فايننشال تايمز: ابن سلمان لا مثيل له في "الغباء" وللأسف حفر قبره بيده
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن لعبة القوة الخطيرة التي تمارس في الخليج الفارسي اليوم سيكون لها انعكاسات كارثية، حيث تحارب السعودية وحلفاؤها دولة قطر في محاولة عدوانية لخنق سياساتها، وتنطلق أجراس الإنذار في جميع أنحاء العالم باستثناء البيت الأبيض الذي تدعم تغريدات الرئيس دونالد ترامب السعوديين.
وأضافت الصحيفة البريطانية في تقرير أنه من المؤكد أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني البالغ من العمر 37 عاما، الذي يتولى السلطة منذ أربع سنوات يعلم جيدا أهداف السعودية من وراء هذه الحملة الراهنة، خاصة وأن قمة الشهر الماضي في الرياض التي جنى فيها ترامب مئات المليارات من الدولارات عبر التجارة والاستثمار والأسلحة مع السعوديين وتحريضهم على قيادة جهاد سُني ضد إيران الشيعية يبدو أنه شجع المخيم السعودي على التحرك ضد قطر.
وأكدت فايننشال تايمز أنه مع تحكم محمد بن سلمان، نائب ولي العهد البالغ من العمر 31 عاما في المملكة السعودية بعد أن سلمه والده سلمان مفاتيحها في عام 2015، فإن الرياض بدون شك قد حفرت لنفسها حفرة كبيرة.
"الرياض غاضبة لأن قطر تحافظ على خطوط مفتوحة مع إيران، المنافس المرير للسعودية فيما يتعلق بالهيمنة الإقليمية".. هذه التهمة مريحة وجاءت في الوقت المناسب في ضوء حرب ترامب تجاه إيران لكنها ليست الأخطر، فسلطنة عُمان وإلى حد ما الكويت، أيضا تربطهما اتصالات جيدة مع طهران.
إن جذور الخلاف السعودي الحقيقية مع قطر هي أن الدوحة على مدى عقدين من الزمان، تخلت عن شرعية الملوك المطلقة في الخليج (الفارسي) والعلاقات الاستبدادية العربية العلمانية في الشمال.
وقد أعطت قناة الجزيرة الفضائية التي أسسها آل ثاني في عام 1996 صوتا للمنشقين الإقليميين والإسلاميين، وقد أغضب السعودية والإمارات بشكل خاص دعم الجزيرة لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة الإسلامية التي استولت على السلطة في مصر بعد سقوط حسني مبارك، إلا أن الجيش أطاح بها في عام 2013.
وكما قال والد الأمير الحالي حمد بن خليفة آل ثاني للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في عام 2009، عندما حثه الأخير آنذاك على وقف دعم حماس، فرع الإخوان في فلسطين: يجب على المرء أن يتذكر التاريخ جيدا.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن قراءة المملكة العربية السعودية للربيع العربي بالنسبة لقطر تمثل القطبية المعاكسة، حيث قمعت المعارضة ودعمت بالمليارات رعاياها وحلفائها الخارجيين مثل عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش الذي تولى السلطة في مصر وحظر الإخوان المسلمين، لكن بعد انهيار أسعار النفط، تقلصت هذه الهبة، والأمير محمد بن سلمان يغرق في إصلاح الاقتصاد.
ولا يمكن لأحد أن يطعن في طموح برنامج رؤيته لعام 2030 لفطم المملكة عن النفط وبناء القطاع الخاص، لكنه اضطر إلى الانقلاب عليه في غضون أشهر، واستعاد فوائد خفضت من موظفي الخدمة المدنية وموظفي الدولة، فعندما تمثل الرواتب العامة أكثر من نصف الموازنة، وتعتمد جميع الأعمال الخاصة تقريبا على إنفاق الدولة، فإن التخفيضات من هذا الحجم تعني انهيار الاستهلاك وكان ينبغي أن يكون ذلك واضحا بالنسبة لابن سلمان، لكنه لم يدركه.
ومن خلال تدخله في اليمن، كان الأمير محمد يقصد تنفيذ درسا قصيرا ليس فقط للشيعة الحوثيين ولكن أيضا لإيران وحلفائها في سوريا، لكن مضى أكثر من عامين، وأقوى دولة عربية لا يمكن حتى الآن أن تهزم أفقر دول العرب رغم العديد من الأسلحة الأميركية التي تشتريها. إلا أن نائب ولي العهد لم يسبق له مثيل سياسيا فهو ليس فقط يريد إذلال قطر لكنه هدد طهران الشهر الماضي بأنه سيعمل حتى تكون المعركة بالنسبة لهم داخل إيران.
وعلى ضوء ما سبق، هناك مجال واسع للحوادث التي قد تؤدي إلى التصعيد سواء عبر الالتحام بين إيران والسعودية مباشرة، أو عبر وكلائهم، أو نتيجة لتركيا حليفة الناتو التي تدعم جماعة الإخوان المسلمين وترسل قواتها لتعزيز حليفتها قطر.