كيف تجاوز الجيش السوري الافخاخ الاميركية في مواجهته لـ"داعش"؟
شارل ابي نادر
لقد أصبح واضحا أن تنظيم "داعش" في سوريا يلفظ أنفاسه الأخيرة، أقله في باديتها وامتدادا حتى تخوم الحدود الشرقية مع العراق، وحيث تتسارع هناك سيطرة الجيش العربي السوري وحلفائه على مواقع التنظيم بشكل لافت وفعال، خاصة في شرقي حماه وحمص وجنوب الرقة وشمال السخنة، ينظر الاميركيون بامتعاض الى هذا التدحرج الدراماتيكي في خسارة التنظيم لمواقعه، في الوقت الذي ما زالوا (الاميركيون) يبحثون عن مناورة تؤخر ذلك، والهدف ايجاد او خلق البديل الذي سيسبق هذا الجيش للسيطرة على مواقع "داعش" المترنحة.
من هنا، لم يعد خافيا على احد تلك المناورات التي نفذتها الوحدات الاميركية، باستهدافها مباشرة الوحدات الشرعية السورية وحلفائها في العديد من المواقع والمناسبات، وذلك خلال المعركة المفتوحة ضد التنظيم في سوريا، والتي يمكن ذكر اهمها كالتالي:
- استهداف مواقع الجيش العربي السوري مباشرة بواسطة القاذفات الاميركية في جبل الثردة جنوب غرب مطار دير الزور بعشرات الغارات الجوية المركزة، وبعد سقوط عشرات الشهداء من هذا الجيش، تدفقت على اثر الضربة مئات العناصر الارهابية من "داعش" وسيطرت على موقع الثردة، والذي كان يشكل نقطة الارتكاز الاساسية في حماية المطار وفي المدافعة عن مدينة دير الزور.
- تنفيذ انزال خاطف من قبل الوحدات الخاصة الاميركية غرب الفرات في منطقة الطبقة، وتأمين نقل سريع لعدد كبير من قوات سوريا الديمقراطية، والتي سيطرت على الطبقة مع المطار وعلى تقاطع الطرق الاستراتيجي الذي يربط دير حافر شرق حلب بمداخل الرقة الجنوبية، والهدف ايضا وقف اندفاعة الجيش العربي السوري نحو الرقة.
- استهداف وحدات الجيش العربي السوري والحلفاء اكثر من مرة على تخوم منطقة التنف الحدودية مع العراق، وايضا بواسطة القاذفات الاميركية المقاتلة، والهدف فرملة الاندفاعة القوية لتلك الوحدات المستهدفة، والتي كانت تعمل لتحقيق الترابط الميداني مع القوات العراقية ووحدات الحشد الشعبي.
- الاستهداف المباشر من قبل القاذفات الاميركية لقاذفة سورية في منطقة الرصافة غرب محور الطبقة - الرقة، والهدف ايضا اعاقة وتأخير تدفق الوحدات الشرعية السورية التي كانت تسعى للسيطرة على مداخل الرقة الجنوبية، والتي تعتبر الاكثر حيوية واستراتيجية في معركة تحرير عاصمة "داعش" في سوريا بعد فصلها عن دير الزور ومحيطها.
ثابرت وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه على التقدم في الميدان رغم الاستهدافات الاميركية
بالرغم من هذه الاستهدافات المباشرة من قبل الوحدات الجوية الاميركية لوحدات الجيش العربي السوري ولحلفائه، والتي تعتبر فاعلة ومؤذية ومؤثرة في الميدان حيث كانت فاصلة في المكان وفي التوقيت، ثابرت وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه على التقدم، متخطية خسائرها في العديد وفي العتاد، وبثبات لا يختلف عن ثباتها خلال كامل سنوات الحرب على سوريا، تجاوزت اغلب تلك المواقع والنقاط التي تم استهدافها فيها بعنف من قبل الوحدات الاميركية، وتقدمت في البادية السورية انطلاقا من تدمر شرقا وشمالا وجنوبا، ووصلت الى الحدود العراقية شمال التنف، ووسعت نقاط سيطرتها محررة عشرات الالاف من الكيلومترات من "داعش" بفترة زمنية قياسية، وامتلكت عشرات نقاط الارتكاز في عمق البادية وعلى مداخل الشرق السوري.
بعد ان صُدِم الاميركيون لرؤيتهم هذه المواقع والنقاط التي حررتها وحدات الجيش العربي السوري مدعومة من حلفائها، والتي تؤهلها التقدم بعد تنفيذ مروحة واسعة من المناورات، حاولوا اعاقة هذا التقدم الذي اكتشفوا انهم عاجزون عن مواجهته باساليب الاستهداف المباشر، لجأوا وكعادتهم الى مناورة خبيثة تمثلت بالايحاء عبر اعلامهم العسكري المتمثل بالناطق باسم قوات التحالف، بانهم لا يمانعون ان تتقدم وحدات الجيش العربي السوري شرقا لمواجهة "داعش" في وادي نهر الفرات، والمقصود طبعا في ذلك، ما بين القائم ودير الزور مرورا بالميادين وابو حمام، و هدفهم كان من خلال هذه المناورة الاعلامية إبعاد وحدات الجيش العربي السوري عن التركيز على البقعة الشمالية الغربية من البادية في شرقي حماه وحمص، ومحاولة تحضير كمين او خدعة تسمح لاستهداف وحدات هذا الجيش في عمق البادية بين السخنة وبين دير الزور، وتشتيت جهوده قبل تحرير الارياف المذكورة من "داعش".
لم تمر الخدع الاميركية على قادة الجيش العربي السوري وحلفائه الروس والاقليميين
طبعا لم تمر الخدعة الاميركية على قادة الجيش العربي السوري وحلفائه الروس والاقليميين، وباصرار ذكي وبمناورة صادمة، تابعوا ضغطهم على الارياف الشرقية لحمص ولحماه، بالرغم من وجود امكانية مناسبة من الناحية الميدانية والعسكرية للتقدم شرق السخنة مباشرة باتجاه دير الزور، وها هي هذه الوحدات اليوم (السورية الشرعية مع الحلفاء) تكمل الخطوات الاخيرة في تشديد الحصار على عناصر "داعش" في ما تبقى له من مواقع في ارياف حماه وحمص، وها هو الجيش العربي السوري على الطريق لختم سيطرته النهائية على جميع مواقع "داعش" الداخلية قبل التوجه الى دير الزور، مستفيدا من عمق استراتيجي يتجاوز مئة الف كلم مربع، و متسلحا بجهود وبامكانيات اصبحت قادرة وبامتياز لاكمال تحرير ما تبقى من الجغرافيا السورية من الارهابيين ومن داعميهم.