمن العزّة والكرامة العربية، ورفض الخنوع والاستسلام، والتأكيد أنّ سلوك طريق المقاومة هو السبيل الأقصر للتحرّر من الاحتلال والاستعمار، وحماية وحدتنا وعروبتنا وإسقاط مخطّطات التقسيم والتفتيت والفتنة. وإنّ هذا الطريق الذي سلكته سورية بدعم من حلفائها، هو الذي انتصر وأسقط مشروع الغرب لفرض الهيمنة عليها