جنرال روسي يحذّر إسرائيل: حافظوا على التهدئة... وإلا
الاتفاق الأميركي ــ الروسي حول الجنوب السوري، وما أعقبه من تفاهمات بدأت تتبلور على امتداد الجغرافيا السورية، مسار مقلق ويحمل تهديدات، من ناحية إسرائيل. لم يعد خافياً أن الموقف الإسرائيلي رافض للاتفاق، بل هو معلن، وهي «تتحفظ»، من جملة ما تتحفظ عليه، على الدور الروسي كجهة مراقبة وضامنة، للاتفاق وتنفيذه الفعلي على الأرض.
من جهة إسرائيل، كي يمر الاتفاق ويحظى بـ«بركاتها»، يجب على رعاته الحرص على مصالح إسرائيل وتلبية مطالبها: إخراج إيران وحزب الله من الجنوب السوري، بل أيضاً من الجغرافيا السورية؛ إبعاد الجيش السوري عشرات الكيلومترات عن الحدود في الجولان؛ الالتزام بمنع الدولة السورية من ترميم قدراتها العسكرية؛ ونشر قوات مراقبة غير روسية تحظى بموافقتها. وهي شروط لا تتوافق بالمطلق مع ما يرد عن الاتفاق، فضلاً عن أنه لا يتوافق مع النتيجة العسكرية الميدانية للحرب السورية نفسها. لكن مع ذلك، ومع إدراك إسرائيل أنها غير قادرة على مواجهة اتفاق أميركي روسي، بدأت خطوات لتنفيذه في الميدان، إلا أنها أرسلت إشارات تهديد، ولمّحت إلى أنها في وارد تفعيل هذا التهديد أعمالاً عدائية، ما لم يسارع أطراف الاتفاق إلى مراعاة شروطها.
ويبدو أن التهديد الإسرائيلي وجد مساره إلى أذن راعي الاتفاق، وتحديداً الروسي، الذي لم يتوقف فقط أمام التهديد، بل أيضاً أمام «تحفظ» تل أبيب على دور روسيا، كجهة مراقبة للاتفاق... ما دفع إلى ردّ روسي في مستوى مواز للتهديد... وهو ما يثير فرضيات حول ما هو آت، وإن كان «بدء السجال» سيتحول في الواقع إلى أفعال.
القناة الثانية العبرية نقلت عن نائب قائد قوة المراقبة العسكرية الروسية في الجنوب السوري، العقيد ألكسي كوزين، تحذيراً لتل أبيب من شنّ هجمات وضرورة التقيد بالتهدئة المتبلورة في سوريا. وتشير القناة إلى أن كلام كوزين، وهو أحد كبار الضباط الروس في سوريا، ورد في سياق لقاء مع صحافيين روس، لم يخل من عبارات واضحة جداً: «روسيا وضعت شرطاً لهذا الاتفاق بما يتعلق بإسرائيل، وهو إن كان لديها (إسرائيل) حرية عمل حتى الآن في سوريا، فإننا نأمل منهم أن يراعوا التهدئة في الجنوب السوري، وإذا قررت إسرائيل أن تهاجم بقرار ذاتي منها، فنحن الروس، كطرف ضامن لتنفيذ الاتفاق، نعرف كيف نعالج هذه المسألة ونعرف ما يجب القيام به».
تضيف القناة العبرية تعليقاً على «تهديدات كوزين»، وبعبارات متهكمة على صانع القرار في تل أبيب، «قيل لنا» إن إسرائيل شاركت في بلورة الاتفاق بين الروس والأميركيين من خلف الكواليس، وهي أوصت الجانبين (روسيا وأميركا)، بتضمين الاتفاق مطالبها، وتحديداً إبعاد الجيش السوري وإيران وحزب الله عن حدودها، لكن يتبيّن من تفاصيل الاتفاق أنه لم يأت في مصلحة إسرائيل، والإشارات الواردة حوله ليست جيدة.
وتضيف القناة أيضاً أن إسرائيل أملت في موازاة انتشار القوات الروسية جنوباً، أن تبتعد قوات (الرئيس السوري بشار) الأسد وإيران وحزب الله عن الحدود، لكن يتبيّن أن ذلك سقط عن جدول الأعمال، والسوريون أعلنوا بشكل قاطع أنهم باقون هناك. و«باختصار، إسرائيل لم تنتظر هذا المولود».
إلى ذلك، كان للعقيد كوزين مواقف أطلقها خلال جلسة للجنة اتفاق خفض التصعيد الروسية في مدينة البعث في محافظة القنيطرة قبل أيام، من شأنها أيضاً أن تثير قلق إسرائيل. قال كوزين إن إسرائيل كانت ضد نشر نقاط ومواقع المراقبين الروس شمال القنيطرة، وكان موقفها سلبياً، لكن جرى وضع النقاط باتفاقيات دول كبرى... وهذه الخطوات إيجابية لوقف الحرب في جنوب سوريا، ووجّه نداء للمسلحين وردّ فيه أن محافظة القنيطرة ستكون آمنة قريباً جداً، ولدى المسلحين مهلة زمنية محدودة لتسليم سلاحهم وأنفسهم للسلطات السورية، وتسوية أوضاعهم بضمانة روسية.
يحيى دبوق