لهذه الأسباب يعلو صراخ المرتبكين
معن حمية
معركة جرود عرسال بنتائجها، أربكت رعاة بعض القوى والشخصيات اللبنانية، وظهر الارتباك جلياً في مواقف وتصريحات توزّعت بين تشكيك بانتصار المقاومة، وبين تهويل بضغوط خارجية وحصار دولي وعربي على لبنان وحدوث تغييرات كبيرة!
غير أنّ تعبيرات الارتباك، على ما تحمل من إشارات سلبية، لم تؤثر إطلاقاً على احتفالية اللبنانيين بانتصار جرود عرسال ومتمّماته، فقد خرج أهالي بلدة القاع البقاعية، إلى جانب الوافدين من المناطق الأخرى، يستقبلون معاً خمسة مقاومين كانوا أسرى لدى المجموعات الإرهابية. وهذه من المشهديات التي أزعجت المرتبكين، التي تكرّرت في مناطق الجنوب اللبناني الذي أقام أعراس النصر للمقاومين المحرّرين.
لكن، ما هي أسباب الارتباك وماذا يستبطن؟ وما هي الغايات المضمَرة من وراء التشكيك في نصر جليّ، وما غاية التهويل على اللبنانيين؟
ما هو مؤكد أنّ مواقف التشكيك والتهويل، ليست من بنات أفكار مطلقيها، فهي تتزامن مع ارتفاع منسوب الكلام الجدي عن استعدادات تجري لبدء عملية عسكرية ينفذها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع، لاستكمال عملية طرد الإرهاب من الجرود اللبنانية كلّها، بما يؤثر سلباً على منظومة الإرهاب في سورية، وهذا أمر ليس في مصلحة القوى الدولية والإقليمية والعربية التي لا تزال تستثمر في الإرهاب.
اللافت أنّ انتصار المقاومة في جرود عرسال مثبت وواضح للعيان والملأ، ورغم ذلك تنطلق تصريحات تشكك في هذا الانتصار!
كما أنّ عملية التحرير التي تمّت، حظيت بزنّار نار إضافي وفّره الجيش اللبناني للمقاومة، وبالتفاف شعبي عارم وجارف، ومع ذلك تنطلق مواقف تهوّل بضغوط خارجية وحصار دولي وعربي وبحدوث تغييرات في المنطقة!
هنا لا يعود الشكّ في المشكّكين مجرّد احتمال، بل نتيجة منطقية، وإذا عدنا إلى مرحلة سابقة في لبنان، نجد فريق 14 آذار، بتفرّعاته كلّها وقد تحوّل ناطقاً رسمياً باسم «المجتمع الدولي»، وهذه الحالة التي نشأت في لبنان قبل عقد ونيّف، تدفع إلى إعادة طرح السؤال مجدّداً، وهو ماذا يريد «المجتمع الدولي» من لبنان في هذه المرحلة؟
في الوقت الراهن لا أجوبة حاسمة، لأنّ «المجتمع الدولي» الذي تقوده أميركا هو الآخر في حالة ارتباك وتصدّع، وغير قادر على فرض ما يريد… لكن مطلبه المستتر عدم وأد الإرهاب في الجرود اللبنانية، للإبقاء على خاصرة رخوة تهدّد سورية ولبنان في آن واحد.
وعليه فإنّ ما يسعى إليه رعاة المرتبكين، بات بلا جدوى، خصوصاً بعد كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي ثبت معادلة الجيش والشعب والمقاومة، في معركة الجرود المقبلة، والتي باتت قاب قوسين أو أدنى، وبالتنسيق مع الجيش السوري، وقوّض محاولة التسلّل الأميركية تحت عنوان مساعدة الجيش اللبناني، وهذا ما سيشكل حكماً هزيمة عسكرية للإرهاب وسياسية ومعنوية لرعاة الإرهاب وأتباعهم…